لله والوطن
حديث الخيانة والانبطاح
هل هناك فعلاً الآن ما يمكن أن يطلق عليه البعض : «خطة سلام أمريكية جادة تعمل عليها إدارة ترامب»؟
وهل من اللياقة أو اللباقة.. أو الضمير.. أن يتحدث هذا «البعض» عن «السلام الأمريكي».. بينما تموج الشوارع العربية والإسلامية.. والدولية أيضا.. بعواصف الغضب والرفض للسياسات الأمريكية المقوضة لجهود السلام والتسوية العادلة للصراع العربي ـ الفلسطيني؟!
•• وصف وحيد
يمكن إطلاقه على أي حديث الآن عن جدية «مشروع السلام الأمريكي».. وهو أنه «خيانة مفضوحة».. ليس فقط للقضية الفلسطينية.. بل هو أيضا خيانة لحقوق كل الشعوب العربية والإسلامية.. و«انبطاح فج» أمام الجبروت والصلف الأمريكيين.. وهو كذلك خرق مخز للإجماع الشعبي والرسمي في العالم كله على إدانة قرار ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.. ذلك القرار الذي أنهى تماماً الدول الأمريكي في «عملية السلام».. والذي عزلت به الولايات المتحدة نفسها عن المجتمع الدولي.. لتكون على حد وصف وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي «ضمن الأقلية المارقة جنبا الى جنب مع دولة الاحتلال».
•• هؤلاء
الذين مازالوا يتحدثون عن مشروع السلام الأمريكي.. هل سألوا أنفسهم: أي سلام هذا الذي يمكن أن يرعاه أو يمنحه هؤلاء المارقون على أنقاض عروبة القدس.. وبعد أن نقضوا من الأساس كل العهود والمواثيق والقرارات والاتفاقيات والمرجعيات الدولية التي بنيت عليها كل الخطوات والمفاوضات السابقة لإيجاد سلام جاد وعادل.. يحفظ حقوق الفلسطينيين الوطنية المشروعة في إنهاء الاحتلال الاسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية على أراضي عام 67 بعاصمتها القدس وعودة اللاجئين؟
•• هل نسوا
أن هذه الحقوق هي التي تشكل أساس المبادرة العربية للسلام التي ارتضاها الفلسطينيون.. والعرب.. مسار لمفاوضات الحل السلمي للصراع.
بل.. هل تناسوا هذه المبادرة العربية أصلاً.. التي هي في حقيقتها مبادرة سعودية.. وذلك لحساب ما يعتبرونه «مبادرة أمريكية».. رغم أن كل ما تكشف حتى الآن من جانب واشنطن لا يرقى الى مستوى الإيحاء.. ولو من حيث الشكل.. الى وجود مشروع أو خطة حقيقية لحل يمكن أن ينال رضا وتوافق جانبي الصراع؟
•• الحقيقة
ان إدارة ترامب لم يظهر منها حتى الآن أي شيء ينبئ بجديتها في السلام.. بل هم يحطمون ويدمرون كل ما سبق بناؤه من إجراءات ثقة ومبادئ يمكن أن تقود الى أية تسوية سلمية.. ولا يخجلون حتى من الإفصاح بموقفهم المتشدد الداعم للطرف الإسرائيلي.
فكيف يكون هؤلاء جادين في دعمهم لعملية السلام بعد أن قفزوا على واحدة من أهم وأعقد ما كان يسمى بقضايا «الوضع النهائي» للتسوية.. وهي قضية هوية القدس وسيادتها.. ونسفوا بذلك أية أفكار يمكن تقديمها من أجل السلام؟ وكيف يكونون جادين أيضا في رعايتهم للمفاوضات.. بعد أن أغلقوا مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.. الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.. ومع من سيتفاوضون.. وعلى أي شيء يمكن أن يتفاوض الفلسطينيون بعد ذلك؟
•• وكيف يجرؤ أي من كان بعد ذلك أن يواصل حديثه عن وجود خطة سلام جادة لدى ترامب؟