أهم وظائف الدولة نشر الأمن والأمان فى المجتمع وحماية الأمن القومى من الأعداء فى الداخل والخارج ومكافحة الإرهاب
فى دراسته الحديثة أمام المؤتمر الدولى الثانى والثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية تحت عنوان: «عقد المواطنة وأثره فى تحقيق السلام المجتمعى والعالمي»، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، قدم المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة المصرى أمام الوفود الأجنبية الشكر للدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف على استجماعه علماء الدين والفقه والفكر والثقافة من جميع أنحاء العالم ليسطروا سلاما عالميا جديدا على أرض المحبة والسلام مصر الكنانة فى دراسته بعنوان «مفهوم الدولة وتطورها واستغلال الجماعات الإرهابية للخلافة لهدم استقلال الدول».
وقال المفكر المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى فى الجزء الثانى من دراسته إن الدول تنفرد بسيادتها والجماعات الإرهابية تريد أن تلتهم موارد الدولة الطبيعية التى يملكها الشعب، وأهم وظائف الدولة نشر الأمن والأمان فى المجتمع وحماية الأمن القومى من الأعداء فى الداخل والخارج ومكافحة الإرهاب، وأن الدولة فى مفهومها الحديث تعنى مجموعة من الأفراد يعيشون على وجه الاستقرار ويمارسون نشاطهم على إقليم جغرافى معين ويخضعون -وهم بصدد ممارسة نشاطهم- لتنظيم قانون محدد، وبالتالى فإن الدولة تتكون من ثلاثة عناصر وهي:عنصر السكان وعنصر الإقليم وعنصر السلطة السياسية ذات السيادة.
ويضيف أنه يستلزم لقيام الدولة من الناحية القانونية العنصر الأول وهو عنصر السكان ويعنى وجود عدد من الأفراد قد يختلف من مجتمع لىخر، فمثلاً عدد السكان فى الدول الحديثة أكبر بكثير إذا قورن بالمدن اليونانية القديمة، إذ كان عدد السكان ملحوظا للغاية أما اليوم فقد ازداد عدد السكان بشكل كبير، فهناك عدد من الدول يبلغ عدد سكانها الملايين مثل الصين والهند والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وهناك عدد من الدول يقل فيها عدد السكان بشكل ملحوظ مثل الفاتيكان وموناكو وبعض دول الخليج، ومن ثم فلا يشترط أن يكون هناك عدد معين من السكان حتى تقوم الدولة، وإنما يكفى أن توجد مجموعة من الأفراد -كثرت أم قلت- يجمع بينهم رابط من الانسجام والوحدة، ويوضح أن العنصر الثانى هو عنصر الإقليم: ويعتبر عنصر الإقليم من العناصر الأساسية اللازمة لتكوين الدولة، وهو يعنی استقرار جماعة من السكان فى إقليم معين على وجه الدوام والاستقرار، وكما أن عدد السكان قد يتفاوت من مجتمع لآخر كثر أم قل فكذلك الشأن بالنسبة لعنصر الإقليم قد يتفاوت مع مجتمع الآخر ضيقا أو اتساعا. ولا شك أن عنصر الإقليم يمثل ركنا جوهريا لازما لتكوين الدولة واستقلال ممارستها سلطتها السياسية وهذا شرط بدیهی، إذ إن الإقليم هو النطاق الذى تباشر فيه الدولة سلطاتها السياسية.
ويذكر أن العنصر الثالث: عنصر السلطة السياسية ذات السيادة: فلا يكفى لنشوء الدولة وجود عنصری الشعب والإقليم بل يلزم -بالإضافة إلى ما تقدم- وجود عنصر ثالث يتمثل فى السلطة ذات السيادة، وعنصر السلطة يعتبر القاسم المشترك لكافة التنظيمات السياسية، والسلطة السياسية فى مفهومها الحديث تستند إلى الشعب، ومن ثم يلزم قبول الأفراد هذه السلطة، إذ انتهى عهد السلطة التى تستند فى وجودها ونشأتها إلى مجرد القوة والقهر، فلقد أدركت الدول أن الأمة صاحبة السيادة والسلطة، وما الحاكم إلا أداة لتنفيذها. والسيادة من أهم الخصائص التى تنفرد بها الدولة عن باقى الأشخاص القانونية المكونة للدولة، وسواء كانت السيادة سيادة داخلية أو سيادة خارجية. فالسيادة الداخلية هى قدرة الدولة على بسط سلطتها على كل المقيمين على إقليمها من أفراد ومؤسسات، أما السيادة الخارجية فهى أن تتعامل الدولة مع باقى الدول على أساس المساواة وعدم خضوعها لأية سلطة خارجية، الأمر الذى جعل من فكرة السيادة هى العنصر الجوهرى الذى يقوم عليه بنيان القانون الدولى، على أن فكرة سيادة الدولة ليست مطلقة بل نسبية، حيث تكون مقيدة باحترام قواعد القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى.
ويجب التمييز بين الدولة والأمة: 1- الدولة يتحقق بشأنها ثلاثة عناصر الشعب، الإقليم، السلطة ذات السيادة، بينما يتحقق بشأن الأمة عنصران فقط هما الشعب والإقليم دون السلطة، ومثال ذلك الأمة العربية، وكذلك الأمة البولندية التى كانت موزعة فيما مضى بين روسيا وبروسيا والنمسا.. ٢- الأمة حقيقة اجتماعية تعنى وجود جماعة كبيرة من الأفراد يجمعهم الرغبة فى العيش معا فى حياة مشتركة، فهى وحده
ويضيف تكمن أهم الوظائف الأساسية للدولة التى تريد الجماعات الإرهابية هدمها فيما يلى:
(1) نشر الأمن والأمان فى المجتمع:
تنص كافة دساتير العالم على أنه من بين مهاهم الدولة هو نشر الأمن والأمان فى المجتمع، فلا يمكن منح هذه المهمة إلى أى جماعة أخرى وإلا انهارت الدولة، فالدولة وحدها حق ممارسة السلطة التى خولها لها الشعب. من أجل حماية حقوق الإنسان. حيث نصت المادة 59 من الدستور المصرى على أن الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها.
(2) حماية موارد الدولة الطبيعية ملك للشعب:
من بين وظائف الدولة حماية موارد الدولة الطبيعية ملك للشعب، حيث نص الدستورى المصرى فى المادة 32 منه على أن موارد الدولة الطبيعية ملك للشعب، تلتزم الدولة بالحفاظ عليها، وحُسن استغلالها، وعدم استنزافها، ومراعاة حقوق الأجيال القادمة فيها. كما تلتزم الدولة بالعمل على الاستغلال الأمثل لمصادر الطاقة المتجددة، وتحفيز الاستثمار فيها، وتشجيع البحث العلمى المتعلق بها. وتعمل الدولة على تشجيع تصنيع المواد الأولية، وزيادة قيمتها المضافة وفقاً للجدوى الاقتصادية. ولا يجوز التصرف فى أملاك الدولة العامة، ويكون منح حق استغلال الموارد الطبيعية أو التزام المرافق العامة بقانون، ولمدة لا تتجاوز ثلاثين عاماً. ويكون منح حق استغلال المحاجر والمناجم الصغيرة والملاحات، أو منح التزام المرافق العامة لمدة لا تتجاوز خمسة عشر عاماً بناء على قانون. ويحدد القانون أحكام التصرف فى أملاك الدولة الخاصة، والقواعد والإجراءات المنظمة لذلك.
(3) القيام على توفير الحاجات الضرورية للشعب وخدمات مرافقها العامة: أضحى من أهم وظائف الدول الحديثة القيام على توفير الحاجات الضرورية للشعب فتوفر لمواطنيها كل مظاهر الحياة الكريمة. فضلا عن خدمات مرافقها العامة مثل التعليم والصحة والأمن والسكان والضمان الاجتماعى.
(4) حماية الأمن القومى من الأعداء فى الداخل والخارج ومكافحة الإرهاب: بمعنى أن وظيفة حماية الوطن من أى أعداء فى الداخل أوالخارج هى من أهم وظائف الدولة. وأن ترك هذه الوظيفة لغير الدولة هو فى الحقيقة بداية لنهايتها وخيانة لشعبها. ووفقا للمادة 86 من الدستور السارى فإن الحفاظ على الأمن القومى واجب، والتزام الكافة بمراعاته مسئولية وطنية، يكفلها القانون. والدفاع عن الوطن، وحماية أرضه شرف وواجب مقدس، والتجنيد إجبارى وفقاً للقانون. ووفقا للمادة 237 تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله، وفق برنامج زمنى محدد، باعتباره تهديداً للوطن وللمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة. وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه.
ونعرض غدا للجزء الثالث والأخير من دراسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة المصرى المهمة عن «مفهوم الدولة وتطورها، واستغلال الجماعات الإرهابية للخلافة لهدم استقلال الدول».