بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

يافرعون‮ .. ‬إيه فرعنك؟‮!‬

في‮ ‬الأسبوع الماضي‮ ‬قضت محكمة الأمور المستعجلة بإزالة اسم الرئيس المتنحي‮ ‬محمد حسني‮ ‬مبارك من علي‮ ‬جميع المنشآت التي‮ ‬تحمل اسمه واسم أي‮ ‬فرد من أفراد عائلته‮.

‬وبالفعل بدأت نفس الأيادي‮ ‬التي‮ ‬قامت من قبل بتعليق لافتات باسم الرئيس في‮ ‬إزالتها،‮ ‬وتباري‮ ‬المسئولون بالمحافظات في‮ ‬الحديث عن إنجازاتهم في‮ ‬رفع اسم الرئيس المخلوع،‮ ‬وهو ما‮ ‬يؤكد أننا أيدينا صنعنا الفرعون،‮ ‬وها نحن اليوم نمحو آثاره مثلما كان‮ ‬يحدث في‮ ‬عصر أجدادنا الفراعنة،‮ ‬جدير بالذكر أن كل دول العام بها قوانين تمنع تسمية أي‮ ‬منشأة باسم الرئيس الحاكم إلا بعد وفاته أو بعد انتهاء مدة رئاسته،‮ ‬ولكن مثل هذا القانون لا‮ ‬يوجد في‮ ‬مصر،‮ ‬وهو ما‮ ‬يعني‮ ‬أن الرئيس القادم أيضا قد‮ ‬يتحول لفرعون خاصة أن الدساتير في‮ ‬مصر‮ ‬يتم تفصيلها علي‮ ‬مقاس الرؤساء وبالتالي‮ ‬فإن احتمال خلق فرعون جديد أمر وارد إذا لم‮ ‬يتم اتخاذ حزمة من‮ ‬لمنع صناعة الفراعين‮!!‬

كشفت مجلة‮ »‬دير شبيحل‮« ‬الألمانية عن وجود حوالي‮ ‬2600‮ ‬مدرسة و400‮ ‬مستشفي‮ ‬ومركز صحي،‮ ‬و52‮ ‬مشروع إسكان و300‮ ‬قرية و90‮ ‬مركزاً‮ ‬بحثياً،‮ ‬و180‮ ‬مشروعاً‮ ‬زراعي،‮ ‬و6‮ ‬آلاف قاعة كبري‮ ‬للاجتماعات وبالمؤسسات الحكومية وبالاضافة إلي‮ ‬62‮ ‬شارعاً‮ ‬ومحطة تحمل جميعها اسم الرئيس المتنحي‮ ‬حسني‮ ‬مبارك‮. ‬وأكدت المجلة أن الرئيس مبارك ومنا قضية تفوقوا علي‮ ‬كل من قبلهم في‮ ‬نسب المشروعات المختلفة للرئيس،‮ ‬حيث ارتبط اسم الرئيس جمال عبدالناصر بـ‮ ‬200‮ ‬مدرسة في‮ ‬مختلف المحافظات و20‮ ‬مركزاً‮ ‬صحياً‮ ‬،‮ ‬و75‮ ‬قرية‮ ‬،‮ ‬و12‮ ‬حديقة‮ ‬،‮ ‬17‮ ‬مركزاً‮ ‬بحثياً،‮ ‬و11‮ ‬مشروعاً‮ ‬زراعياً،‮ ‬و45‮ ‬شارع ومحطة‮ ‬،‮ ‬بينما ارتبط اسم الرئيس السادات بـ‮ ‬42‮ ‬مدرسة فقط و10‮ ‬مراكز صحية و8‮ ‬قري‮ ‬و7‮ ‬حدائق و16‮ ‬شارعاً‮ ‬ومحطة‮. ‬وبذلك تفوق الرئيس مبارك علي‮ ‬كل سابقيه كفرعون‮ ‬يحمل اسمه كل شيء ولأن صناعة الفراعنة عادة مصرية قديمة تمتد لعصر الفراعنة الذين كانوا‮ ‬يضعون اسم الفرعون علي‮ ‬كل شيء،‮ ‬وبعد انتهاء عصره‮ ‬يزيلونه ليحمل محله اسم الفرعون الجديد،‮ ‬فها نحن الآن نكرر هذه العادة،‮ ‬وكل ما نخشاه أن‮ ‬يتحول الرئيس القادم إلي‮ ‬فرعون جديد بفضل المنافقين الذين‮ ‬ينتشرون في‮ ‬كل عصر،‮ ‬خاصة أن مصر لا تمتلك أي‮ ‬تشريع‮ ‬يحول دون قيام هذه‮ »‬الجوقة‮« ‬من المنافقين بدورها في‮ ‬تأليه الحكم،‮ ‬وتضخيمه وتفخيمه،‮ ‬بما‮ ‬يحوله إلي‮ ‬فرعون رغما عنه،‮ ‬في‮ ‬حين أن كل دول العام تمنع هذه الصناعة بموجدب قوانين تمنع تسمية أي‮ ‬مشروع أو شارع باسم الرئيس إلا بعد انتهاء مدة حكمه درءاً‮ ‬لشبهات النفاق وتضخم الحكام،‮ ‬فعلي‮ ‬سبيل المثال مطار شارل ديجول بفرنسا لم‮ ‬يحمل هذا الاسم إلا بعد وفاة ديجول ومدينة واشنطن لم‮ ‬يتم تسميتها بهذا الاسم إلا بعد وفاة جورج واشنطن،‮ ‬ومن هنا اصبح من الضرورة أن تحمل الثورة التي‮ ‬طالبت بتغيير النظام في‮ ‬مصر ـ معها ما‮ ‬يغير النظام بالفعل ويقضي‮ ‬علي‮ ‬صناعة الطواغيت والفراعنة،‮ ‬بدءا من إعداد دستور‮ ‬يضمن هدم هذه الصناعة،‮ ‬وحتي‮ ‬اتخاذ قرارات وإجراءات تخلق حاكماً‮ ‬عادلاً‮ ‬حتي‮ ‬لا نكرر تجربة حكم الرئيس المتنحي‮ ‬الذي‮ ‬حول البلاد هو ورجاله إلي‮ ‬ما‮ ‬يشبه العزبة الخاصة‮ ‬يفعلون فيها ما‮ ‬يشاءون دون خوف من رقيب أو حسيب،‮ ‬وهو ما كشفت عنه تحقيقات النيابة في‮ ‬القضايا المتهم فيها رجال النظام السابق،‮ ‬والتي‮ ‬كشفت عن حجم‮ ‬غير متوقع من الفساد وصفته جريدة‮ »‬الواشنطن بوست‮« ‬بأنه المرة الأولي‮ ‬في‮ ‬التاريخ التي‮ ‬يكون فيها نظام حكم بأكمله داخل السجون‮. ‬وإذا كانت الصحف الأجنبية قد وصفت حكم محكمة الأمور المستعجلة بأنه انتهاء لمرحلة‮ »‬الحكم المطلق‮« ‬في‮ ‬مصر،‮ ‬وأن وجود صور الرئيس السابق واسمه في‮ ‬كل مكان دليل علي‮ »‬سلوك التملق طوال فترة حكمه،‮ ‬من هنا فا لابد أن تحمل لنا المرحلة القادمة فكراً‮ ‬جديداً‮ ‬لعدم صناعة فرعون جديد قد تثور عليه في‮ ‬المستقبل ونعيد الكرة من جديد‮.‬

جدير بالذكر أن حكم الفرد المطلق كان دائما عادة مصرية علي‮ ‬مر التاريخ فحتي‮ ‬بعد انتهاء العصر الفرعوني‮ ‬استمرت هذه العادة معنا في‮ ‬العصر الإسلامي‮ ‬واتخذت المساجد والمدارس والأسبلة اسماء الملوك والحكام،‮ ‬وفي‮ ‬العصر الحديث أصبح محمد علي‮ ‬هو الصانع الوحيد والزارع الوحيد والمالك الوحيد بموجب قوانين جعلته‮ ‬يمتلك كل شيء هو وأسرته،‮ ‬وبعد انتهاء العصر الملكي‮ ‬وقيام ثورة‮ ‬23يوليو ورغم التغييرات التي‮ ‬حدثت إلا أن الوضع لم‮ ‬يختلف كثيراً،‮ ‬وأصبح المنافقون‮ ‬يطلقون أسماء الرؤساء علي‮ ‬كل شيء،‮ ‬والرؤساء أنفسهم‮ ‬يباركون ذلك ويقبلونه،‮ ‬في‮ ‬حين تقوم الحاشية بفعل كل ما تريد،‮ ‬بل والأكثر من ذلك أنه كان‮ ‬يتم تفصيل القوانين والدساتير لصالح الرؤساء وهو ما حدث في‮ ‬دستور‮ ‬1971‮ ‬والذي‮ ‬منح الرئيس السادات سلطات واسعة جعلته رئيس كل شيء،‮ ‬وورث هذه الصلاحيات الرئيس مبارك من بعده،‮ ‬بل إن ترزية القوانين قاموا في‮ ‬عهد الرئيس السادات بتغيير مواد الدستور ليصبح الرئيس حاكما‮ »‬لمدد‮« ‬أخري‮ ‬بدلا من مدة واحدة،‮ ‬وفي‮ ‬عهد الرئيس المتنحي‮ ‬مبارك قام هؤلاء الترزية بتفصيل التعديلات الدستورية لخدمة قضية التوريث،‮ ‬لذلك أصبحت المطالبة بوضع دستور جديد للبلاد،‮ ‬وقوانين تضمن عدم صناعة فرعون جديد مطلبا شعبيا‮ ‬يجب أن‮ ‬يتم تفعيله الآن وقبل أي‮ ‬انتخابات حتي‮ ‬لا تمنح الفرصة للمتملقين والمنافقين وترزية القوانين لكي‮ ‬يخلقوا فرعونا جديداً‮ ‬من الرئيس القادم‮.‬فايز محمد علي‮:‬

أصحاب المصالح هم السبب في‮ ‬صناعة الفراعنة

فايز محمد علي‮ ‬نائب رئيس حزب العمل اشار إلي‮ ‬أن صناعة الفراعنة عادة مصرية‮ ‬،‮ ‬قديمة واصحاب المصالح هم السبب فيها،‮ ‬فهم الذين‮ ‬يسعون إلي‮ ‬تملق الحاكم بأي‮ ‬صورة من الصور،‮ ‬وبالتالي‮ ‬يجملون كل ما‮ ‬يفعل،‮ ‬ويحاولون التقرب إليه وتمجيده وتعظيمه،‮ ‬أما باقي‮ ‬أفراد الشعب المصري‮ ‬فيلتزمون بمبدأ‮ »‬البعيد عن السلطان سلطان‮« ‬فهم‮ ‬يفضلون البعد عن الحكم،‮ ‬ولا‮ ‬يهتمون بشئ سوي‮ ‬بعملهم فقط،‮ ‬بالاضافة إلي‮ ‬أن طول مدة الحكم‮ ‬يجعل من الحاكم فرعونا فالسلطة مفسدة،‮ ‬ولذلك‮ ‬يمرض الحاكم بمرض‮ »‬الفرعنة‮« ‬ويفسده من حوله لذلك فيجب أن تكون فترة الحكم محددة لأن طول مدة الحكم مفسدة للحاكم ولمن حوله أيضاً‮.‬

فاروق العشري‮:‬

السيادة‮ ‬يجب أن تكون للشعب وليست للحاكم‮!‬

فاروق العشري‮ ‬أمين التثقيف بالحزب الناصري،‮ ‬يري‮ ‬أن الوعي‮ ‬الشعبي‮ ‬والإرادة الوطنية هما السبيل الأمثل للقضاء علي‮ ‬صناعة الفراعنة،‮ ‬حيث إنه لابد من تحريك الوعي‮ ‬الثقافي‮ ‬والشعبي‮ ‬ليصبح الوطن هو أساس الرابطة التي‮ ‬تربط الإنسان بالأرض،‮ ‬ومن هنا تتشكل علاقة أصيلة ما بين الإنسان والأرض باعتباره الوطن،‮ ‬بدون أي‮ ‬نظره تقديس للحاكم أو الانطلاق من قاعدة أن الفرعون هو أساس الوجود في‮ ‬الوطن،‮ ‬فمثل هذه العقيدة البدائية لم تعد تتناسب مع القرن الحادي‮ ‬والعشرين،‮ ‬والظروف الدولية التي‮ ‬نحياها،‮ ‬فدور الإنسان في‮ ‬المجتمع هو الأهم باعتباره اللبنة الرئيسية لأي‮ ‬مجتمع،‮ ‬ومن هنا فإن تحقيق هذا المبدأ‮ ‬يتطلب وضع دستور جديد‮ ‬يبني‮ ‬لدولة المؤسسات لا دولة الفرد الواحد،‮ ‬وما‮ ‬يستلزم ذلك من تغيير القوانين التي‮ ‬تمنح الرئيس سلطات مطلقة تجعل كل من حوله‮ ‬يحاولون التقرب إليه،‮ ‬فيجب أن تصبح الأمة هي‮ ‬مصدر السلطات بالفعل،‮ ‬ويصبح الشعب هو مصدر السيادة كما تنفي‮ ‬علي‮ ‬ذلك دساتير العالم المتمديين وليس الحاكم،‮ ‬ومن هنا نقضي‮ ‬تماما علي‮ ‬صناعة الفرعون الحاكم الذي‮ ‬يعتبر فوق مستوي‮ ‬البشر‮ ‬يعلم

مالا‮ ‬يعلمون،‮ ‬أو‮ ‬يحكم بمبدأ أنه ظل الله علي‮ ‬الأرض،‮ ‬فالإعلاء من شأن المواطن الفرد‮ ‬يقضي‮ ‬علي‮ ‬فكرة الحاكم الأوحد الذي‮ ‬يمكنه أن‮ ‬يفعل أي‮ ‬شئ وكل شئ فيجب ان‮ ‬يكون الإنسان هو القوة الأولي‮ ‬في‮ ‬الحساب السياسي‮ ‬الذي‮ ‬تصدر كل القوانين والقرارات لمصلحته هو وليس لمصلحة الحاكم‮.‬

الدكتور محمد الجوادي‮:‬

المحيطون بالرئيس‮ ‬يجعلونه فرعوناً‮ ‬لتحقيق مصالحهم الشخصية

المفكر السياسي‮ ‬الدكتور محمد الجوادي‮ ‬أكد أن هناك عدة أسباب لصناعة الفراعنة أولها رغبة بعض القوي‮ ‬السياسية أو النخبة في‮ ‬أن‮ ‬يكون الرئيس‮ ‬غير معروف لهم،‮ ‬حتي‮ ‬تتاح لهم الفرصة للاستيلاء علي‮ ‬عقله وقلبه ووجدانه،‮ ‬بينما لو كان معروفا لهم ومنفتحا علي‮ ‬كل الجبهات فإن فرصتهم في‮ ‬السيطرة عليه تضعف،‮ ‬ولذلك فغالبا ما تفضل هذه القوي‮ ‬أنصاف المشاهير حتي‮ ‬يمكنهم السيطرة عليهم بشتي‮ ‬الطرق،‮ ‬أما السبب الثاني‮ ‬لصناعة الفراعنة فهو الاستفادة من الرئيس لذلك‮ ‬يتباري‮ ‬المحيطون به في‮ ‬تأليهه وبيان مدي‮ ‬ذكائه وألمعتيه والتصفيق لكل ما‮ ‬يفعل حتي‮ ‬يمكنهم السيطرة عليه،‮ ‬ومن ثم الاستفادة منه حيث ان الرئيس العادي‮ ‬لا‮ ‬يستطيع مخالفة القوانين،‮ ‬أما الفرعون فهو القانون ذاته لذلك‮ ‬يمكنه أن‮ ‬يفعل أي‮ ‬شـيء ولا‮ ‬يمكن لأي‮ ‬شخص أن‮ ‬يخالف تعليماته أو قراراته‮. ‬والسبب الثالث‮ ‬يرجع إلي‮ ‬السلطات الواسعة التي‮ ‬تمنحها القوانين للاستثناءات،‮ ‬فكل قانون‮ ‬يعطي‮ ‬فرصة للرئيس لاستثناء البعض،‮ ‬وهذه هي‮ ‬الثغرة التي‮ ‬يستفيد منها المحيطون به،‮ ‬ولذلك‮ ‬يحاولون بشتي‮ ‬الوسائل جعله فرعونا،‮ ‬ويصير كل شيء في‮ ‬الدولة لا‮ ‬يتم إلا بتعليمات السيد الرئيس وبعد موافقة،‮ ‬كذلك فكثرة المشكلات التي‮ ‬يعاني‮ ‬منها الشعب المصري،‮ ‬وعدم قيام أي‮ ‬مسئول بدور في‮ ‬حل هذه المشكلات‮ ‬يجعل كل شيء لا‮ ‬يتم إلا بأمر السيد الرئيس الذي‮ ‬يصبح هو الآمر والناهي‮ ‬في‮ ‬كل شيء،‮ ‬وبالتالي‮ ‬يزيد إحساسه بذاته فيصبح فرعونا.بالاضافة إلي‮ ‬تأصل فكرة ليس لك من الأمر شئ،‮ ‬فيءلفرعون مسئول أولاً‮ ‬وأخيراً‮ ‬عن كل شيء،‮ ‬وهي‮ ‬عادة فرعونية قديمة توارثها المصريون علي‮ ‬مر العصور وأصبحت هي‮ ‬السمة الأساسية للحكم في‮ ‬مصر،‮ ‬وهذه القاعدة‮ ‬يجب أن تتغير وتتحول مصر إلي‮ ‬دولة مؤسسات بالفعل،‮ ‬وليس دولة أفراد،‮ ‬لأن دولة المؤسسات تحكمها قواعد وقوانين،‮ ‬أما دولة الفرد فيحكمها الفرعون الذي‮ ‬لا ترد له كلمة،‮ ‬ومن ثم‮ ‬يحاول المحيطون به تأليهه لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة،‮ ‬وهذا الوضع‮ ‬يجب أن‮ ‬يتغير لأن الثورة طالبت بتغيير النظام وليس بتغيير الأفراد‮.‬

الدكتور إبراهيم درويش‮:‬

‮»‬الموضوعية‮« ‬أهم متطلبات المرحلة القادمة

الفقيه الدستوري‮ ‬الدكتور إبراهيم درويش استاذ القانون الدستوري‮ ‬بجامعة القاهرة‮ : ‬أسوأ ما في‮ ‬النظام السياسي‮ ‬المصري‮ ‬هو صناعة الفراعنة،‮ ‬لأن النظام المصري‮ ‬يتسم بالشخصنة والمصلحة الذاتية الشخصية،‮ ‬وعدم مراعاة المجتمع والمخاطبين بالقرار،‮ ‬ويستوي‮ ‬في‮ ‬هذا الخطأ الدستور المصري‮ ‬والقوانين والقرارات واللوائح ففي‮ ‬عام‮ ‬1971‮ ‬قامت لجنة دستورية بوضع دستور للبلاد وتم تقديمه لرئاسة الجمهورية في‮ ‬بداية سبتمبر‮ ‬71‮ ‬وفوجئنا‮ ‬يوم‮ ‬7‮ ‬سبتمبر بنشر دستور جديد تم تفصيله للرئيس السادات وظل هذا هو الوضع القائم في‮ ‬كل القوانين المصرية بعد ذلك وحتي‮ ‬إذا تركنا الدستور نجد أن كل القوانين واللوائح والقرارات في‮ ‬معظمها تصنع وفقا لمعايير تتسم بالشخصنة،‮ ‬ولاهداف ذاتية لصانعيها وزادت هذه الظاهرة في‮ ‬عهد الرئيس المخلوع حيث كانت معظم القرارات والقوانين تتم صناعتها من أجل أشخاص عكس ما كان‮ ‬يحدث في‮ ‬عهد الرئيس‮ »‬عبدالناصر‮« ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يقرأ بعناية جميع القرارات التي‮ ‬تصدر عن رئاسة الجمهورية،‮ ‬أما في‮ ‬عهد الرئيس السادات فقد بدأت صناعة القرارات لأهداف شخصية وكانت القرارات تصدر بطريقة‮ »‬المصطبة‮« ‬وابتكر مجلس الشوري‮ ‬لمساعدته علي‮ ‬تبرير القرارات والقوانين التي‮ ‬يريدها،‮ ‬واستمرت هذه الحالة في‮ ‬عهد الرئيس مبارك الذي‮ ‬كان‮ ‬يوقع فيه علي‮ ‬القرارات دون دراسة وانتشر في‮ ‬عهده ما‮ ‬يعرف بترزية القوانين،‮ ‬الذين اسماهم المستشار عبدالعزيز الجندي‮ ‬وزير العدل‮ »‬اسكافية القوانين‮« ‬وهؤلاء جمعيا خلقوا فرعونا،‮ ‬وكان هذا الفشل هو السبب في‮ ‬انتشار الفساد في‮ ‬عهده،‮ ‬وتحولت مصر إلي‮ ‬عزبة خاصة للرئيس السابق وأسرته وأبنائه‮. ‬ومن هنا‮ ‬يجب علي‮ ‬الرئيس القادم أن‮ ‬يتسم بالموضوعية في‮ ‬اتخاذ القرار،‮ ‬فالقوانين والقرارات ليست موجهة لشخص بعينه،‮ ‬إنما‮ ‬يجب ان تتم بناء علي‮ ‬قواعد موضوعية تبدأ بتحديد المشكلة وأبعادها،‮ ‬مع الاهتمام بدراسة اتجاهات الرأي‮ ‬العام،‮ ‬وتحديد البدائل لحل المشكلة،‮ ‬واختيار أمثل الحلول لها،‮ ‬ثم اتخاذ القرار الأفضل،‮ ‬وهذا هو الحل الأمثل للخروج من أزمة صناعة الفراعنة فالقرار سيكون صادرا عن جهة معنية وبعد دراسة ولا دخل للرئيس الملهم فيه وبالتالي‮ ‬فلن‮ ‬يحاول أحد تملقه،‮ ‬اما ما كان‮ ‬يحدث من قبل ومازال‮ ‬يحدث الآن من اختيارات عشوائية وبدون‮ ‬قواعد،‮ ‬واصدار قرارات دون دراسة فلن‮ ‬يغير في‮ ‬الوضع،‮ ‬بالعكس ستسوء الأحوال أكثر وسنعود إلي‮ ‬الماضي،‮ ‬وسنصنع فرعونا جديدا من أي‮ ‬رئيس قادم،‮ ‬حتي‮ ‬لو ثولاها ملاك‮.‬