بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

أسرار تنكيل زكريا عزمي بعماد الجلدة



لا‮ ‬يستطيع احد الاقتراب منها أو من ابطالها،‮ ‬خشية الفتك او تلفيق الاتهامات أو‮ ‬حياكة المؤامرات،‮ ‬لكن الآن تغيرت الأحوال‮.. ‬ولم تعد هناك أسرار ولم‮ ‬يعد هناك ايضاً‮ ‬من‮ ‬يدفن رأسه في الرمال‮.. ‬فكل الأشياء أصبحت‮ »‬علي عينك‮ ‬يا تاجر‮«... ‬ماكان مكتوماً‮ ‬جبراً‮ ‬وقهراً‮ ‬بين الضلوع‮.. ‬صار صراخاً‮ ‬ملء سمع القاصي والداني‮... ‬وتلوكه الألسنة علناً‮ ‬ليل نهار،‮ ‬علي مصاطب البسطاء،‮ ‬وفي جلسات النميمة علي موائد اللئام‮. ‬فمن بين الأوجاع المكتومة التي أعيت القلوب،‮ ‬والهموم التي حاصرت الأبدان،‮ ‬خرجت عشرات القصص والحكايات المشحونة بالآلام والدموع‮.‬
خرجت جميعها بعفوية وتلقائية،‮ ‬محرضة علي البوح بخباياها،‮ ‬لإلقائها في وجه أصحاب السلطة والنفوذ،‮ ‬ممن استباحوا كل شيء،‮ ‬القانون والبشر،ومصائر العباد‮... ‬مارسوا كل أساليب القهر والتسلط،‮ ‬ضد من أرادوا قهره‮... ‬أصحاب النفوذ هما زكريا عزمي،‮ ‬وأحمد عز،‮ ‬أما المقهورون من نظام مبارك وسطوة رجاله،‮ ‬فهم‮ »‬38‮« ‬شاباً‮ ‬من قرية‮ »‬مستناد‮« ‬ـ شبراخيت ـ بحيرة‮. ‬وكل منهم له حكاية مثيرة،‮ ‬مع رموز لا‮ ‬يعرفونهم‮... ‬فقط رأوا صورهم في التليفزيون أو الصحف‮.‬
قصة هؤلاء كاشفة لنا عن اتساع مساحة القبح في الضمائر الميتة،‮ ‬وحجم الوحشة من‮ ‬غابات وخرائب العقول،‮ ‬وعتمة القلوب الي أدمنت القسوة،‮ ‬وفقدان المشاعر الانسانية فما إن تناولنا في‮ »‬الوفد الأسبوعي‮«‬،‮ ‬الحديث عن حملة التحريض،‮ ‬التي تعرض لها عماد الجلدة النائب السابق بضوء أخضر من‮ »‬مبارك‮«‬،‮ ‬إثر اعلان‮ ‬غضبه علي‮ »‬الجلدة‮« ‬واتهامه له بتمويل معركة أيمن نور مرشح الرئاسة ضده عام‮ ‬2005‭.‬
وما أن تناولنا تلك المشاهد التي‮ ‬يدور بشأنها جدل الآن وخاصة أن الأمر برمته علي مكتب النائب العام،‮ ‬المستشار عبدالمجيد محمود،‮ ‬حتي انهالت علينا ردود الفعل عبر اتصالات هاتفية،‮ ‬وطلب المقابلات،‮ ‬وتقديم البلاغات الي‮ ‬المجلس الأعلي للقوات المسلحة‮.... ‬و‮... ‬و‮... ‬إلخ‮.‬
ردود الفعل كانت تبوح بأسرار جديدة،‮ ‬وربما تكون طازجة وشهية،‮ ‬حول قضية الجلدة الذي رفض دفع الإتاوات فكان مصيره السجن‮.‬
لكن من بين الحكايات،‮ ‬لابد من التوقف عند واحدة منها،‮ ‬فهي مثيرة،‮ ‬فهي تخص ماهر السعيد الجلدة‮.. ‬طبيب تفوق في دراسته الجامعية،‮ ‬وذهب لاكمال دراسته،‮ ‬ونيل درجة الدكتوراه من الولايات المتحدة الأمريكية‮.. ‬وكان قد علم بقضية شقيقه هناك،‮ ‬ولم‮ ‬يحضر لمتابعتها،‮ ‬لانشغاله بدراسته،‮ ‬لكن قبل جلسة النطق بالحكم بـ‮»‬4‮ ‬أيام‮« ‬فقط،‮ ‬توفيت والدته،‮ ‬فحضر لتقبل العزاء مع أشقائه،‮ ‬وبعد العزاء كان‮ ‬يستعد

لمغادرة قريته والعودة الي الولايات المتحدة الأمريكية مرة أخري‮. ‬لمواصلة الدراسة،‮ ‬واجراء عملية جراحية في الجهاز الهضمي،‮ ‬ولم‮ ‬يذهب الي القاهرة لحضور المحاكمة،‮ ‬لكنه فوجئ بأنه مطلوب للقبض عليه،‮ ‬ووصل التهديد بأنه لن‮ ‬يغادر مصر‮.... ‬وبالفعل حكم عليه في قضية التجمهر أمام المحكمة ومع‮ »‬38‮« ‬آخرون،‮ ‬كان نحو‮ »‬70‮« ‬مواطناً‮ ‬من نفس القرية وخرجوا منذ البداية،‮ ‬بعد وصلة تعذيب في مباحث أمن الدولة بالبحيرة‮.‬
الأحكام التي صدرت علي ذوي الجلدة،‮ ‬كانت دافعاً‮ ‬جديداً‮ ‬للضغط عليه داخل السجن،‮ ‬في مقدمة الضغوط طلب صريح من قيادة حزبية‮ »‬أحمد عز‮« ‬بأن‮ ‬يوافق الجلدة علي اعطائهم الحق في إدارة أعماله،‮ ‬فرفض لقيام أشقائه بذلك،‮ ‬فقيل له‮.. ‬إخوتك محكوم عليهم‮!!‬
أي أن الأمر كان مدبراً‮ ‬سلفاً‮.. ‬والهدف هو تقويض الجلدة والضغط عليه بسجن ذويه وعددهم‮ »‬38‮«‬،‮ ‬تقدموا بالعديد من الالتماسات للحاكم العسكري بالموافقة علي إلغاء الأحكام الصادرة ضدهم‮.‬
يري المكتب الرجوع ان التصديق،‮ ‬وإقرار الحكم مع وقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها علي جميع المتهمين عن جميع التهم المنسوبة الي كل منهم‮«..‬
الضحايا أرسلوا أوراقهم الينا ومن بينها،‮ ‬بلاغ‮ ‬جديد مقدم للسيد المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة،‮ ‬يلتمسون فيه العفو عن الاحكام الصادرة ضدهم،‮ ‬في جنحة أمن دولة عليا طوارئ‮.‬
القراءة المتأنية للتفاصيل في هذه الفضائح تذهب بنا الي الاعتراف،‮ ‬بأن سطوة الفساد لازالت باقية،وتدير خيوط مؤامراتها من خلف الجدران،‮ ‬حتي تظل الأسرار موصدة،‮ ‬ولا‮ ‬يتم الكشف عن المزيد منها،‮ ‬فالفساد في تلك القضية‮ ‬ينام علي فراش السلطة،‮ ‬وداخل مقراتها‮.‬