بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

تواجد الصين المتنامي في أعماق المحيط الهندي يثير قلق دول الجوار الإقليمي

المحيط الهندي
المحيط الهندي

 سلطت مجلة ذا ديبلومات الأمريكية، المتخصصة في الشئون الآسيوية، الضوء على تنامي التواجد البحري للصين في أعماق المحيط الهندي وما يثيره هذا التواجد من قلق لدى دول الجوار لاسيما الهند التي تحتاج إلى اتخاذ خطوات عاجلة لتطوير قدراتها البحرية ومجابهة النشاط الصيني المتزايد.


وذكرت المجلة في تقرير لها أن البحرية الصينية تعتبر أكبر قوة بحرية في العالم من حيث العدد، وفقا لتقرير "القوة العسكرية الصينية لعام 2022" الصادر عن الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرة إلى أن التقرير الأمريكي ركز على قاعدة الصين البحرية في جيبوتي ودورها الحاسم في دعم الجيش الصيني وتعزيز قدرته على استعراض قوته العسكرية على نطاق أوسع.

أمريكا ترفض إعادة تشكيل الصين منطقة المحيطين الهندي والهادئ


وأشارت المجلة إلى أن الجيش الصيني قام بتشييد منطقة رسو بطول 300 متر في قاعدته بجيبوتي، والتي أصبحت جاهزة لاستيعاب السفن الكبيرة مثل حاملات الطائرات والغواصات والسفن البرمائية في المستقبل، كما يشير الخبراء إلى أن الصين قد تعمل على بناء منشآت إضافية مثل الأحواض الجافة ومنشآت إصلاح السفن والغواصات.
ويُعتقد أن القاعدة البحرية الصينية في جيبوتي منذ افتتاحها رسميا في 2017 تشهد بناء أرصفة جديدة، ويُشتبه أيضا في وجود منشأة تحت الأرض فيها مخصصة للأمن الإلكتروني والسيبراني، بجانب مشاركة القاعدة في التدريبات العسكرية لإبراز الوجود الصيني في المنطقة، بحسب ما ذكرت المجلة.


وعلى الرغم من أن الصين قدمت قاعدتها في جيبوتي على أنها "منشأة لوجيستية" أو "قاعدة دعم"، إلا أن أحدث أنشطة التطوير هناك تُظهر تحولها إلى قاعدة بحرية متكاملة، لاسيما وأن الصين تسعى إلى توسيع وجودها في منطقة المحيط الهندي من خلال النشاط الاقتصادي والتجاري. وعليه فإن تشغيل أرصفة جديدة في جيبوتي من شأنه أن يزيد من بواعث القلق الأمني لدى الهند.


ووفقا لـ"ذا ديبلومات"، فإن تواجد الصين في المحيط الهندي يتزايد بشكل مطرد منذ عام 2009، عندما كانت القرصنة وعمليات خطف السفن منتشرة في خليج عدن وأدت إلى زعزعة طرق التجارة وسلسلة إمداد الطاقة العالمية، حيث انضمت الصين آنذاك إلى الجهود الدولية لمراقبة المياه الإقليمية في منطقة القرن الإفريقي، وحتى اليوم مازال المبرر الرئيسي لوجود البحرية الصينية في المنطقة هو ضمان أمن الملاحة وطرق التجارة البحرية، علما بأن الصين بدأت نشر غواصاتها في المحيط الهندي عام 2013 من أجل المشاركة في مهام مكافحة القرصنة.


وأشارت إلى أن نشر الغواصات الصينية وكذلك سفن المسح البحري في المحيط الهندي أصبح أمرا اعتياديا منذ عام 2017، كما أجرت السفن الصينية الخاصة عدة عمليات مسح بحري لمياه المحيط الهندي، والعديد من مناطقه مثل خليج البنغال ومنطقة غرب إندونيسيا في المحيط الهندي، والتي تعتبر منطقة مهمة لعمليات الغواصات لكل من الهند وأستراليا.


وبجانب الغواصات وسفن المسح البحري، نشرت الصين أيضا أسطولا من الغواصات المُسيرة تحت الماء

في المحيط الهندي لدراسة البيئة المائية وأعماق المحيط ودرجة حرارة المياه وملوحتها، وكذلك إجراء مسح بحري، وهي معدات متطورة يمكن استخدامها في التطبيقات العسكرية للحصول على مسح بحري أفضل للغواصات الصينية وكذلك لتحسين قدرة الكشف عن المعدات العسكرية المضادة للغواصات في هذه المياه.


وأوضحت المجلة أن التواجد المتزايد لسفن المسح البحري الصينية في المحيط الهندي، من شأنه مساعدة الصين مستقبلا في نشر غواصات مزودة بصواريخ باليستية وغواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية في المحيط الهندي، على عكس منطقة غرب المحيط الهادئ المكدسة بغواصات البحرية الأمريكية واليابانية والسفن المضادة للغواصات التي تراقب تحركات الغواصات الصينية، لذلك يعتبر المحيط الهندي آمن نسبيا لحركة الغواصات الصينية.


ومع ذلك، فإن اجتياز الغواصات الصينية لـ"نقاط الاختناق" في الممرات البحرية المؤدية للمحيط الهندي دون رصدها يظل تحديا كبيرا، وهي معضلة قد تساعد قاعدة الدعم بجيبوتي في تجاوزها، عن طريق نشر الغواصات من هذه القاعدة مباشرة، وهو ما تراه "ذا ديبلومات" الخطوة المحتملة التالية من قبل بكين لتوسيع نفوذها في المنطقة.


وترى المجلة أيضا أن القاعدة الصينية في جيبوتي والوجود المتزايد لسفن وغواصات الجيش الصيني وسفن الأبحاث الحكومية في المحيط الهندي مدعاة لمزيد من القلق لدى نيودلهي؛ نظرا لأن هذا التواجد المتزايد لا يتداخل فقط مع مجال نفوذ الهند في المنطقة، بل ويزيد أيضا من مخاطر التهديدات الأمنية المتعلقة بعمل السفن الصينية بالقرب من المنطقة الاقتصادية الخالصة للهند، لاسيما مع وجود شكوك لدى الهند بشأن تجسس سفن الصيد الصينية في أعالي البحار على منشآت إطلاق الصواريخ الهندية والقواعد البحرية وحركة السفن في خليج البنغال.


واختتمت المجلة تقريرها بأن الهند تحتاج حاليا إلى تعزيز قدراتها البحرية، إلى جانب إعادة النظر من جديد في مفهوم الحرب في أعماق البحار، وذلك للتعامل مع التهديد البحري الناشئ الذي تشكله الصين تحت سطح مياه المحيط الهندي.