بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

هل يؤمن القضاء بالعقيدة الإخوانية ؟

 جماعة الإخوان المسلمين أقامت الدنيا ولم تقعدها .. أستلت السيوف والخناجر الكلامية  المسمومة ..صالت وجالت ..أطلقت ميليشاتها الإليكترونية على مواقع التواصل الإجتماعى , وراح  الأبناء والمحبين ومنتظري الغنائم والمتعبدين فى محراب الإخوان ,

ينتشرون على الفضائيات والصحف والمواقع الإليكترونية , متلبسين  ثياب الواعظين والفقهاء , وأقنعة  ( الاطهار)  , يطلقون القذائف  والسهام الجارحة , سبا وذما وقدحا وذبحا معنويا للقضاء , بالتزامن مع التظاهرة الإخوانية المدعومة من حزب الوسط والجماعة الإسلامية أمام دار القضاء العالى يوم الجمعة ( 19 إبريل الفائت ), للمناداة بما يسمونه زورا وبهتانا ب (  تطهير القضاء) , تمهيدا وإستعداداً للمجزرة الكبرى التى اعدوا لها العدة فى  (مجلس الشورى) المنتخب ب 7%)) فقط لاغير  من  هيئة  الناخبين .. تسيساً للقضاء وإخضاعه للديانة الإخوانية الجديدة أو (الأخونة).. لم يخلو الامر من تكرار للهجوم العلنى على القضاء من الرئيس الإخوانى الدكتور محمد مرسى , والسخرية من أحكامه , مع أن القاضى لايحكم بعلمه ولا بما يتردد فى وسائل الإعلام , من آراء أو حتى معلومات , ولا على هوى الإخوان أو الرأى العام , وإنما يكون الحكم ب ( العدل) , أى بتطبيق نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً  وإنزالها على وقائع الدعوى المطروحة , بحسب ماهو مُتاح  فى (ملف القضية)  , وليس بما يشاع خارجها من أقاويل  أو أهواء أو شهوات إنتقامية تتملك الجماعة الإخوانية وقاداتها , وكأن الرئيس مرسى لم يكتفى بقراراتة وإعلاناتة الدستورية  الشهيرة التى تحدى بها أحكام القضاء , وأهدر إستقلاله , مسيئاً إلى  (الدولة ) التى يرأسها و يحكمها ,  دون أن ( يعرفها ) أو يدرك قدرها وقيمتها ومكانتها وتاريخها  , شانه فى ذلك شان إخوانه وعشيرته الذين يظنون بأن تاريخ البشرية يبدأ بدعوة إمامهم حسن البنا مؤسس الجماعة .
إذن فقد آن  الآوان ل (المجزرة)  المنتظرة , ليكون القضاء  إخوانياً طيعاً , مؤمنا ب(العقيدة الإخوانية) , أى مديناً للمرشد  بالسمع والطاعة  , منحياً للقوانين جانباً , لا يحكم بالعدل , وإنما بأوامر المرشد و الجماعة  ونواهيها. الشواهد على نيات الإخوان , كانت ولازالت  واضحة  للمتابعين والعيان, أظهرها الهجوم على القضاء فى مجلس الشعب المنحل, منذ بدايات الصعود السياسى للجماعة عقب ثورة يناير , وحصار محكمة القضاء الإدارى قبيل إنتخابات الرئاسة بواسطة حليفهم حازم أبو إسماعيل , ثم حشد الجماعة الإخوانية  لأعضائها  الذين حاصروا (المحكمة الدستورية العليا ) فى فى نوفمبر الماضى, لمنعها من الفصل فى قضية حل الجمعية التأسيسية  , ومرددين هتافاً إرهابياً  دموياً : ( إدينا الإشارة ياريس .. وإحنا نجيبهم لك فى شيكارة) , والمقصود هنا بالقتل والتعبئة فى (الشكاير) , هم الأجلاء قضاة الدستورية العليا , وقد جرى ذلك بتواطؤ شرطى مفضوح .
على كل حال .. يقتضى الإنصاف الآن , وبعد سقوط الأقنعة الزائفة و إنكشاف الوجه الحقيقى للجماعة  , ووضوح رغباتها الإنتقامية , أن نتنبه  إلى أن  (الإخوان) لايكنون الكراهية والغل والحقد  للقضاء وحده , بل وللازهر الشريف والكنيسة القبطية , و الجيش والمخابرات والأجهزة الامنية والإعلام , وربما الشعب كله فيما عدا اتباعهم والموالين لهم ..للأسف تلك هى الحقيقة المرة , وربما هى التى دفعت حرب النور السلفى أن يبتعد عنهم حتى لاتحرقه نار الحروب الإخوانية على أركان الدولة ومعها الشعب .
علينا  التسليم بأن (الجماعة )  نجحت  جزئيا بتعطيل  المحكمة العليا عن الفصل فى قضية التأسيسية الثانية حتى تمكنت من  تفصيل ( الدستور)  على مقاسها والتيار السلفى الحليف آنذاك , ثم تمريره وإقراره شعبياً بالتزوير وما ترتب عليه من عزل سبعة من مستشارى( الدستورية ) , بفعل النص الذى تم تفصيله خصيصا لعزل السيدة المحترمة المستشارة  تهانى الجبالى , ليكون ذلك تاريخا لها تنفرد به , وأحسبها بألف رجل من أصحاب المواقف  الحقيقية .
على أن هذا (النجاح ) ومعه  الإعلانات الدستورية الرئاسية إياها بعزل النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود , إنما جاء فى غيرصالح

(الجماعة ) , وأسفر عن إتساع حالة  التأزم السياسى والإقتصادى بالبلاد ,ونال  من  شرعية الرئيس الإخوانى  محمد مرسى ,  وهى شرعية تتآكل يومياً لأسباب كثيرة .
ولكن السؤال المهم الآن : هل ينجح  الإخوان فى مسعاهم الحالى لأخونة مؤسسة العدالة ؟.
الإجابة القاطعة  هى بالنفى وأسبابى لذلك أوجزها بإختصار فيما يلى :
دون الإغراق فى النصوص الدستورية والقانونية ..فإن أخونة القضاء أو المجزرة أو المذبحة المطلوبة تستلزم تعديل (قانون السلطة القضائية ) .. بينما مجلس الشورى ليس مجلساً (تشريعيا ) بالأساس , وهو منتخب وفقاً للإعلان الدستورى الصادر من المجلس العسكرى بتاريخ  30  مارس 2011 , على أساس أن (يُؤخذ رأيه) فى بعض المسائل, و منها القوانين (المكملة للدستور) , قبل عرضها على ( مجلس النواب) ,وهذا الرأى الذى (يُؤخذ) لا يلزم أحدا .. وكان يجب سقوط مجلس الشورى والرئيس ,وإحلال غيرهم فور إقرار الدستور , لكن الجماعة وحلفائها تحسبوا لذلك , ونص (دستورهم) على إستمرار الرئيس والشورى , بل وأن يقوم الشورى ببعض مهام مجلس النواب  مؤقتاً لحين إنتخابه , أى فيما هو ( عاجل وملح وضرورى) , ولايحتمل التأخير , وهنا نكون أمام عقبتين :
1 – أن موضوع تعديل قانون السلطة القضائية وأخونتها , وإن كان ضرورياً ملحاً وعاجلاً ل( الجماعة) , فإنه  ليس كذلك بالنسبة للشعب , ولا هو كذلك بالمعايير القانونية .
  2 – أن قانون السلطة القضائية هو من القوانين المكملة للدستور , أى أنه يجب عرضه على مجلسي الشورى والنواب .. ولأن ( مجلس النواب) لايزال فى علم الغيب , فلا يجوز (دستوريا) تشريع مثل هذا القانون ,دون إقراره من هذا المجلس الغائب  , بل إن القوانين الاخرى التى يسنها الشورى للضرورة , لابد ان تعرض على مجلس النواب عند ميلاده ليرى رأيه فيها , وقد يرفضها أو يوافق عليها . 
والخلاصة  أن (الدستور الإخوانى السلفى ) القائم حالياً , لن يسعف الإخوان لتنفيذ تلك المذبحة ,ا ولن تصلح (البلطجة التشريعية ) , التى مارسوها على نحو ماجرى بقانون إنتخاب مجلس النواب قبل أسابيع قليلة ,ما ادى إلى وقف إنتخابات النواب قضائياً .. فإذا سار الإخوان فى غيهم , وأقروا القانون وأصدره مرسيهم , فإنه سيسقط سريعا , وكل ما هنالك , هو أنه سيزيد من الإنقسامات والفتن السياسية , والخراب الإقتصادى , والسير بالدولة نحو الفشل , وهذا كله مما يعجل بسقوط الإخوان أنفسهم , وربما ينهى على ما تبقى لهم من شرعية منقوصة فى الحكم ,وفى النهاية لن يؤمن القضاء بالعقيدة الإخوانية ولن يتأخون فهو عصى على الأخونة .
( كاتب وصحفى)
[email protected]