لله والوطن
لا تذهبوا غدًا إلى موسكو
هذا «الاستطلاع» الذى طرحته قناة «روسيا اليوم» التابعة للحكومة الروسية حول تبعية «مثلث حلايب» لمصر أو السودان.. ليس عملا مسيئا ومستفزا فقط.. بل هو تصرف دنىء يتجاوز كل الأعراف الدولية.. وينتهك كل القوانين والمعاهدات التى تقر باحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها.. كما أنه فوق ذلك خروج سافر عن القواعد والتقاليد المهنية التى تحكم عمل مؤسسات الإعلام.. ولا تقل لى إن هذه القواعد ربما تكون نسبية.. وإن ما نراه نحن خطأ قد يكون بالنسبة للآخرين شيئا عاديا.
•• فمن طرح هذا التصويت
يعلم تماما أنه لن تترتب عليه أية نتائج.. ولن يغير من الحقائق شيئا.. إنما قصد التشويش و«دق أسافين» بين الشعبين الشقيقين.. فى وقت تبذل فيه قيادة البلدين جهودا مضنية من أجل التصدى لمحاولات المساس بعلاقاتهما الأزلية والمصيرية التى يتفقان على أنها أقوى وأرسخ من أن ينال منها أى متآمر أو عابث أو عميل.
ولا نعلم أى فائدة يبتغيها «الصديق الروسي» من وراء هذا الفعل المرفوض.. شكلا وموضوعا؟!
•• لا عجب
فى أن نتوجه الى القيادة الروسية بطلب تفسير رسمى لهذا السلوك الشاذ.. عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية.. ويعلم الروس أنهم ليسوا بعيدين عن مثل هذه «الفتن»، وأن «بيوتهم من زجاج» فيما يتعلق بالحركات والموجات الانفصالية ونزعات التقسيم التى تعانيها دولتهم منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي.
ونعلم أن الرئيس الروسى «الصديق» فلاديمير بوتين هو من أشد الرافضين والمتصدين لهذه النزعات الانفصالية داخل بلاده.. ويخوض حربا طوال السنوات التى قضاها فى السلطة ضد هذه الحركات.. ومن أجل الحفاظ على وحدة أراضى الدولة المصرية.
•• لذلك
لم نجد أية مؤسسة إعلامية روسية طرحت استطلاعا للرأى مثلا حول منطقة شمال القوقاز.. «ثقب روسيا الأسود» التى تعد أكثر المناطق الروسية نشاطا للحركات الانفصالية منذ انهيار الاتحاد السوفيتى السابق.. ولا حول استقلال «سيبيريا» أو «تتارستان» أو «داغستان».
لن يفعل إعلام الدولة الروسية ذلك بالطبع.. ولا يمكن أن تسمح هذه الدولة لنا أو لغيرنا بأن يعبث بهذه القضية التى خاضت من أجلها حروبا ومواجهات عسكرية طاحنة.
ولم نجد أيضا فى أية وسيلة إعلام روسية استطلاعا للرأى بشأن أى من مناطق النزاعات والحركات الانفصالية فى الكثير من دول أوروبا على سبيل المثال.. مع الأخذ فى الاعتبار بالفرق الهائل بين هذه المناطق وحالة حلايب كمنطقة مصرية ذات سيادة كاملة لا تعانى من أية نزاعات أو حركات انفصالية عن الوطن.
•• لماذا لم تفعل «روسيا اليوم» ذلك؟
لأن فى هذا الدول حكومات تستطيع أن تتصدى بقوة لمثل هذا العبث.. ولا شك أننا فى مصر نستطيع ذلك أيضا.. فبالأمس طالب وزير الخارجية سامح شكرى بتوضيح رسمي لهذا الموقف.. ونطالبه بمزيد من التصعيد فى هذا الاتجاه.. وليكن القرار التالى هو تأجيل انعقاد اجتماعات وزراء الخارجية والدفاع بين مصر وروسيا (صيغة 2+2) المقررة فى موسكو غدا الاثنين.. فلا يذهب وزراؤنا الى موسكو لحين تقديم الجانب الروسى الترضية والاعتذار المناسبين عن هذا التجاوز والسفه.