بشير الديك: جيلى أول من فضح فساد الشرطة ـ فيديو
توقع الكاتب الكبير بشير الديك ثورة يناير، وفجرها خلال أعماله التي ناقش فيها الفساد في فيلم »ضد الحكومة« ورفع فيه شعار »كلنا فاسدون«، مروراً بفيلم »ضربة معلم« الذي عرض فيه تزاوج المال مع السلطة
ونجح في عرض قضايا الجاسوسية التي قدمها مع نادية الجندي وكانت آخر أعماله فيلم »الكبار« والذي نجح من خلاله في التحايل علي الرقابة وعرض فساد الشرطة بكل جرأة.. من خلال رؤيته للأحداث القادمة يري أن السينما هي الوحيدة القادرة علي إبراز هذه الثورة، وهي القادرة علي الحفاظ علي مبادئها فحول رؤيته حاورناه فقال:
ماذا عن أول عمل قررت كتابته بعد الثورة؟
- أكتب مسلسلاً باسم »الحادثة« بدأته منذ فترة لكني كنت أتحايل به علي الرقابة لأنه يناقش قضية خطيرة فهو يتحدث عن الفساد الشديد في الشرطة. تدور أحداثه حول شاب من أمن الدولة يدافع عن ابنه الصغير المخطئ وتتطور الأحداث حتي يعترف الولد بخطئه الشديد في حق نفسه وحق بلده.
وهل حرية الرقابة بعد الثورة ستعطي لك الفرصة في طرح جميع القضايا التي تريدها؟
- سبق وقدمت فساد الشرطة في فيلم الكبار ولكني في كل أعمالي كنت أتحايل علي الرقابة حتي توافق فأقول ما أريد ولكن دون أن يجد الرقيب ما يحذفه، لكن الآن أصبحت هناك مسئولية كبيرة علي المبدع، فالكلام أصبح سهلاً دون مستندات ولذلك لابد أن الكاتب يراعي ضميره في الأعمال التي سيقدمها لأنني أتوقع أن يكون هناك شكل من أشكال الانفلات لدي المبدعين، لأنه أصبح هناك استسهال في التعامل مع الأشياء الأمنية، خاصة أمن الدولة التي كان يصعب التعامل معها من قبل فكان هناك محاذير يضعها المبدعون علي أنفسهم، بالإضافة إلي حدود ورقابة، لكن هذا انتهي.
هل أنت مع إلغاء الرقابة؟
- أنا مع إلغاء الرقابة الحكومية المتمثلة في وزارة الثقافة لأن الحكومة تروج لما تريده وما يتنافي مع فكرها ستمنعه وهذه هي الرقابة المضرة والبديل هو رقابة المجتمع التي تعني أن أكون شخصاً مسئولاً أو أن أكون أكثر حرية وعمقاً، فالإنسان المصري الذي خرج إلي ميدان التحرير وتعرض للقتل هنا أصبح ناقداً له رأي.
هل ستقدم عملاً عن الثورة؟
- أنا لا أريد أن ابتزل هذه الثورة، ناقشت الفساد قبل قيامها وكنت سأقدم شخصية خالد سعيد وحلمت بها ولكني فكرت أن تقديم أي شيء الآن سيحرقها فأنا أنتظر لأنها مازالت في بدايتها.
لماذا توقف مسلسل »الراقصون علي النار«؟
- توقف لأن أحداثه تدور حول الفتنة الطائفية وهناك حساسية بين الطائفتين الآن، لذلك فمن الصعب تقديمها خاصة بعد أحداث كنيسة صول.
ما مصير مسلسل »عابد كرمان« بعد أن منعت عرضه المخابرات؟
- المسلسل تم عرض الـ 30 حلقة الآن علي المخابرات ووافقت علي عرضه وكانت قد رفضته من قبل بحجة أنه يتناول شخصية موشي ديان وزير دفاع دولة بيننا وبينهم اتفاقية سلام رغم أن دولة إسرائيل لديها حرية وسجنوا رئيسهم المتهم في قضية مخلة بالشرف لكني فوجئت بعد أن صرف التليفزيون ميزانية كبيرة علي العمل ووافقوا علي السيناريو وهو مأخوذ من رواية »كن صديقاً لديان« وكان من الممكن أن يقولوا يجب ألا يظهر ديان في المسلسل فأحذفه لكنهم انتظروا حتي تم تصويره وإخراجه وإنتاجه وأوقفوه دون أسباب، وذلك لخوفهم من أمريكا التي كانت ستأمر بتولي جمال مبارك الرئاسة غصباً عن الشعب، فإذا أهنا إسرائيل فبذلك يكون أهنا أمريكا.
لماذا لم يعرض مسلسل »ظل المحارب« في التليفزيون المصري؟
- التليفزيون مشارك في إنتاج هذا المسلسل ومع ذلك لم يعرضه رغم أن هذا المسلسل وافقت عليه اللجنة التي عينها وزير الإعلام السابق بقيادة فوزي فهمي وهو مشهود له بالكفاءة، ورأوا المسلسل وقالوا إنه عظيم، وطالبوا بعرضه بشكل جيد ورغم ذلك وجدت أنه عرض علي قناة دراما رمضان 2 مرة واحدة وعرضت منه 30 حلقة فقط لأن القناة أغلقت بعد شهر رمضان وأنا لم أتعجب لأن المجتمع كانت تحكمه الشللية والمصالح المادية البسيطة والتعامل مع الفن بمنطق السبوبة، وهذا المسلسل قالوا إنني أهنت الرئيس فيه لأنني قلت جملة واحدة إنه طيب لكنه من عين الأشرار في مناصبهم وكنت أتحدث خلاله عن دولة وهمية اسمها كاربستان والمقصود بها بلد الكرب لكنهم وجدوا أن بها إسقاطاً.
وهل ما ناقشته حدث؟
- المنطق يقول أن يدافع رئيس الدولة عن أولاده لا أن يأمر بقتلهم فحتي عندما قررت أن أقيم ثورة في المسلسل بميدان الحريات جعلت المرتزقة هم من يقتلون الثوار وليس الحاكم، فالوضع المصري خرج حتي عن المنطق وما حدث في الثورة كان خيالاً.
ماذا تعني بأن الوضع كله كان سبوبة؟
- اختيارات الحكومة كانت لا يحكمها أي معايير وهذه الفوضي بدأت منذ 1974 منذ انفتاح »السداح مداح« ومن تحويل أعظم انتصار في حياة الشعب المصري فعندما يترك رئيس الدولة 99 في المائة من أوراق البلد في يد أمريكا فكان من الطبيعي أن يحدث انفلات، وهذه الأمور كانت تتفاقم فضربوا الصناعة الوطنية وكنا نقدم وقتها أفلاماً من الضد القيم حتي نجيب محفوظ نفسه فعل ذلك، كلنا كنا فاسدين، فعندما يحدث تحالف لرأس المال مع السلطة ويصبح الفساد هو السائد والجيد هو الاستثناء ونصبح مجتمعاً مفكوكاً ليس به دولة وكان هناك مجموعة عصابات يحمون أنفسهم بالأمن والدليل أن رئيس الجيش الإسرائيلي قال إن مبارك كان كنزاً استراتيجياً لإسرائيل وهذا يعني أن مصر دولة تابعة لإسرائيل.
هل تري أن اتفاقية كامب ديفيد كانت مطبقة أكثر من عصر مبارك؟
- أنا أتذكر مقالات ليوسف إدريس يتحدث فيها ليوسف والي عنوانها: »ليس بالكانتالوب والفراولة يحيا الإنسان« يقول فيها لماذا نزرع كانتالوب وفراولة ويبيعوهم ويشتروا بأثمانهم قمح هل هذا دليل علي أنهم عملاء هناك أولويات لكنهم قتلوا الروح المصرية في 30 عاماً.
هل أنت مع محاكمة الرئيس السابق؟
- نحن عشنا في مرحلة فوضي ولابد أن يحاكم كل من أخطأ وكل شخص سيأتي بعد مبارك لابد أن يعلم أنه سيحاكم لأننا سرقنا 30 عاماً دون وازع من ضميره فكيف نسامحه علي ما فعله بنا، مصر دولة تسرق منذ 7 آلاف عام ومع ذلك تسير ببركة الأولياء.
هل ترشح عمرو موسي رئيساً للجمهورية؟
- أنا أحبه وهو أكثر شخص لديه كاريزما وهو عروبي ووطني لكن لا يصلح لرئاسة مصر لأنه جزء من النظام السابق نما وتربي وترعرع فيه وكان جزءاً واضحاً منه، بالإضافة إلي أنه كان رئيساً لجامعة الدول العربية أي وظيفته أن ينفذ ما يقوله الحكام العرب فهو مجرد سكرتير يحاول أن يتخذ قرارات ولكن ليس بيده سلطة ضد رغبة
وماذا عن البرادعي كرئيس؟
- البرادعي توقع الثورة قبل أن تحدث بسنة و3 شهور جمع توقيعات وقال لو نزلنا الشارع في مظاهرة مليونية لن نعود قبل أن يسقط النظام وقال لو النظام رفض سنحول التظاهر السلمي إلي عصيان مدني وهذا ما حدث، أما بالنسبة للمستقبل البرادعي عاش أهم فترات عمره مع الغرب وهذه ميزة لأنه قادر أن يستنشق هواء نظيفاً لم يجلس في مصر مكبوتاً في نظام فاسد طوال هذه السنوات ويعلم ماذا تعني كلمة الديمقراطية ونحن نريد في هذه المرحلة موظفاً بدرجة رئيس دولة خداماً للشعب يأخذ مرتبه والبعض يتهم البرادعي بأنه لا يمتلك القدرة علي الحوار الجيد نحن في هذا الوقت لا نحتاج زعيماً ليتحدث، نريد موظف يخرج بمصر إلي بر الأمان دون فلسفة.
في رأيك هل من حق الفنان أن يؤسس حزباً لنفسه؟
- الفنان هو حزب بذاته، فهو مواطن مثل أي مواطن له نفس العيوب ويعاني من نفس المشاكل والفنانون العالميون نحبهم ونحترمهم عندما يكون لهم رأي سياسي نحترمه أو يفكرون في إنشاء حزب، وأنا أتمني أن يقام حزب يكون موقعه الفيس بوك ومكان انطلاقته علي الفيس بوك والمشاركون في الفيس بوك هم الأعضاء حتي نحافظ علي روح الثورة.
بما أنك الصديق المقرب لسعاد حسني هل تتوقع أن صفوت الشريف متورط في قتلها؟
- من خلال معرفتي بسعاد حسني فهي لم تنتحر خاصة في آخر أيامها فأنا علي علاقة وطيدة مع سعاد منذ عملنا معاً في فيلم »موعد علي العشاء« مع الفنانين أحمد زكي وحسين فهمي وربطتنا علاقة قوية أنا وهي ومحمد خان وكانت تأخذ رأيي في كل أعمالها وقابلتها قبل وفاتها بأيام قليلة في الزمالك وحاولت أن تخبي وجهها مني لأنها كانت بدينة وهي لم تكن تحب الظهور بهذا الشكل، فشخصية سعاد حسني لا يمكن أن تنتحر والدليل ما فعله سمير صبري في محاولة منه لكشف الحقيقة. وحين اقترب علي الوصول للحقيقة أغلقوا برنامجه، والكل يعلم أن صفوت الشريف كان يستغل كل الفنانات في عصره لأعماله القذرة.
كيف تري رفض الفنانين والمؤلفين لتخفيض أجورهم؟
- المادة الإعلامية التي كانت مطروحة كان هناك مزاد علني بين الفضائيات وأقاموا مهرجانات خاصة للأجور وبالتالي بدا عناصر العمل الفني يبحثون علي الأغلي حيث إن أغلبهم يقدم عملاً واحداً في السنة والسوق مفتوح أمامه في الفضائيات يختار مما يري ولكن الآن من المفترض أن يعمل الكل علي تقليل أجره.
قدمت مع عاطف الطيب ومحمد خان وخيري بشارة سينما الثمانينيات.. هل توقعتم الثورة؟
- نحن أول من فجرنا الثورة وناقشنا مشاكلها بكل جرأة، ناقشتها عندما قلت كلنا فاسدون في »ضد الحكومة« وكشفت عن الوجه القبيح للمجتمع في »هند وكاميليا« فكنا في جيل الثمانينيات نجعل السينما شغلنا الشاغل كنا جميعاً نأخذ آراء بعضنا في كل الموضوعات وما فعله الشباب سيجعل لهم الفن معادل الروح وأنا أتذكر أن جيلي كان يتعامل مع الفن وأنا أتذكر أن المخرج محمد خان كان في قمة مجده وكان يمتلك سيارة فلوكس وعندما أعطاها للميكانيكي استهزأ به كيف لمخرج مهم أن يركب سيارة مثل هذه لأننا تربينا أن نتعامل مع الفن علي أنه تعبير عن المجتمع وليس مجرد سبوبة.
وماذا عن مسلسلك مع القذافي؟
- طلب مني القذافي أن أكتب مسلسلاً عن حياته الشخصية وكان الإنتاج بالاشتراك مع عديله وطلب مني وقتها أن أكتب مسلسلاً عن قصة حياته بشرط ألا أقول إنه هو نفس الشخصية فكان يصور نفسه بفرعون وطلب أن أسجل حياته في 100 حلقة وأحضر لي أقاربه وأفراداً من معظم الشعب الليبي لأتحدث معهم عن حياته وإنجازاته وكنت وقتها أتمني من الله أن يحدث أي شيء ليبعدني عن هذا المسلسل رغم أن المبلغ الذي عرض عليّ كبير جداً وبالفعل جلست مع القذافي يوماً كاملاً، ووقتها تأكدت أنه شخص مختل عقلياً فكان ينظر إلي السقف ولم أتحدث معه ولا كلمة فكان يريد أن أصوره كفرعون الأرض وكان يتفاخر بأنه عميد عمداء العرب وهو ليس زعيماً أو رئيساً.
وماذا عن مسلسل »الفتوة وبنت البلد«؟
- كنت معجباً جداً بقصة الحب بين الراحلين فريد شوقي وهدي سلطان وعندما طلبت مني ابنتهما ناهد أن أقدم عملاً عنهما كنت سعيداً ولكن سأنتظر الانتهاء من السيناريوهات التي أكتبها الآن حتي يتسني لي الوقت لكتابة الموضوع.
شاهد الفيديو