بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

راديو الرئيس!

كنت فى السيارة صباح الأحد الى وسط البلد، وكان السائق يفتح الإذاعة علي راديو مصر، وحين جاء وقت موجز الأنباء، كان ترتيب الأخبار فيها على النحو التالى:

الخبر الأول عن إلقاء الرئيس كلمة فى افتتاح احتفالية مرور مائة وخمسين عاماً، على بدء الحياه البرلمانية فى مصر!

وجاء الخبر الثانى عن استقبال سامح شكرى، وزير الخارجية، فؤاد السنيورة، رئيس وزراء لبنان الأسبق، وتأكيد الوزير شكرى على تمسك مصر بوحدة الدولة اللبنانية!

وأما الخبر الثالث فكان عن طرح وزارة الإسكان، كراسات الشروط لبيع وحدات إسكانية فى مدينتى، وفى امتداد مدينة الرحاب!

وفيما بعد ذلك جاءت أخبار عالمية عن الأحوال فى اليمن وفى افغانستان!

وقد لاحظت أن السائق قد حوّل المؤشر الى إذاعة أخرى، عندما أشار  لمذيع الى أنه سينهى الموجز بأهم ما ورد فيه من أخبار!

وحين تطلعت الى معالم وجهه قرأت فيها الأسباب الخفية التى دعته الى تغيير المؤشر فى عصبية.. وكانت الأسباب تعود فى ظنى الى أن الذى رتب الأخبار قد راعى أن يخاطب السلطة، قبل أن يراعى مخاطبة  المستمع، فالعقل، والمنطق، وأصول المهنية السليمة، تقول كلها، إن مستمع إذاعة راديو  مصر يتوقع منها أن يكون اسمها على مسمى، وأن تبدأ موجز أنبائها بالتالى، بخبر الوحدات السكنية، لا بغيره، ليس عن تقليل بالطبع من خبر الرئيس، وإنما لأن الطبيعى جداً أن ينصرف اهتمام المستمعين فى عمومهم إلى ما يهمهم بشكل مباشر، والى ما يتصل بشئون حياتهم اليومية، وإذا لم نتوقع منهم ذلك فى خطابنا الإعلامى، فنحن نعرف فيما يفكر الناس، وإن ظننا أننا نعرف!

الرئيس ليس فى حاجة أبداً الى نفاق يجعل كل خبر من أخباره، حتى ولو كان خبراً رسمياً مجرداً، فى صدر كل نشرة أخبار، دون أى مبرر موضوعى، ولو جاء ترتيب خبر الاحتفالية البرلمانية بعد خبر الوحدات الإسكانية، لكان فى موضعه تماماً، وما كان فى ذلك أى انتقاص من الشأن المحفوظ لرئيس الدولة!

ولو سُئل الرئيس نفسه، فسوف يفضل بالتأكيد، تقديم الأخبار التى تهم عموم المواطنين، على الأخبار الرسمية التى تتصل بتحركاته هو، خصوصاً وأن الأخيرة تصاغ بطريقة جامدة تجعلها فاقدة الروح!

لانزال فى حاجة الى أن ندرك أن الخبر يكون مهماً، لأن فى تفاصيله ما

يهم الناس، والناس وحدهم، وأن الخبر المتعلق برأس الدولة يتحرك فى أى نشرة أخبار، أو فى أى وسيلة إعلام، بقدر مافيه من هذه التفاصيل، وليس بقدر أى شيء آخر!

المواطن له عقل لا بد من احترامه، وليس جهاز روبوت يستقبل كل ما نذيعه عليه فى تسليم!