لله والوطن
عجائب وألغاز الآثار المهربة
من مزايا «السوشيال ميديا».. وأحد عيوبها أيضًا.. سرعة النشر والانتشار.. في ثانية واحدة يصل الخبر الى مئات الملايين من البشر.. بكل اللغات.. هذه ميزة إعلامية كبيرة جدًا.. وهي في نفس الوقت عيب خطير إذا ما كان الخبر مغلوطًا أو كاذبًا أو مفتقدًا لمعايير الدقة والمصداقية.. ويكون تصحيحه أو إزالة أثره بالغ الصعوبة.. ولأن «السوشيال ميديا» أصبحت أمرًا واقعًا وراسخًا في ثقافة الشعوب وأدواتها المعرفية التي يصعب منعها أو ترويضها.. فقد بات على الدول والحكومات أن تبتكر وسائل للتعامل مع هذا الواقع.. بنفس القدر من السرعة والانتشار والتأثير.. ومن لا يفعل ذلك فلا يلومن إلا نفسه.
•• نقول ذلك
بمناسبة اللغط الدائر منذ أيام على مواقع التواصل الاجتماعي.. حول ضبط السلطات الإيطالية «حاوية دبلوماسية» جرى استخدامها في تهريب أكثر من 23 ألف قطعة آثار قيل أنها مصرية.. وهو رقم مذهل ومهول.. أثار الكثير من التساؤلات المشروعة والمنطقية.. حول كيفية تهريب هذه الكمية الضخمة من الآثار؟
كيف خرجت من مصر ولم يتم اكتشافها؟.. وكيف حصل المهربون عليها؟.. ومن هم؟.. وماذا يمنع أن تكون نفس الوسيلة قد تم استخدامها في تهريب آلاف القطع الأخرى من الآثار؟.. ثم ما الموقف الرسمي من ذلك؟.. ولماذا تتباطأ الدولة في التحرك رسميًا من أجل استجلاء حقيقة الأمر واسترداد الآثار المهربة ومحاسبة المتورطين في تهريبها؟.. وزاد من هذا اللغط أنه حتى مساء أمس الأول الجمعة لم يكن متوفرًا أي بيان رسمي بشأن هذه المصيبة.. حتى صدر بيان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية متضمنًا معلومات صادمة.
•• فماذا قالت الخارجية؟
يقول المستشار أحمد أبوزيد المتحدث الرسمي: إن مسئولًا بالوزارة استقبل القائم بأعمال السفير الإيطالي.. وطلب منه استجلاء كل الحقائق حول الواقعة.. وذلك في ضوء أمرين مهمين.. هما:
1ـ إن الضبط تم في مايو 2017.. ولم يتم إبلاغ السفير المصري بالواقعة إلا في مارس 2018.
2ـ أن الآثار المضبوطة كانت في حاوية دبلوماسية تخص شخصًا إيطاليًا.. ومن بينها نحو 118 قطعة مصرية فقط.. والباقي من دول وحضارات مختلفة.. ربما يكون منها العراق وليبيا وسوريا (وهي دول تتواجد فيها عصابات داعش).
معنى ذلك أن مصر تعلم بهذا الأمر منذ 3 أشهر.. وأنه وقع قبل 10 أشهر كاملة.. والعجيب أن أحدًا لم يسمع به إلا بعد نشره قبل أيام في الصحف الإيطالية.. والأعجب أن وزارة الخارجية لم تطلب من إيطاليا «إستجلاء الحقائق» إلا خلال الساعات الماضية فقط!
•• لماذا هذا التحرك البطيء.. المريب؟
ولماذا أيضا تركز وزارة الخارجية على أن عدد قطع الآثار المصرية المهربة يبلغ 118 قطعة فقط.. وليس 23 ألفا مثلما أشيع.. وهذا الرقم بالمناسبة صحيح لكن الوزارة تقول إنها ليست قطعًا مصرية.. بينما تتركنا حائرين.. ولم تعطنا إجابة للسؤال الأهم: هل هذه الحاوية الدبلوماسية خرجت من مصر؟.. وكيف؟.. وإذا كانت غالبية ما بها من آثار قادمة من سوريا والعراق وليبيا.. فكيف دخلت أصلًا الى مصر قبل أن يعاد شحنها الى الخارج مرة أخرى؟.. وهل هذا ينفي تورط جهات مصرية رسمية أو إيطالية دبلوماسية في هذه الجريمة؟.. وإذا ثبت ذلك فماذا نحن فاعلون؟