بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

فاتورة ثمن الفتنة فى إمبابة وقنا


أياً‮ ‬كان المسئول عن الفتنة‮.. ‬السلفيون الذين خرجوا من‮ "‬جحورهم‮" ‬بعد سقوط أمن الدولة وإعادة هيكلة وزارة الداخلية فبدأوا يعيثون في الأرض فساداً‮ ‬ويتظاهرون أمام الكاتدرائية مرة وأمام الكنائس في الاسكندرية وحلوان وقنا وامبابة مرات،‮ ‬أو فلول‮ "‬الوطني‮" ‬الذين تردد أنهم نحو مليوني‮ ‬عضو بارت وظائفهم في الرشوة والتربح فاستبدلوها بالتخطيط للفتنة،‮ ‬فإن النتيجة الحاسمة هي استنزاف اقتصاد مصر واهدار ملايين من الجنيهات‮.‬

ثمن الفتنة والمواجهة الطائفية من كاميليا الي عبير فادح جداً‮.‬

فتنة امبابة وحدها بتأثيراتها المباشرة واحتراق كنيستي العذراء ومارمينا واعادة بنائهما واصلاحهما سيتكلف‮ ‬6‮ ‬ملايين جنيه،‮ ‬علاوة علي احتراق عشرات المحال لم يحص بعد عددها بما فيها من بضائع وما تم نهبه منها من اموال سواء كانت محلات ذهب او ملابس او أغذية،‮ ‬فلو طالت الفتنة الأخيرة والتي استمرت لنحو‮ ‬8‮ ‬ساعات كاملة بين الآلاف‮ - ‬حسب خبراء اقتصاديين‮ - ‬ما بين‮ ‬50‮ ‬الي‮ ‬100‮ ‬محل علي الأقل بقيمة تتراح مابين‮ ‬100‮ ‬الي‮ ‬500‮ ‬الف جنيه بضائع وأموال فإن الحصيلة لن تقل عن‮ ‬50‮ ‬مليون جنيه،‮ ‬ضف علي ذلك احتراق‮ ‬15‮ ‬عمارة حسب الاحصائيات المبدئية وسقوط‮ ‬12‮ ‬قتيلاً‮ ‬و230‮ ‬مصاباً‮ ‬سيتم تعويضهم فالحصيلة في هذه النقطة لن تقل عن‮ ‬30‮ ‬مليون جنيه،‮ ‬لتصل الخسائر المادية المباشرة في فتنة واحدة الي ما لا يقل عن‮ ‬100‮ ‬مليون جنيه علاوة علي مليار جنيه فقدت مباشرة في البورصة فور اندلاع الأحداث،‮ ‬قضت مصر نحو‮ ‬50‮ ‬يوماً‮ ‬كاملة للتعامل مع الفتنة من حرق كنيسة الشهيدين بقرية صول بحلوان التي تواصلت اسبوعين كاملين‮.‬

ولم تهدأ الأحوال حتي انفجرت أحداث أبو قرقاص في المنيا وفتنة المحافظ المسيحي عماد ميخائيل في قنا وما صاحبها من تجاوزات وتهديدات‮ ‬غير مقبولة وقطع طرق الإمداد الرئيسية عن ثلاث محافظات بالصعيد هي قنا والأقصر وأسوان لنحو‮ ‬12‮ ‬يوماً‮ ‬كاملة كادت تنفد فيها جميع المؤن الغذائية والطبية ووصلت فيها خسائر هيئة السكك الحديدية فيها الي خسارة نحو‮ ‬25‮ ‬مليون جنيه يومياً‮ ‬اي هيئة واحدة فقط تكبدت خسارة وصلت الي ربع مليار جنيه في فتنة واحدة‮.‬

وما يزيد الأمر حزناً‮ ‬أن يخرج‮ "‬شيطان الفتنة‮" ‬في ظروف حرجة تمر بها مصر وحسب تقديرات البنك المركزي وكلها احصائيات منشورة فقد تراجعت الاحتياطيات الدولية الي‮ ‬30‭.‬1‮ ‬مليار دولار في نهاية مارس الماضي مقابل‮ ‬33‭.‬2‮ ‬مليار دولار خلال فبراير أي فقدنا‮ ‬6‮ ‬مليارات دولار من الاحتياطي النقدي خلال شهرين فقط ما بين‮ ‬20‮ ‬يناير الي‮ ‬31‮ ‬مارس سنة‮ ‬2011‮ ‬كما قدر البنك المركزي اجمالي الاستثمارات الاجنبية التي خرجت من سوق السندات وأذون الخزانة المصرية خلال الفترة نفسها بنحو‮ ‬7‭.‬5‮ ‬مليار دولار،‮ ‬وحسب وزير المالية د‮. ‬سمير رضوان في بيانه الاخير فمن المتوقع أن يصل العجز في الموازنة العامة للدولة الي‮ ‬9‭.‬1٪‮ ‬من اجمالي الناتج القومي أي ما يعادل‮ ‬149‭.‬5‮ ‬مليار جنيه‮.‬

وهذا معناه الاضطرار الي سندات اقتراض جديدة وزيادة أعباء الدين علي الخزانة المصرية والتي اصبحت مرتفعة جداً،‮ ‬كما قدر رضوان اجمالي الاحتياطيات المسحوبة والسيولة بنحو‮ ‬13‮ ‬مليار دولار في ثلاثة أشهر فقط يأتي هذا في الوقت الذي قدر فيه صندوق النقد الدولي وجود فجوة تمويلية تصل الي‮ ‬12‮ ‬مليار دولار أكدها وزير المالية خلال زيارته لأمريكا بقوله إنه يحتاج‮ ‬2‮ ‬مليار دولار حتي نهاية يونيو سنة‮ ‬2011‮ ‬المقبل و8‮ ‬مليارات

دولار خلال العام المالي القادم لتلبية المطالب الفئوية والسيطرة علي الخسائر الحادة نتيجة الاضطرابات والفتنة والانفلات الأمني والتي ادت الي توقف تدفق الاستثمارات الاجنبية وتعطل اكثر من‮ ‬2‮ ‬مليون عامل في قطاع السياحة وانخفاض تراجع إيرادات السياحة بنحو‮ ‬40٪‮ ‬وهي التي حققت دخلاً‮ ‬لمصر في العام الماضي وصل الي‮ ‬13‮ ‬مليار دولار‮.. ‬يأتي كل هذا في الوقت الذي تجد فيه مصر صعوبة في تلبية مطالبها في الاقتراض من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بسبب سوء الأحوال مما أدي الي عرض‮ ‬3‮ ‬دول خليجية هي قطر والسعودية والكويت لنحو‮ ‬17‮ ‬مليار دولار في شكل مساعدات ومنح لمصر لتجاوز السقوط‮.‬

من جانبه يحذر الخبير الاقتصادي د‮. ‬حسن عبيد‮ - ‬استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة‮ - ‬من اخطار الفتنة وفداحة الثمن الذي تدفعه مصر جراء هذه الأعمال مؤكداً‮ ‬ان آثارها لا تصيب الاقتصاد المصري فقط ولكن الدولة برمتها‮.. ‬فأين هو ذلك الاستثمار الاجنبي الذي سيأتي الي مصر في ظل عدم الامان وعدم وجود الدولة القوية التي تحمي الافراد والمنشآت‮.‬

هناك ارقام بعشرات المليارات خسائر في البنية الاقتصادية لمصر فمن يتحمل هذه الفاتورة للأسف مصر بكاملها هي التي ستدفع ثمن الفتنة والانفلات الامني والمظاهرات الفئوية‮ ‬غير المعقولة او المقبولة‮.‬

بينما يؤكد د‮. ‬سمير طوبار‮ - ‬استاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق‮ - ‬انزعاجه الشديد مما يحدث فهناك البعض يريدون تركيع الدولة،‮ ‬ويريدون ان تتراجع عن كل مكتسباتها فليس معقولا انفجار حجم الفتنة الطائفية بهذا الشكل ولا المظاهرات الفئوية التي تأخذ كل يوم شكلاً‮ ‬معيناً‮ ‬وطابعاً‮ ‬غريباً‮.‬

مصر لا تتحمل ان تبقي الامور معطلة والقواعد الانتاجية تعمل بأقل من‮ ‬40٪‮ ‬من طاقتها وتوقف السياحة وتوقف التدفق الاجنبي والسحب من الاحتياطي علي المكشوف،‮ ‬إن الفتنة تخيف المستثمر فيحجم عن المجئ أو دفع مليم واحد في أي مشروع،‮ ‬فالأمر جد خطير ولابد من حزم وسرعة في التعامل مع محاولات تركيع الدولة،‮ ‬إن الفاتورة رهيبة والبعض يقدرها بـ‮ ‬70‮ ‬مليار جنيه خلال الشهور الثلاثة الماضية‮.. ‬فكيف نتحمل هذا؟

ويؤكد الخبير الاقتصادي محسن الخضيري رفضه الكامل لهذه الاوضاع فمصر طوال عمرها لم تعرف أبداً‮ ‬شكل هذه الفتنة البغيضة ولا يمكن ان تقبلها أو تتحملها علي مختلف مستويات السياسة والاقتصاد‮.‬