إعلام القرن الحادى والعشرين (1- 4)
كثير من ناقلى الرسالة الإعلامية، خاصة مقدمى ومنتجى البرامج لا يعون خطورة المهنة التى يمتهنونها ما أدى إلى ظهور أشكال إعلامية تميز الأيام التى نعيشها عن الأيام السابقة فى القرن العشرين منذ أن عرفت المجتمعات العربية ما يسمى «ثورات الربيع العربى»، قبل حوالى ثمانى سنوات، لاحظنا أن الإعلام خاصة المرئى والإلكترونى أصبح له دور مهم فى عمليات الحراك المجتمعى سواء بالسلب أو بالإيجاب.
ويصنف الإعلام أو «الميديا» - كما يحلو للبعض أن يسميه - بأنه قوة من القوى الناعمة شأنها فى ذلك شأن الصحافة والفنون مثل المسرح والسينما والموسيقى والثقافة عموما وكذلك الرياضة لها تأثير فى تحديد الصورة القومية للدولة لكنها قوى غير مباشرة عكس عناصر قوة الدولة التقليدية كالموارد الاقتصادية والبشرية والسياسة الخارجية والقوة العسكرية ومن ثم إذا استطاعت الدولة توظيف عناصر قوتها بشكل صحيح، سواء المباشرة أو غير المباشرة، فان منحنى تقدمها ورقيها يرتفع والعكس صحيح!
ما يعنينا فى هذا المقام هو الإعلام باعتباره مكوناً من مكونات التنوير والتحضر أو دعونا نتفق أنه المسئول عن بناء الوعى أو تجريفه وأتذكر مقولة جوبلز وزير دعاية الزعيم النازى أدولف هتلر «أعطنى إعلاماً بلا ضمير أعطيك أمة بلا وعى» وهى مقولة صحيحة ترجمت واقعاً أثرت معطياته على الأداء الإعلامى ليس فى العالم العربى فقط بل فى العالم كله فى الثمانين عاماً التالية للحرب العالمية الثانية حتى ولو لم نشعر!
وفى المقابل كان لا بد من وجود نموذج مقاوم لفكر جوبلز، وهو أنه يصبح الإعلامى المهنى الصادق الملتزم بأخلاق وأمانة وضمير وقيم مهنته هو من يضع اللبنة الأولى فى صرح وجدان الأمة الواعية المتحضرة.
وهنا يتبادر إلى الذهن تساؤل هل هذا النموذج سائد فى عصرنا الحالى على ساحة الإعلام العربى؟ بمعنى أن القائم بالرسالة الإعلامية يسعى إلى البناء لا إلى الهدم؟
عندما نحلل مخرجات الأداء الاعلامى، سواء الإعلام العام أو الخاص والإعلام الإلكترونى وبشكل محدد «السوشيال ميديا» أو وسائط التواصل الاجتماعى نكتشف أن كثيراً من الرسائل الموجهة للجمهور تضل طريقها ولا تحقق الهدف منها وبعضها يصب فى النصف الفارغ من الكوب!
حيث يبت الإعلام الروح الانهزامية فى متلقيه رغم قدرته على بث الروح الإيجابية ويصبح لاعباً مهما فيما يمكن تسميته شركاء التنمية وعليه تبدو التفرقة واضحة بين الإعلام الساعى إلى البناء والآخر الساعى إلى الهدم! ونصل إلى نتيجة صادمة، أنه ليس كل المؤسسات الإعلامية لديها القدرة المهنية والفنية ولا السياسة التحريرية على أن تصبح شريكاً فى التنمية إذن نحن أمام نوعين الإعلام أحدهما سلبى والآخر إيجابى ونجد أن تطور الصراعات العالمية «الحروب» انتقلت فى القرن الحادى والعشرين إلى تصنيفها بالأجيال من حروب الجيل الأول إلى الثانى والثالث والرابع والخامس.. إلخ ما يهمنا أن حروب الجيل الرابع اعتمدت على القوى الناعمة فى تنفيذ عملياتها بين الخصوم وباختصار وهى حروب لا تستخدم فيها القنابل والطائرات ولكن تستخدم فيها الأفكار! وللحديث بقية فى الأسبوع القادم إن شاء الله.