بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

المتلقى فى زمن العولمة!

تناولنا فى مقال الأسبوع الماضى الإعلام فى زمن العولمة وحذرنا من العولمة السياسية فيما رحبنا - مع التحفظ - بالعولمة الإعلامية على اعتبار أن للأولى تأثيرات سلبية على فكرة الدولة القومية، وأنها تضعف من عقيدة  الانتماء الوطنى، وقلنا إن العولمة من النوع الثانى المتعلقة بالإعلام تقبل بشروط المستقبل وليس بشروط المرسل حتى لا يصبح المتلقى أسيرا لمحتوى الرسالة الإعلامية لبعض الجهات.

ويظل جهاز التحكم عن بعد - الريموت كنترول - الفيصل فى قبول أو رفض الأفكار الوافدة سلبية أو إيجابية والتى يمكن أن تمرر عبر الأخبار والوثائقيات والدراما والبرامج الحوارية، ولهذا عظم الاهتمام بموقع «يوتيوب» لأنه يحوى ثروة هائلة من صور مرئية للأحداث الكبرى فى العالم ووجد أن كثيرا منها تتم بواسطة هواة وليسوا محترفين ورغم ذلك تظل مصدرا مهما للمعلومة المطلوب تدقيقها فى اللحظات الأولى لوقوع الحدث.

وقد استوعب الإعلام الجديد أو الإعلام الاليكترونى هذا الدرس وخصصت المواقع الاليكترونية الإخبارية على صفحتها الرئيسية رابط النقل المرئى واعتمدت آليات سريعة الحركة للتواجد بقلب الحدث لحظة وقوعه، ولهذا نلاحظ أن بعض المحطات التليفزيونية تستخدم صورا منقولة من مواقع إخبارية اليكترونية لأحداث تقع هنا أو هناك ريثما يصلها مادتها الإخبارية من مراسليها وطواقمها الميدانية .

ويمكن القول إن الثورة الاتصالية جعلت من الإعلام صناعة ضخمة ومهمة فى سرعة تشكيل الرأى العام أو دعونى أقول سرعة التأثير على «المزاج العام» للمجتمع ما جعل الإعلام فى السنوات الأخيرة يؤدى دورا مهما فى إيقاظ وعى الجمهور وفى الوقت نفسه قد يساهم الإعلام فى فقدان هذا الوعى أيضا عندما يكون التركيز على الخرافات والغيبيات وإلهاء الجمهور عن قضايا حياتهم وهنا نتساءل: أليس هناك تأثيرات سلبية للعولمة الإعلامية؟

من وجهة نظرى هناك ستة مؤثرات سلبية لظاهرة العولمة أمكن رصدها تتطلب وضع ضوابط من قبل متخذى القرار ومخططى السياسات إعلامية فى المجتمعات المستقبلة للأفكار الوافدة:

1 - التدخل فى الشأن الوطنى للدول طالما أصبح الفضاء متسعا ويعج بالأقمار الاصطناعية ومن برامج موجهه على أقمار تسير فى  نفس مدارات الاستقبال المحلى.

2 - أصبح من السهل تسلل الأقمار الوافدة إلى العقل والفكر العربى عبر الفضائيات وشبكة المعلومات الدولية – الإنترنت - خاصة فى  مواقع التواصل الاجتماعى وأهمها «الفيس بوك» و«تويتر».

3 - دخول الخطاب الإعلامى إلى مناطق تتسم بالحساسية مثل السياسة والدين والمعتقدات والعادات والتقاليد وقيم المجتمعات المحلية.

4 - ظهور قطاع من الشباب فى أغلب الدول العربية يعطى الأولوية للانتماء للعالم الافتراضى بدليل أن الرابطة النفسية بين الشخص وهاتفه النقال باتت ظاهرة مرضية – بفتح الميم – وأصبحت مطالعة الهاتف عادة يومية منذ أن يستيقظ الشخص حتى ينام فى آخر الليل.

5 - تراجع حجم المشاركة السياسية خاصة من قبل القطاع السنى الممتد من 18 عاما إلى 30 عاما فى العزوف عن التوجه لصناديق الاقتراع فى الانتخابات والاستفتاءات العامة.

6 - تراجع  مشاعر الدفء الأسرى الاجتماعى حتى وصل للعلاقة بين الزوج وزوجته وبين الوالدين والأبناء ما أثر على العلاقات الاجتماعية وأضر بتربية النشء.

ولهذا يصبح من الضرورى أن تهتم المؤسسات الإعلامية بتعظيم ايجابيات ظاهرة العولمة الإعلامية وتجنب آثارها الجانبية، واتخاذ السبل والآليات كافة التى تحد من أضرارها ويبقى سؤال سأتركه بلا إجابة هل أدرك القائمون حاليا على الإعلام الوطنى خطورة هذه التأثيرات وخططوا لكيفية التعاطى المستقبلى معها؟