بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

عيد عمال بلون الدم والخراب


يأتي‮ ‬عيد العمال هذا العام وسط ظروف مغايرة،‮ ‬ثورات تجتاح الدول العربية،‮ ‬مخاوف في‮ ‬بعض الدول الخليجية من المد الثوري‮ ‬العربي، ‮ ‬وتهديدات بالغاء عقود العمالة المصرية ببعضها الآخر،‮ ‬مشاكل تلاحق العمالة المصرية في‮ ‬الداخل والخارج بالجملة‮. ‬كل هذه التحديات تواجه العمال في‮ ‬عيدهم،‮ ‬وتواجها معهم حكومة الدكتور عصام شرف،‮ ‬وإذا كان طابور العاطلين في‮ ‬مصر‮ ‬يصل وفقا لبعض التقديرات إلي‮ ‬11‮ ‬مليون شاب ناهيك عن العدد المضاف إليه بعد ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير،‮ ‬فإن هناك توقعات بعودة ما‮ ‬يقرب من مليون عامل مصري‮ ‬من دول الخليج بنهاية العام الحالي،‮ ‬وهو ما‮ ‬يعني‮ ‬زيادة التحديات التي‮ ‬تواجهها الحكومة للقضاء علي‮ ‬مشكلة البطالة،‮ ‬هذا بالاضافة‮ ‬لمشكلة العمالة المصرية التي‮ ‬عادت من ليبيا خلال الفترة الماضية والتي‮ ‬بقدر عددها بـ‮ ‬1‭.‬5‮ ‬مليون مواطن،‮ ‬بعضهم فقد حياته والبعض الآخر فقد مصدر رزقه وعاد لمصر خاوي‮ ‬الوفاض‮ ‬يبحث عن فرصة عمل تسد رمقه ورمق الآفواه الجائعة التي‮ ‬يعولها هذه الأرقام تكشف عن حجم الكارثة التي‮ ‬ستواجهها مصر خلال الفترة القادمة‮. ‬فهل تنجح الحكومة الجديدة في‮ ‬هذا الاختيار،‮ ‬وكيف تستوعب مصر كل هذا العدد من العمالة العائدة؟

لم تكن موجة الثورات التي‮ ‬اجتاحت العالم العربي‮ ‬مؤخرا هي‮ ‬الازمة الأولي‮ ‬التي‮ ‬أدت لتهديد أمن واستقرار العمالة المصرية في‮ ‬الخارج وعودة عدد كبير منهم إلي‮ ‬مصر‮. ‬بل سبقته حرب الخليج في‮ ‬بداية التسعينات من القرن الماضي‮ ‬وتليها أزمات اخري‮ ‬حتي‮ ‬ظهرت بوادر الازمة الاقتصادية العالمية،‮ ‬والتي‮ ‬ظهرت علي‮ ‬الساحة بوضوح في‮ ‬بداية عام‮ ‬2009‮ ‬الماضي‮ ‬حيث عاني‮ ‬المصريون في‮ ‬الخارج من تلك الأزمة الطاحنة التي‮ ‬نتج عنها الاستغناء عن عدد كبير من‮ ‬العمالة المصرية،‮ ‬ومؤخرا اندلعت الثورات في‮ ‬العالم العربي‮ ‬كانت بدايتها في‮ ‬تونس ثم مصر انتقلت إلي‮ ‬ليبيا ثم البحرين واليمن وسوريا والجزائر،‮ ‬تلك الثورات هددت استقرار المصريين في‮ ‬الخارج حيث اضطرت العديد من المصانع إلي‮ ‬إغلاق أبوابها كما ثم الاستغناء عن العمالة المصرية نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية مما سيؤدي‮ ‬لعودة العديد من المصريين العاملين بالخارج خلال الأشهر القادمة،‮ ‬وتوقع خبراء الاقتصاد أن‮ ‬يصل حجم العائدين لنحو مليون مصري‮ ‬حتي‮ ‬نهاية العام الحالي‮. ‬هذا في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬لم تستعد فيه الحكومة لاستيعاب تلك العمالة التي‮ ‬ستضاف إلي‮ ‬طابور العاطلين الذين تجاوز عددهم‮ ‬11‮ ‬مليون عاطل داخل مصر‮. ‬وبذلك‮ ‬يواجه عيد العمال في‮ ‬هذا العام تحديا كبيرا فهل تنجح الحكومة الجديدة في‮ ‬المواجهة؟

وعلي‮ ‬الرغم من عدم وجود احصائيات دقيقة عن عدد العمالة المصرية الموجودة في‮ ‬الخارج،‮ ‬إلا أن الارقام تشير إلي‮ ‬ان اعدادهم تراوحت من‮ ‬4‭.‬5‮ ‬إلي‮ ‬6‮ ‬ملايين عامل مصري،‮ ‬يعملون في‮ ‬مهن مختلفة‮. ‬

وسبق ان كشفت وزيرة القوي‮ ‬العاملة السابقة عائشة عبدالهادي،‮ ‬عن أن عدد المصريين الذين‮ ‬يعملون في‮ ‬الخارج تجاوز‮ ‬4‮ ‬ملايين و700‮ ‬ألف مصري‮. ‬كما تشير الارقام إلي‮ ‬ان عدد المصريين الذين كانوا‮ ‬يعملون في‮ ‬ليبيا وحدها‮ ‬يتراوح عددهم من‮ ‬1‭.‬5‮ ‬إلي‮ ‬2‮ ‬مليون مصري،‮ ‬عاد أغلبهم منذ اندلاع الثورة في‮ ‬ليبيا وحتي‮ ‬الآن لم تتخذ الحكومة المصرية تجاههم،‮ ‬إيه قرارات حاسمة بشأن تشغيلهم نظرا لما‮ ‬يعانيه الاقتصاد المصري‮ ‬من تهاو‮ ‬هذا الاضافة إلي‮ ‬المصريين العاملين بدول الخليج والدول الأجنبية،‮ ‬حيث‮ ‬يعتمد الاقتصاد المصري‮ ‬بشكل كبير علي‮ ‬تحويلات المصريين الموجودين بالخارج،‮ ‬حيث تقرير صادر عن البنك المركزي‮ ‬المصري،‮ ‬أن إجمالي‮ ‬تحويلات المصريين العاملين بالخارج بلغ‮ ‬أكثر من‮ ‬9‭.‬75‮ ‬مليار دولار خلال العام المالي‮ »‬2009‮ ‬ـ2010‮« ‬وجاءت السعودية في‮ ‬المرتبة الأولي‮ ‬حيث بلغ‮ ‬عدد العاملين بها نحو‮ »‬521970‮« ‬فردا بنسبة‮ ‬49‭.‬35‮ ‬تليها الكويت بعدد العاملين والذي‮ ‬يبلغ‮ ‬نحو‮ »‬180459‮« ‬فردا وبلغت قيمة تحويلاتهم نحو مليار و‮»‬797‭.‬1‮« ‬مليون دولار أي‮ ‬بنسبة‮ ‬17‭.‬6٪‮ ‬وذلك في‮ ‬نهاية عام‮ ‬2008‭.‬

الدكتور صلاح الدسوقي‮:‬استعادة الأموال المنهوبة لتنمية الاقتصاد المصري

الدكتور صلاح الدسوقي‮ ‬رئيس المركز العربي‮ ‬للإدارة والتنمية‮: ‬لا‮ ‬يوجد تخطيط جيد لدينا لاستيعاب العمالة المصرية عند عودتها من دول الخليج،‮ ‬فليس هناك خطة طموحة لتنمية الاقتصاد المصري،‮ ‬فهناك مرحلة من عدم الاستقرار تمر بها البلاد حاليا،‮ ‬وهذا الأمر طبيعي‮ ‬نظرا لما حدث من ثورات في‮ ‬الآونة الأخيرة،‮ ‬فمطلوب الآن من حكومة تسيير الأعمال استعادة

التوازن،‮ ‬وعمل خطط لتنشيط الاقتصاد،‮ ‬فهناك مساوئ عديدة كانت تنهك الاقتصاد المصري‮ ‬تم تحديدها الآن،‮ ‬والوقوف عليها،‮ ‬كأزمة الصناديق الخاصة الموجودة دون رقابة،‮ ‬ومواردها التي‮ ‬تمثل‮ ‬4‮ ‬أضعاف الموازنة العامة والتي‮ ‬تقدر بنحو‮ ‬200‮ ‬مليار جنيه مصري،‮ ‬فتلك الموارد إذا تم توجيهها بشكل ملائم‮ ‬يؤدي‮ ‬لإضافة طاقات انتاجية جديدة فهذا سوف‮ ‬يخلق فرص عمل جديدة تساعد في‮ ‬استيعاب العمالة العائدة من الدول العربية،‮ ‬خاصة في‮ ‬ظل ما تعانية من بطالة محلية،‮ ‬فلا‮ ‬يعقل أن‮ ‬يتم وضع برامج لتشغيل العائدين من الخارج علي‮ ‬حساب خطط تشغيل البطالة المحلية،‮ ‬فيجب أن‮ ‬يحدث توازن أولا فلابد من خلق طاقات انتاجية جديدة واسترداد الأموال التي‮ ‬تم نهبها وتحويلها للخارج والحد من إهدار المال العام،‮ ‬واتخاذ إجراءات جادة للحصول علي‮ ‬هذه الموارد من أجل تخفيف حدة الأزمة‮.‬

الدكتور فتحي‮ ‬النادي‮:‬المشروعات الصغيرة هي‮ ‬الحل

الدكتور فتحي‮ ‬النادي‮ ‬أستاذ تنمية الموارد البشرية بالجامعة الأمريكية‮ : ‬لدينا ما‮ ‬يقرب من‮ ‬4‭.‬5‮ ‬مليون عامل مصري‮ ‬بالدول العربية،‮ ‬حيث‮ ‬يعمل هؤلاء في‮ ‬بعض المهن البسيطة كعمال البناء وبعضهم‮ ‬يعمل في‮ ‬مهن عليا مثل‮ ‬الطب والهندسة،‮ ‬كما لدينا مدرسين وأساتذة جامعة‮ ‬يعملون هناك أيضا،‮ ‬والأزمة الحقيقية سيعاني‮ ‬منها اصحاب المهن البسيطة نظرا لأن عددهم كبير،‮ ‬فأغلب حاملا جنسيات الدول العربية ترفض العمل في‮ ‬الأعمال الحرفية باعتبارها أعمالا بسيطة ومتدنية بالنسبة لهم،‮ ‬وخاصة أهالي‮ ‬دول الخليج‮ ‬.

‬وعند عودة هؤلاء العاملين فإن الاوضاع الاقتصادية في‮ ‬مصر سوف تسوء فنحن لدينا عدد كبير من العاطلين الذين‮ ‬يحتاجون لمزيد من فرص العمل،‮ ‬لذا لابد أن نتجه إلي‮ ‬إنشاء المشروعات الصغيرة ولاننا لسنا مستعدين لاستيعاب تلك العمالة من أية أعمال،‮ ‬فالصندوق الاجتماعي‮ ‬كان‮ ‬يدير عدة مشروعات فاشلة وأنفق عليه مليارات الجنيهات خلال‮ ‬30‮ ‬عاما مضت وضاعت المنح والقروض التي‮ ‬حصل عليها الصندوق لذا لابد أن نفكر في‮ ‬الفترة القادمة في‮ ‬إنشاء صناعات صغيرة،‮ ‬وإعطاء الشباب قروض توجه لمشروعات ناجحة‮ ‬يشترك في‮ ‬إنشائها مجموعة من الشباب،‮ ‬فنحن لدينا حرفيون علي‮ ‬قدر كبير من المهارة،‮ ‬والخبرات التي‮ ‬اكتسبوها في‮ ‬العالم العربي،‮ ‬هذا فضلا عن ضرورة التوجه لاستصلاح الأراضي‮ ‬الصحراوية،‮ ‬أما بالنسبة للشباب العاطلين الموجودين في‮ ‬مصر حاليا.

‬فلابد من الاتجاه لتشغيلهم عن طريق تشجيع رجال الاعمال علي‮ ‬فتح مجالات جديدة لهؤلاء الشباب من خلال تدعيمهم واعفائهم من الضرائب لمدة لا تقل عن‮ ‬20‮ ‬سنة علي‮ ‬سبيل المثال وذلك بإقامة مصانع جديدة‮. ‬يستوعب كل منها علي‮ ‬الأقل‮ ‬10‮ ‬آلاف عاطل،‮ ‬ومن ناحية أخري‮ ‬لابد من منح هؤلاء الشباب مزيد من االقروض‮ ‬يتم تحويلها من خلال صندوق‮ ‬يتم إنشاؤه من الأموال المهربة التي‮ ‬سيتم استرجاعهم لاقامة مشروعات تساهم في‮ ‬خلق فرص عمل جديدة أمامهم،‮ ‬لذا نحتاج لقرار سريع وعملي،‮ ‬حتي‮ ‬يتم احتواء الأزمة قبل وقوعها‮.‬