حكاوى
رمضان وترسيخ المواطنة
ماذا يضير الناس لو أنهم كانوا على قلب رجل واحد فى كل أيام السنة وليس فقط فى شهر رمضان المبارك، ولماذا لا تكون السنة كلها رمضان فى الأفعال والتصرفات ولا أحد ينكر أن التسامح والإيثار والمودة والرحمة تسود بين عباد الله خلال هذا الشهر الفضيل، وفى الغالب تجد ظواهر كثيرة سلبية تختفى فى رمضان وسرعان ما تعود هذه السلبيات بانتهاء الشهر الكريم وهل الشهر الفضيل فقط فى السنة هو الذى يجمع الناس على قلب رجل واحد، ويتناسون ذلك خلال الشهور الأخرى؟!
الحقيقة، إننا فى حاجة شديدة وماسة وضرورية لأن يتحلى الجميع بالفضائل طوال العام وليس فقط فى رمضان، فالأخلاق والتصرفات الحسنة لا تعرف فقط رمضان وإنما يجب أن تسود كل شهور العام.
وما أتحدث عنه ليس وعظاً دينياً، وإنما هو بحث عن ضرورة القضاء على كل السلبيات التى تسود فى المجتمع كل يوم، ولا أحد يخفى عليه الكم الهائل من التصرفات الحمقاء التى ترتكب، وتجدها تكاد تختفى خلال رمضان، فلماذا لا تكون كل الأيام رمضان، حيث تسود الصفات الطيبة والتراحم بين عباد الله، فالتصرفات الصحيحة تحقق عالماً تنعم فيه الشعوب بالاستقرار والسلام والأمن والأمان.
ومرجعية الفضيلة تعنى النفع العام للجميع وبما يحقق خير البلاد والعباد وبداية الطريق نحو المستقبل الأفضل للشعوب، وهذا يتأتى من نشر مبادئ الخير والتسامح التى تعلو خلال شهر رمضان الكريم، بما يحقق إسعاد الانسانية جمعاء، ومن أجل مستقبل أفضل لصياغة منظومة أخلاقية راقية.
إن رسالة شهر رمضان تبعث على تعزيز قيم التسامح والتعايش السلمى والتناغم والالتقاء الثقافى والحضارى بين البشر، ويعضد ذلك مبادئ وأسس راسخة تقوم عليها نهضة الشعوب وتقدمها، واذا كان شهر رمضان يرسخ للمحبة والأمان والوئام وحرية العقيدة والمعتقد، فإن ذلك يرسخ مبدأ آخر مهماً وهو ترسيخ المواطنة التى تؤصل للقيم الانسانية، وتمد جسور الإخاء والصداقة. وتنزع فتيل الفرقة والأحزاب وتطفئ نيران الحقد والكراهية والتمييز، وتدعو الى الاجتماع على الأهداف والغايات النبيلة التى تنادى بالعمل من أجل اسعاد البشرية وبالتالى تقدمها وتحقيق نهضتها المنشودة.
كما أن أى شعب يسعى إلى الرقى والتقدم، لا بد أن يرفع شعار المحبة واحترام كرامة الانسان وحقوقه، المتمثلة فى الحرية والحياة الكريمة، كما أنه من الايمان الحقيقى أن نعترف بوجود اختلاف بين البشر، وان هذا الاختلاف غير قابل للإلغاء، ما يجلب بالتبعية التقدير والاحترام لكل إنسان، وبمناسبة شهر رمضان المعظم وجب ضرورة بناء جسور التعارف والتآلف والاحترام، ونشر المحبة بين بنى الانسان على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم.
العالم أجمع فى حاجة إلى فتح صفحة جديدة فى العلاقات الإنسانية، بهدف أكبر وهو الوقوف سداً منيعاً فى وجه التطرف الفكرى الذى يتسبب فى نتائج سلبية بشعة تدمر الشعوب وتمنعها من الرقى والتقدم، ولهذا وجب مواجهة التحديات التى تعترض سبيل الازدهار والرقى والتقدم ونشر الخير بين عباد الله خاصة وهذا ما جعلنى أنتهز فرصة شهر رمضان المبارك الذى يعد نواة حقيقية لنشر فكر التسامح والمودة، من أجل تحقيق الحلم الأكبر فى إحداث التنمية المستدامة التى تعد ركناً أساسياً فى بناء الدولة العصرية الحديثة التى بدأت مشوارها مصر منذ ثورة 30 يونيو، وبدأت فيها خطوات، حققت من خلالها نتائج طبية على أرض الواقع.. وإذا كانت فى رمضان مظاهر إيجابية كثيرة تتصدى لكل المظاهر السلبية، فلا بد من تحويل كل شهور السنة إلى رمضان لتحقيق كل الأهداف المرجوة.