لله والوطن
ليست معجزة
خبر ملفت بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط «الرسمية» منسوباً إلى «مصدر مسئول» بالبنك المركزي.. يقول إن مصر استطاعت خلال العام الماضي 2017 وحده سداد 30 مليار دولار من الديون والالتزامات المستحقة لجهات خارجية.. بما في ذلك سندات وديون خارجية لصالح بنوك دولية.. وودائع وقروض من دول والتزامات لجهات حكومية.. منها هيئة البترول.. وأقساط ديون نادي باريس.
< مثل="" هذا="">
قد يبدو في ظاهره مؤشرًا إيجابيًا للغاية.. ودليلًا على إنجاز كبير تحقق وخير وفير قادم من ورائه.. وما كان يجب أن يصدر بهذا الشكل منسوبًا إلى مصدر مجهول.. بل كان يستحق الاحتفاء والاحتفال به.. وإقامة الأفراح والليالي الملاح.
فعندما تستطيع مصر في عام واحد أن تسدد هذا المبلغ الذي يقترب من نصف قيمة إجمالي ديونها الخارجية.. التي كانت مقدره حتى يوليو من عام 2017 نفسه بنحو 79 مليار دولار.. بحسب مصادر رسمية أيضاً في البنك المركزي.. مع عدم تأثر احتياطي النقد الأجنبي الذي يبلغ 36.7 مليار دولار.. فهذا إنجاز مذهل لم يتحقق من قبل.. وهو يعني أن هناك «شلال» تدفقات نقدية أجنبية قد انفتح لنا من السماء.. بما ينبئ بتحسن وتحول ضخم في المؤشرات المالية.. أقل ما فيها هو إمكانية انخفاض التضخم بشكل كبير وعودة الجنيه المصري إلى قوته واسترداده «كرامته المفقودة» أمام العملة الأمريكية.. المفترية (!!).
<>
الغريب في الأمر.. أنه لم يحدث شيء واحد من هذا القبيل.. فلا التضخم هبط.. ولا الأسعار انخفضت.. ولا الجنيه «ربنا نفخ في صورته».. ولا شعر الناس بتحسن يذكر.. ولا نعلم أننا اكتشفنا مناجم ذهب في الصحراء الشرقية ولا أنهار بترول في الصحراء الغربية.. ولا زادت إيرادات السياحة والتصدير وقناة السويس وتدفقات العاملين في الخارج بهذا الحد.. وحتى حقل غاز «ظهر» في البحر المتوسط لم يبدأ انتاجه التجاري بعد.. كما أنه لو بدأ فلن يوفر لنا مثل هذا المبلغ في عام واحد.
أما الأغرب في الموضوع.. هو أنه بالرغم مما أعلنه مسئول البنك المركزي عن سداد الـ 30 مليار دولار هذه.. فإن البيانات المالية الرسمية مازالت مبنية على أن إجمالي الديون الخارجية يبلغ 79.03 مليار دولار.. ويمثل 33.6% من الناتج المحلي الإجمالي.. أي أننا سددنا ما يقترب من نصف قيمة الديون في عام واحد لكن الديون لم تنقص.
ما هذا اللغز(؟!).. وما هذه المعجزة (؟!).
<>
ليس في الأمر لغز.. ولا معجزة.. فهذا يعني شيئًا واحدًا.. وهو أن هذه الديون قد تم سدادها بديون أخرى.. أي أنه تمت عملية «استبدال» من خلال الاقتراض الخارجى لسداد هذه المديونيات.. وهذا ليس عيبًا.. ويحدث في أحسن الدول.. ولا تستطيع الدولة أن تفعله إلا إذا كانت ذات «جدارة ائتمانية» تؤهلها للحصول على المزيد من القروض لسداد مديونياتها.
< لكن="" كان="" يجب="" على="" «المسئولين»="" أن="" يقولوا="" ذلك..="" حتى="" لا="" يقع="" الناس="" في="" دوامة="" الشك="" أو="" المبالغة="" في="" فهم="">