بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

ثلاجة لمبارك تفتح خزائن البترول للكموني



هي‮ ‬ليست عصامية محصنة بجدار فولاذي‮.. ‬لكنها امرأة لافتة للانتباه‮.. ‬محاطة بسياج زجاجي‮.. ‬فلا المجوهرات الثمينة التي‮ ‬تكسو رقبتها وأصابعها دليلاً‮ ‬علي‮ ‬ثراء موروث،‮ ‬ولا الملابس المصممة في أشهر وأغلي‮ ‬بيوت الأزياء قادرة علي‮ ‬محو الحقائق،‮ ‬لكن لا‮ ‬ينكر أحد أن هذه الأهمية المصنوعة كانت كافية لأن تجعل قيادات مطار القاهرة الدولي لا‮ ‬يدخرون جهداً،‮ ‬لإنهاء إجراءات سفرها وعودتها،‮ ‬واستقبالها في‮ ‬صالة كبار الزوار،‮ ‬تنفيذاً‮ ‬لتعليمات صادرة من رئاسة الجمهورية‮.. ‬الجميع لا‮ ‬يعرفون عنها سوي أنها شخصية‮ »‬VIP‮«‬،‮ ‬دائماً‮ ‬تكون في صحبة سوزان مبارك،‮ ‬وقليلون هؤلاء الذين‮ ‬يعرفون أنها كلمة السر في‮ ‬بيزنس البترول،‮ ‬وفي‮ ‬حقيبة‮ ‬يدها مفاتيح الأبواب المغلقة‮.‬

اسمها زينات الكموني‮ »‬70‮ ‬سنة‮« ‬صديقة مقربة من سوزان مبارك،‮ ‬وزوجة الطيار سمير رمضان زميل وصديق مبارك منذ ما‮ ‬يزيد علي‮ ‬نصف قرن‮.‬

العلاقة الوطيدة بين مبارك وسمير رمضان كانت دافعاً‮ ‬لأن‮ ‬يقطنا في‮ ‬شقتين متجاورتين بإحدي‮ ‬بنايات مصر الجديدة‮.‬

العلاقة بين الأسرتين تنامت أثناء سفر مبارك في‮ ‬نهاية الستينيات،‮ ‬إلي‮ ‬الاتحاد السوفيتي،‮ ‬للحصول علي‮ ‬دورة تدريبية،‮ ‬بعد نكسة‮ ‬يونيو‮ ‬1967،‮ ‬فتولي‮ ‬سمير رمضان رعاية أسرة مبارك وتوطدت علاقة‮ »‬زينات الكموني‮« ‬بسوزان مبارك،‮ ‬وقتها طلب مبارك من سمير رمضان شراء ثلاجة وساعده سمير رمضان في‮ ‬عملية الشراء من أحد معارفه‮.‬

في تلك الأثناء‮ - ‬وحتي‮ ‬الآن‮ - ‬لم‮ ‬يكن لزينات أبناء،‮ ‬فكانت تشغل وقت فراغها بالاهتمام بنجلي‮ ‬مبارك‮ »‬علاء وجمال‮« ‬اللذين تعلقا بها إلي‮ ‬أن شاركتهما في اختيار زوجتيهما،‮ ‬فصارت الصديقة‮ »‬الأنتيم‮« ‬لزوجة مبارك،‮ ‬وكان مسموحاً‮ ‬لها ما كان ممنوعاً‮ ‬علي‮ ‬الآخريات فكانت سوزان تقابل‮ »‬زينات‮« ‬بملابس المنزل،‮ ‬وتتحدث معها في‮ ‬جميع الأمور الخاصة بزوجتي‮ ‬علاء وجمال،‮ ‬هايدي راسخ وخديجة الجمال‮.‬

من بوابة العلاقات الخاصة،‮ ‬والصداقات الوطيدة،‮ ‬دخلت زينات الكموني‮ ‬عالم البيزنس وحددت لنفسها نصيباً‮ ‬يليق بها وبمكانتها وحجم علاقاتها من‮ »‬تكية‮« ‬مبارك وأسرته المعروفة مجازاً‮ »‬وزارة البترول‮«.‬

ففي‮ ‬كواليس تلك‮ »‬التكية‮« ‬تختبئ تفاصيل إحدي‮ ‬القصص التي‮ ‬جري‮ ‬التكتم عليها مؤخراً،‮ ‬خشية خروجها للعلن،‮ ‬فهي‮ ‬كاشفة للأساليب المبتكرة في‮ ‬عمليات النهب المنظم والطرق الغامضة لتسهيل الاستيلاء علي‮ ‬المال العام مجاملة لصديقة سوزان‮.‬

استثمرت زينات الكموني‮ ‬صداقتها بحرم الرئيس السابق،‮ ‬ودخلت في مجال العمل العام،‮ ‬وأصبحت زميلة لسوزان في‮ ‬مجلس إدارة جمعية مصر الجديدة،‮ ‬وبعدها حديقة الطفل،‮ ‬التي‮ ‬أنفق علي‮ ‬إنشائها مئات الملايين‮ »‬إتاوة‮« ‬من شركات البترول‮.‬

وعن طريق فرض الإتاوات علي الشركات،‮ ‬عرفت زينات طريق الكنز،‮ ‬أو باب مغارة علي‮ ‬بابا،‮ ‬فأسست شركتين هما‮ "‬ماك أويل لتموين السفن‮" ‬و"ما اويل ايجيبت‮" ‬للحصول علي نصيب من حصة الكبار في‮ ‬غنيمة البترول عن طريق التعاقدات المشبوهة‮.‬

أطرف هذه التعاقدات‮.. ‬الهيئة العامة للبترول‮ - ‬الجمعية التعاونية‮ - ‬شركة النصر‮ - ‬شركة زينات الكموني‮".‬

العقد الأول جري توقيعه بين الجمعية التعاونية للبترول،‮ ‬وماك اويل مصر،‮ ‬بغرض تموين السفن داخل البحر،‮ ‬وتأجير البارجات وناقلات التموين،‮ ‬علي أن‮ ‬يكون سعر الطن‮ ‬9‮ ‬دولارات‮.‬

المثير هنا،‮ ‬ان الجمعية التعاونية طبقاً‮ ‬لنشاطها ليست مختصة بتموين السفن وتأجير الناقلات،‮ ‬وكذلك شركة ماك اويل ايجيبت المملوكة لزينات الكموني‮ ‬غير متخصصة في‮ ‬هذا النشاط،‮ ‬وهذا‮ ‬يعني‮ ‬ان من لا‮

‬يملك منح من لايستحق‮!!‬

لكن البحث عن الخفايا‮ ‬يشير لنا،‮ ‬أن العقد الأول كان مغلفاً‮ ‬بالتحايل للحصول علي البارجات ورفع العلم الاجنبي‮ ‬عليها للتهرب من الرسوم والضرائب المستحقة للجمارك وهيئة الاستثمار باعتبارها ناقلات اجنبية،‮ ‬لكن هذه الحيلة كانت لاستغلال المعدات الرخيصة للجمعية التعاونية لأنها قطاع عام،‮ ‬وبعدها تم الانسحاب من هذا التعاقد‮.‬

وتم توقيع تعاقد آخر مع شركة النصر للبترول وكان التعاقد بسعر‮ ‬5‮ ‬دولارات للطن بفارق‮ ‬4‮ ‬دولارات عن الطن الواحد‮. ‬وهذه الحيلة تعظم الفارق في‮ ‬مجمل الأسعار بما قيمته‮ ‬120‮ ‬مليون دولار سنوياً،‮ ‬فارق أسعار فقط،‮ ‬لكن التعاقد هذه المرة جري‮ ‬مع شركة ماك أويل لتموين السفن المملوكة لـ‮ »‬زينات الكموني‮«. ‬أما الشركتان المتعاقد معهما تتبعان الهيئة العامة للبترول والتعاقدات تمت بمعرفتها،‮ ‬وبتوقيع نائب الرئيس التنفيذي‮ ‬للعمليات محمد شفيق‮.‬

زينات التي‮ ‬فازت بجميع التسهيلات في‮ ‬مجال بيزنس البترول‮ ‬يشاركها في‮ ‬هذا النشاط شخص‮ ‬يوناني‮ ‬غامض وهذا الشخص‮ ‬غير المعلوم في‮ ‬الأوساط البترولية بغير شهية البحث عن دوره الحقيقي،‮ ‬هو شريك فعلي،‮ ‬أم أنه ممثل لشركاء آخرين،‮ ‬خاصة أن مساهمات أسرة مبارك في‮ ‬الشركات اليونانية،‮ ‬محل اهتمام وبحث الآن،‮ ‬مع جميع المتهمين‮.‬

لم تتوقف حكاية زينات عن ذلك،‮ ‬فهي‮ ‬دائمة السفر مع زوجها إلي‮ ‬العواصم الأوروبية ومن بينها‮ »‬أثينا‮« ‬وبروكسل وفرنسا للتسوق واقتناء المجوهرات،‮ ‬بالإضافة إلي‮ ‬لندن،‮ ‬وكانت الدائرة المحيطة بالبيت الرئاسي‮ ‬تتعامل معها بقدر وافر من الحفاوة،‮ ‬ابتسامات من زكريا عزمي‮ ‬وهرولة من السكرتارية وخلافه،‮ ‬خاصة أن هؤلاء‮ ‬يشرفون علي‮ ‬إقامة زينات وزوجها سمير رمضان مع أسرة مبارك،‮ ‬في‮ ‬استراحة رئاسة الجمهورية بـ‮ »‬كبريت‮« ‬وتقيم زينات في‮ ‬قصر بمنطقة هرم سقارة مساحته نحو‮ ‬5‮ ‬أفدنة،‮ ‬ولم‮ ‬يبتعد زوجها عن البيزنس المغلف بالنفوذ،‮ ‬فهو رئيس مجلس إدارة شركة‮ ‬CTC‮ »‬الفنية للاستشارات الهندسية‮« ‬ونشاطها الاستيرادي من الخارج،‮ ‬ووكيل تجاري‮ ‬أحد أنشطته توريد الرصاص المطاطي‮ ‬لوزارة الداخلية،‮ ‬وأسندت له هذه العمليات بتعليمات رئاسية،‮ ‬فالعلاقة قديمة،‮ ‬والاثنان مبارك وسمير رمضان كانا‮ ‬يقرض كلاً‮ ‬منهما الآخر قروضاً‮ ‬صغيرة في‮ ‬الأزمات والطوارئ،‮ ‬شأن الأسر المتوسطة في‮ ‬الأيام البعيدة‮.‬