بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

العولمة والإعلام والهوية!

هل فقد الإعلام هويته فى ظل التطور التقنى الذى شهده العالم فى الثلاثين سنة الأخيرة؟ أو بعبارة أخرى هل تراجع المفهوم القومى المحدود بعد أن تحول  العالم إلى قرية صغيرة؟ ينظر كثير من الدراسات المتخصصة فى العلوم السياسية وعلوم الإعلام إلى فكرة العولمة على أنها الخروج من الإطار المحدود إلى النطاق اللامحدود الأمر الذى يفرض نسقاً قيمياً مختلفاً عن عادات وموروثات الشعوب وما يعد تخطياً لما يمكن تسميته الفكر القومى إلى الفكر العولمى.

 وإذا كنت أتحفظ على العولمة السياسية لأسباب تتعلق بالهوية والانتماء والاستقلالية الوطنية، قد نتحدث عنها فى وقت لاحق فإننى أرحب بالعولمة الإعلامية فى مجال الخدمات الإخبارية وتبادل الأفكار والخبرات وحوار الحضارات التى يمكن أن تضع العالم كله عند إطراف أصابعك من خلال أجهزة الريموت كنترول والحاسوب والهاتف النقال.

على أى حال ساعد على تأكيد هذا المفهوم التقدم التكنولوجى الهائل فى كل مجالات حياة الإنسان بما فيها مجال الاتصال الجماهيرى (الإعلام) أو الميديا كما يحلو للبعض أن يسمى الإعلام وترتب على هذا أن العالم أصبح قرية صغيرة ووضح هذا فى عالمنا العربى خلال العقود الثلاثة الأخيرة منذ بداية التسعينات من القرن الماضى عندما اتسع نطاق استخدام الإنترنت والتقدم السريع والمتلاحق فى تقنية الهاتف المحمول، حيث تغير مفهوم الخبر من تغطية الحدث فور وقوعه إلى تغطية الحدث لحظة وقوعه، وأصبح فى مقدور المتلقى متابعة أحداث فى وقت وقوعها سياسية ورياضية وكوارث طبيعية وإنسانية طارئة أو غير متوقعة أو ما يعرف بالأخبار العاجلة بلغة العاملين فى مجال الأخبار.

وأهم مثال اعتداءات الحادى عشر من آيلول / سبتمبر عام 2001 على مركز التجارة العالمى فى نيويورك وغزو القوات الأمريكية لبغداد فى 21  مارس 2003 وإذا كان الأمر كذلك فى الأحداث الطارئة فما بالكم بدقة النقل فى الأحداث المتوقعة مثل لقاءات الدول وتنصب الرؤساء، ومنها حفلا تنصب الرئيس الأمريكى ترامب والرئيس الفرنسى ماكرون هذا العام 2017 ومن الأحداث الطبيعية كسوف كلى للقمر فى أمريكا الشمالية مؤخراً وهى ظاهرة كونية تحدث على فترات متباعدة.

إن كل هذه الأحداث يشاهدها فى نفس اللحظة مليارات المتابعين من سكان كوكب الأرض وأغلبها على الهواء وساعد على انتشار هذا النوع من التغطية الإعلامية استحداث ما يسمى «صحافة المواطن» أى أن كثيراً من الصور الأولى المنقولة للحدث الطارئ يصورها مواطن عادى سواء بكاميرته الشخصية أو بهاتفه النقال خاصة فى الأحداث المتعلقة بالإرهاب، وأصبحت وسائل الإعلام تعتمد عليها لسد الفجوة الزمنية الناجمة عن عملية انتقال فرق التصوير التليفزيونى إلى مواقع الأحداث سواء كانت بعيدة أو قريبة.

ولهذا عظم الاهتمام بموقع يوتيوب لأنه يحوى ثروة هائلة من صور مرئية للأحداث الكبرى فى العالم ووجد أن كثيراً منها تتم بواسطة هواة وليسوا محترفين.

وقد استوعب الإعلام الجديد أو النيو ميديا هذا الدرس وخصصت المواقع الإليكترونية الإخبارية على صفحتها الرئيسية رابط النقل المرئى، واعتمدت آليات سريعة الحركة للتواجد بقلب الحدث لحظة وقوعه، ولهذا نلاحظ أن بعض المحطات التليفزيونية تستخدم صوراً منقولة من مواقع إخبارية اليكترونية لأحداث تقع هنا أو هناك ريثما يصلها مادتها الإخبارية من مراسليها وطواقمها الميدانية.