بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

لله والوطن

سرطان ينهش جسد المجتمع

ما حدث مؤخراً من تجاوزات ارتكبها جمهور النادي الأهلي في إحدى مباريات كرة القدم.. وما تبعها من محاولات البعض صب الزيت فوق الحريق لتزداد نيرانه استعاراً.. وتورط هذا «البعض» في ارتكاب تجاوزات أفدح بظهورهم الإعلامي وهم يكيلون السباب والولوج في الأعراض بأحط الأساليب وأقذع الألفاظ.. ثم تحول الأمر الى «حالة عامة» من الانقسام والتراشق الاجتماعي.. في الشوارع والمقاهي والمجالس ووسائل المواصلات العامة.. وحتى داخل البيوت.. حول من على حق ومن على باطل؟

•• كل هذا يدل على شيئين مؤكدين

أولهما: أننا مازلنا نعاني مرضاً اجتماعياً عضالاً لم تفلح كل مؤسسات الدولة في محاصرته وعلاجه منذ يناير 2011 وحتى الآن.. وثانيهما: أن آلة التخريب والتدمير والهدم الممنهج لمجتمعنا ما زالت تنشط في ابتداع أساليب وأدوات للنفاذ الى قلب الوطن بطعنات قاتلة.. بغية تحقيق أهدافها وتنفيذ مخططاتها الشيطانية.. استغلالاً لحالة فقدان التوازن التي نعانيها طوال 7 سنوات ماضية.. ولظروف التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي نمر بها.. ولفوضى الإعلام والسوشيال ميديا التي ضربت ليس فقط المجتمع المصري، ولكن أيضاً كل مجتمعات ما يُعرف باسم دول «الربيع العربي».

•• المشهد واضح

وهو أننا نعيش حالة انفلات اجتماعي وانحلال أخلاقي عارمة.. بينما تنشغل الدولة بحرب علي كل الجبهات ضد قوى شريرة تتحالف ضدها.. أصبح القبح والانحطاط الأخلاقي والثقافي سرطاناً يفترس جسد المجتمع.. المنهك أصلًا.. ويهدد بانهيار كل هذا الجسد.. وإذا أردت أن تعرف سبب هذا المرض.. فتش عن العائلة.. الأسرة المفككة.. التعليم المنحط.. التجريف الثقافى.. انهيار القيم الأخلاقية والدينية.. سموم الإعلام الأصفر.. الغزو الفكري الخارجى.. فشل أجهزة الإدارة.. المنظومة الأمنية البالية التي تعتمد على فكر وأدوات عفا عليها الزمن.. فوضي استغلال تقنيات الاتصال المتطورة.. سوء توزيع الثروات وإهدار مبدأ العدالة الاجتماعية.. انتشار «الجهل المقنَّع» بين الفئات المتعلمة.. والأكثر تعليمًا.. توحش بعض الفئات واستغلالها الشعب لتحقيق أطماعها الشخصية.. وطموحها الجارف الى القفز لمنصات الحكم والسلطة.. وأضف إلي ذلك كله المخدرات.

لكل هذه الأسباب مجتمعة تنتشر البلطجة.. والتطرف الديني والفكري.. والهوس الجنسي والكروي والفني.. والشذوذ.. والاغتصاب.. والنهب.. والقتل.. والترويع.. والفحش.. والإلحاد.

•• ولنسأل أنفسنا:

لماذا يصر بعض الشباب منذ يناير 2011 حتي الآن.. على عدم الثقة في الدولة القائمة.. وأنهم- وحدهم- أصحاب الحق في تولي زمام القيادة ومقاليد السلطة باعتبارهم «أصحاب الثورة» الحقيقيين؟ لماذا يرفضون المشاركة والعمل.. ويرفضون كل ما هو «آخر»، بينما يجهلون أنهم غير قادرين علي تقديم النموذج البديل.. ولا يمتلكون إمكانيات وآليات ما يريدون فرضه غصباً وعنوة علي المجتمع؟!

لماذا يترك شاب بيته وأسرته.. وينزل إلي الشارع مستهدفا كنيسة يفجر نفسه على أبوابها ليموت متوهماً أنه يلقي الشهادة في سبيل الله والدين.. وأنه ذاهب بعمله هذا إلي الجنة.. حتي لو كان قد قتل أبرياء.. ودون أن يسأل نفسه: هل يجوز أو يعقل أن يكون هذا فعلاً هو الطريق إلي الله؟!

لماذا يخرج شاب بسلاح ناري أو أبيض قاطعاً الطريق.. ومروعاً للآمنين.. ومغتصباً لحقوق الغير.. وناشراً الفساد والخراب.. دون أدني رادع أو وازع من دين أو أخلاق أو ضمير.. وقد يفقد حياته أو حريته ويقضي عمره كله في غياهب السجون.. ولا يشعر للحظة واحدة بخوف أو حسرة أو ندم علي ما اقترفت يداه من خطيئة وإجرام؟!

وأخيراً.. لماذا يخرج شاب من بيته.. بعلم أو بغير علم أسرته.. متوجهاً إلي ملعب رياضي.. وبدلاً من أن يشجع فريقه يشارك زملاءه في ترديد الهتافات البذيئة والقبيحة متجاهلاً أو جاهلاً بفداحة الثمن الذي سيتكبده ويكبده غيره من وراء هذا العمل الطائش والغبي؟!

•• الإجابة هي:

لأننا نعيش في مجتمع مريض بالانفلات والانحلال الأخلاقي.. ولا يمكن أن يستمر الحال هكذا دون علاج.