ليست مفاجأة لأى فلسطينى!
ليست المفارقة فى أن الولايات المتحدة الأمريكية أغلقت مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطون، أو أنها لوحت بإغلاقه.. فما أكثر المواقف المماثلة التى اتخذتها إدارات أمريكية حاكمة متعاقبة، ضد المصالح العربية، إذا ما كانت اسرائيل طرفًا فى الموضوع!
ولكن المفارقة فى أن الطرف الفلسطينى يبدو من رد فعله على قرار الإغلاق، أو التلويح باتخاذه، وكأنه فوجئ به، أو كأنه لم يكن يتوقعه، أو كأنه توقع شيئًا مختلفًا!
والتجربة الطويلة لابد أنها قد علمت الفلسطينيين أن الأمريكيين فيما يخص القضية، ليسوا طرفًا نزيهًا، ولاهُم طرفاً عادلاً، إذا ما جلسوا على مائدة تضم فلسطينيًا وإسرائيليًا!
ليسوا كذلك.. وتاريخ القضية يقول بهذا ويسجله!
وليس هناك فى هذا المقام، ما هو أصدق من عدد صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، الذى صدر يوم 15 مايو 1998، فى ذكرى مرور خمسن عامًا على قيام إسرائيل كدولة رسميًا!
ففى ذلك اليوم جربت الصحيفة أن تتقصى الطريقة التى تعامل بها الرؤساء الأمريكان المتعاقبون، مع إسرائيل، على مدى نصف قرن من عمر القضية، وقد تبين لها، وهى تتقصى وتسجل نتائج استقصائها على صفحاتها، أن قاسمًا مشتركًا أعظم يربط ما بين هؤلاء الرؤساء جميعًا، ودون استثناء واحد، ابتداء من أول الرئيس هارى ترومان الذى قامت إسرائيل فى عهده، وعلى يديه، وانتهاءً بالرئيس بيل كلينتون الذى كان فى البيت الأبيض يحكم، يوم أن صدر ذلك العدد من الصحيفة!
لم يشذ منهم رئيس واحد!
وكان القاسم المشترك الأعظم، أنهم ملتزمون بأمن تل أبيب، كل واحد على حدة طبعًا، وبشكل معلن، ومكتوب، وأكاد أقول سافراً!
كانت نيويورك تايمز تقول فى عددها، إن الرئيس فلان قال كذا، عن طبيعة علاقة إدارته بإسرائيل، وأن الرئيس علان قال كذا.. ولم تكن كذا هذه تختلف من رئيس منهم لآخر، إلى درجة تشعر معها أن كل رئيس سابق يوصى كل رئيس لاحق، بما سيكون عليه أن يتصرف به، إذا ما كان الشأن المعروض عليه شأنًا إسرائيليًا!
ولم يكونوا يحيدون عن الطريق المرسوم فى كل الحالات، وكانوا يختلفون فى كل شيء، وفى كل ملف، وفى كل قضية، إلا قضية الانحياز إلى إسرائيل!
فإذا ما ظننا أن إغلاق المكتب، أو التلويح بإغلاقه، قرار مفاجئ، أو جديد من نوعه، فنحن لا نقرأ ما كان على طول الطريق من عام 48 إلى اليوم!
ولايزال موقف العرب فى 6 اكتوبر 1973، دليلًا على أنهم ليسوا ضعفاء إلى هذا الحد الذى يتصوره العم سام فى أمريكا!
لسنا ضعفاء ونستطيع أن ننصر القضية مرتين، مرة لهذا السبب، ومرة لأنها قضية عادلة!