تعرف على حكم تمني الموت في الدعاء

يسأل الكثير من الناس عن تمني الموت فى الدعاء، فأجاب الشيخ أحمد فرج، العالم بوزارة الأوقاف، وقال عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لا يَتمنَّينَّ أحدُكمُ الموتَ مِن ضُرٍّ أصابَهُ، فإن كانَ لا بدَّ فاعِلًا، فليقُلْ اللَّهُمَّ أحيِني ما كانتِ الحياةُ خَيرًا لي، وتوفَّني إذا كانتِ الوفاةُ خَيرًا لي»، (البخاري:5671).
والواثق من نفسه يعرف طريقه جيدًا، ويخطط لكل أمور حياته، ويحدد أهدافه بكل دقة، فلا يدع غيره يفكر له، ولا يترك نفسه للظروف، لأنه هو الذي يصنعها وليست هي التي تصنعه، ولقد وصف الله هؤلاء في كتابه الكريم فقال {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}، سورة الملك: آية: 22.
ولنا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة، فقد كان يخطط لكل أموره، فها نحن نراه في الهجرة الكريمة يحدد لكل واحد دوره وماذا يفعل؟ وفى جميع غزواته كان ينظم جيشه ويحدد لكل قائد هدفه. وكل ما يصنعه الإنسان أو يمتلكه يبدأ في شكل من أشكال الرغبة، وأن هذه الرغبة تبدأ رحلتها من المجرد إلى الملموس من خلال ورشة الخيال، حيث تصنع وتنظم خطط تحويل الرغبة إلى مادة.
والإسلام العظيم لم يترك الإنسان يعيش حياته عبثًا، بل أرشده إلى كل ما يصلح حياته من النواحي كافة، الذاتية والعامة ماديًا وروحيًا وعقليًا وإنسانيًا، وكل ذلك من أجل أن يبذر فيه بذرة الثقة والثبات على المبدأ.
والقلق يفقد الإنسان سكينه النفس وأمنها ورضاها، ويجعله يتحسر على ماضيه، ويسخط على حاضره، ويخاف من مستقبله، والقلق يمارس نشر نشارة الخشب، ويستسلم لآلامه وأحزانه وحسراته على ما فاته، وكان أولى به أن يقول:
ما مضى فات، والمؤمل غيب * * ولك الساعة التي أنت فيها
يقول صاحب كتاب "دع القلق"، "لقد وجدت أن القلق على الماضي لا يجدي شيئًا تمامًا كما لا يجد بك أن تطعن الطعين، ولا أن تنشر النشارة وكل ما يجديك إياه القلق، هو أن يرسم التجاعيد على وجهك، أو يصيبك بقرحة المعدة"، والقلق يهزم صاحبه قبل أن يبدأ المعركة، فمن ظن أنه قد هزم فقد حزم حقًا، ومن ظن أنه ليس مقدامًا فلن يكون مقدامًا، ومن ظن أنه يفوز فلن يفوز أبدًا.
ولا نقول بأن القلق شر كله بل إن القلق إحساس لا غنى عنه ولا استغناء، إنه لازمة لابد منها، إنه الحافز والموجه والمنبه.. ولكنه إحساس يجب أن نلجمه لئلا ينقلب إلى وحش مفترس. فالانفعالات المتضاربة التي ينبت منها
لذا فإن الإسلام يرفض من المسلم نظرة اليأس والتشاؤم، قال تعالى: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} سورة يوسف آية : 87 . وقال أيضًا: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ* لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} سورة الحديد آية : 22- 23.
لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم نموذجًا يحتذى في عدم اليأس والأمل الكبير في الله عز وجل، فعلى رغم مما فعله معه كفار مكة من أذى وعناد وتعذيب، ورفض وإنكار لدعوته، إلا أن اليأس لم يتسرب إلى قلبه بل ظل واثقً بنصر الله تعالى، ويطمأن أصحابه بقوله: "لكنكم تستعجلون"، وكان صلى الله عليه وسلم دائمًا "يتفاءل ولا يتطير"، رواه أحمد.
ويرفض أن يفتح المسلم على نفسه أبواب الشيطان بكلمة "لو" أو "ليت"، وحذر صحابته من الاستسلام للهموم، فقد رفض مسلك أحد صحابته بالجلوس في المسجد والاستسلام لهمومه وعلمه أن يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال"، وهو بذلك يريد أن يغرس بذور الأمل والتفاؤل في نفس المسلم حتى يواجه مصاعب الحياة بنفس مؤمنة واثقة، وذلك لأن "الأمل متفائل بما يلقاه في الحياة مستبشرًا بأيامه القادمات، يحمل ما يراه على المحمل الحسن، وهذا يؤدى به إلى مزيد عطاء وانطلاقة خير"، محمد أبو صعليك: الأمل وأثره في حياة الأمة.