بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

شهادات الـ٢٥ ..٪هل تكفى لإنقاذ الاقتصاد؟

دولارات
دولارات

من الطبيعى أن تسلم الشهادات ذات الفائدة المرتفعة التى أصدرها بنكا الأهلى ومصر بفائدة ٢٥% فى الحد من استمرار ارتفاع التضخم على اعتبار أنها أداة لامتصاص جانب من السيولة المتداولة فى الأسواق.

لكن الواقع فى مصر حسب خبراء الاقتصاد يكون غير ذلك، فهذه الشهادة فى هذه الظروف المعقدة ربما تؤدى إلى نتيجة عكسية بزيادة التضخم وليس تخفيضة، كما أن لهذه الشهادات آثارًا سلبية أخرى على مجمل النشاط الاقتصادى، حيث ستؤدى إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض من البنوك بالنسبة للشركات والمصانع، وبالتالى تزداد تكلفة الإنتاج، الأمر الذى يؤدى إلى مزيد من ارتفاع الأسعار.

.. دوافع البنكين لطرح الشهادات الجديدة، هى رغبتهما فى مغازلة أصحاب شهادات الادخار ذات العائد المرتفع بنسبة 18% المطروحة فى 21 مارس الماضى، والتى بلغت حصيلتها ما يقارب 750 مليار جنيه، وحلول أجلها فى نهاية مايو ٢٠٢٣ وايضا محاولة وقف الدولرة (لجوء المواطنين إلى شراء الدولار من السوق السوداء لحفظ قيمة أموالهم، ما ينتج عنه تداول الدولار بسعرين مختلفين فى السوق الرسمية والسوق السوداء) والسيطرة على المضاربات فى سوقى العملات الأجنبية والذهب، كذلك محاولة امتصاص فوائض السيولة داخل المجتمع لتهدئة وتيرة الارتفاع المضطرد فى أسعار بعض السلع، واختفاء بعضها الآخر.

وطرح الشهادات الجديدة ارتبط بمتطلبات صندوق النقد الدولى من مصر، بتحرير سعر صرف العملة المحلية، والقضاء على الأسواق غير الرسمية، فكان استهداف البنك المركزى عبر البنكين الحكوميين الأكبر، جمع قدر أكبر من الأموال من السوق، من خلال دفع التجار إلى بيع منتجاتهم بكميات كبيرة، واستثمار العائد فى الشهادات الادخارية.

وقد يرتد بأثر عكسى على وضع السوق ذاته بحسب الخبير الاقتصادى الدكتور وائل النحاس إذ قد يدفع سحب الأموال من السوق إلى اختفاء السلع ومزيد من الاحتكارات والمضاربات، ما يضيف بعض الأعباء على كاهل المواطنين والدولة نفسها، خاصة مع تنفيذ شرط "التحول الدائم إلى نظام سعر صرف مرن"، وتفاوضت الحكومة على مدار سبعة أشهر للحصول على القرض، إذ زادت تداعيات الحرب فى أوكرانيا من الضغط على قدرة البلاد على توفير العملات الاجنبية.

وحذّر الخبير الاقتصادى من التأثير الذى وصفه بـ"الكارثى" لهذه الشهادات على العملة الأجنبية، إذ قد يدفع طرحها العملاء إلى سحب أموالهم بالعملة الأجنبية لبيعها فى السوق السوداء والاستفادة من فرق السعر لشراء الشهادات الاستثمارية، ما يسبب ضرراً بالغاً على توافر العملة الأجنبية، ويؤدى بدوره

إلى مزيد من الأزمات الاقتصادية وارتفاع الأسعار، واصفاً هذا الطرح بأنه "جزرة فى العصا".

وشدد وائل النحاس على أن الخطوة التى اتخذها البنكان بطرح شهادات ٢٥%، لا يمكن أن تحقق أهدافها من دون إجراءات متزامنة، على رأسها تحرير سعر صرف الجنيه، لمنع المضاربين من سحب العملات الأجنبية إلى الأسواق السوداء، فضلاً عن إجراءات أخرى على الدولة اتخاذها كالإفراج عن جميع البضائع المكدسة فى الموانىء وتشديد الرقابة الفعلية على الأسواق، مع القيام باصلاحات اقتصادية واجتماعية أخرى، منعاً لتفجر الأوضاع داخل البلاد إلى ما لا يحمد عقباه. مع التأكيد على أن مصر لا تتمتع بمرونة كبيرة لاتخاذ إجراءات اقتصادية ونقدية لمواجهة التضخم وما يستتبعه من زيادة فى نسب الفقر وضعف نسب التشغيل، فى ظل هيكل اقتصادى انخفضت معه نسبة إسهام القطاع الخاص فى الاقتصاد من 74% إلى أقل من 35% فى غضون 8 سنوات، فى وقت توقفت فيه "التعيينات" الحكومة مدفوعة بسياسة التقشف وخفض نصيب الأجور والميزات الاجتماعية من الموازنة العامة، ما يدفع فى اتجاه اتساع رقعة البطالة وانخفاض الدخول الحقيقية للمواطنين.

.. احتياج البلاد للعملة الأجنبية مع تراجع مواردها التقليدية من السياحة والتصدير وتحويلات العاملين فى الخارج، وتوسعها الكبير فى الاقتراض خاصة مع اللجوء للقروض قصيرة ومتوسطة الأجل، لا يفسح أمامها مجال لمناورة شروط مؤسسات الإقراض الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولى.

..الخلاصة..هذه الشهادات المرتفعة الفائدة ليست كافية أو مجدية لكبح جماح التضخم وتراجع الأسعار، إن لم تعالج الأسباب الهيكلية للتضخم ومنها ضعف الإنتاج الزراعى والصناعى وانخفاض نسب الاكتفاء الذاتى.