أم جهل وعصر صناعة الصراصير
توغلت « أم جهل» فى المشهد الثقافى المصرى، واصبحت تتكاثر أكثر من صراصير البلاعات، تتحدث بجهل وتفتى فى أى شىء وتتقافز بين أروقة الندوات وهى تبتسم بفمها الذى يسح غباءً ومكرًا وخبثًا، وأصبحت صورها تتناقل فى المواقع الاخبارية بصفتها إحدى القيادات الثقافية المهمة والمؤثرة، وذلك لأن أبناء الحلال وضعوها فى أحد المناصب الثقافية لإحدى هيئاتنا الموقرة، وبالتالى فقد أصبح من حقها أن تفعل ما تشاء وتقول ما تشاء.
واحدة منهن واحدة سافرت كى تمثل مصر- سبحان الله - وتتحدث عن السرد العربى فى المشهد العالمى، ولأنها قرأت جيدًا السرد المصرى وبالتالى العربى وتستطيع ان تتحدث عن موقعه ورموزه فى الأدب العالمى، ولأنها لم تكتب حرفًأ من قبل لعمل إبداعى، ولا تعرف الفرق بين الألف وكوز الذرة، او الفرق بين الرواية والقصة أو بين نجيب محفوظ وطه حسين، ولا تستطيع أن تكمل قراءة خمس ورقات فى أى رواية، وأتذكر لها هنا حادثة بسيطة تثبت قدرتها وثقافتها العالمية، فعندما أصدرنا رواية عمنا «صنع الله ابراهيم» – «نجمة أغسطس» فى هيئة قصور الثقافة، فقرأت اسمه هكذا« مصنع ابراهيم»، ثم ألقت الرواية فى أحد الاركان بصفتها رواية لشخص مغمور لا نعرف عنه شيئا، وعندما جاء الكاتب الكبير لزيارتنا، لم تنتبه له أو ترحب به حيث اعتقدت انه أحد الموظفين الذين حضروا لتخليص بعض الأوراق، فأخبرها بأنه يريد عددًا من روايته « نجمة أغسطس»، فقالت بتريقة: وهو فى نجوم بتطلع فى أغسطس ..النجوم بتطلع فى الشتاء بس.
أما « أم جهل » الأخرى، فهى واحدة تستطيع أن تشاهدها تقف على جميع أبواب المسئولين بوزارة الثقافة، أو على أبواب قيادات هيئاتنا الثقافية، تلح وتطلب ما تشاء إلى أن يضج منها أى موظف أو مسئول حتى يتم تنفيذ طلبها، ولأن طلبها هذا يرتبط بالسفر والتجول تبع مؤتمرات وزارة الثقافة، أو بإصدار أى مطبوعة لها كى يتخلصوا من ازعاجها الذى لا يطاق، وتستمر « أم جهل» فى الحاحها لدرجة لا تطاق فى أن يكتب عنها أحد خبرًا أو نقدًا فيما تصدره شهريا من كتب للأطفال، ولأن لها أساليب أخرى فيمكن لك أن تجدها متواجدة على المنصات وحول موائد الطعام وأكواب الشاى فى أى احتفال بوزارة الثقافة، وأخيرا فقد فوجئت بصدور كتاب لها من إحدى المؤسسات العربية، ولأنها مبدعة عالمية – كما تتحدث عن نفسها - ولديها اكثر من خمسين كتابا فيجب أن نمنحها الكثير من وقتنا ومنشوراتنا ومؤتمراتنا وطائرتنا وغرف نومنا أيضا..
يا «أم جهل» أشكرك على كل العبث الذى تضفيه على مشهدنا الثقافى، وأشكر كل من يساندك سواء بالوسائد أو المقاعد أو النشر أو التواجد الجاهل فى عصر صناعة الصراصير.