إرادة الشعب ويوم الفصل
ثلاثة أسابيع وما قبلها شهدنا وسمعنا خلالها كلاماً كثيراً من كافة المرشحين للرئاسة ، الذين ملأوا شاشات الفضائيات وأثير الإذاعات وصفحات الجرائد ومساحات المواقع الإلكترونية وحوائط التواصل الإجتماعى ، بإختصار حوصرنا بصورهم وأصواتهم ، وشعاراتهم ولافتاتهم ، مؤتمراتهم وأنصارهم ، تنافس الجميع ،
وتنابز البعض ، وتلاسن آخرون ، البعض تحدث بالحقائق ، والبعض جمّل الحقائق ، والبعض قفز على الحقائق ، قدموا مشروعاتهم ، وطرحوا رؤاهم ، وأعلنوا برامج عظيمة " لو تحققت " ، الكل كان لديه الحلول ، بل والبعض يمتلك حلولاً سريعة وآنية لأخطر المشاكل ، إستخدموا كافة أساليب الإستمالة ، العاطفية والمنطقية ، بل والدينية ، خاطبوا كافة الفئات ، كل على قدره ، البعض خاطب الناس على قدر عقولها مستخدماً مفرداتها ومنطقها ، والبعض تعامل مع الناس على قدر إحتياجاتها مستغلاً عوزها وحاجتها ، وهى أسوأ الأساليب الإنتخابية ، حتى لوكانت قد حققت بعض النتائج فى الإنتخابات البرلمانية .
والآن إنتهى كلام المرشحين ، بينما يتواصل حوار الناخبين فيما بينهم ، الآن أخطر الأوقات فى العملية الإنتخابية ، فهى لحظات التفكير والمقارنة ، وتقييم مادار الفترة السابقة ، والوصول إلى القناعات وتحديد الرأى .
علينا جميعا ألا نتأثر بالكلمات المعسولة ، وألا ننبهر بالأداء الإعلامى ، وألا تخفينا الحشود البشرية ، وألا تخدعنا الشعارات الرنانة .
علينا جميعا أن نُعمل عقولنا ، وأن نُحكّم ضمائرنا ، وأن نُرجح إحتياجات الوطن ، وأن نُعلى الصالح العام ، وأن نستشرف المستقبل .
علينا جميعاً أن نرفض إستغلال البعض لإحتياجات الفقراء ، والتحايل على البسطاء ، والمتاجرة بالآلام ، والعبث بالأحلام .
علينا جميعاً ألا ننخدع فى برامج فضفاضة ، ولا مشروعات عملاقة ، بل لابد أن نكون واقعيين فى نظرتنا وموضوعيين فى تقييمنا .
علينا جميعاً أن نرفض مايسعى إليه البعض من ربط إختيارات معينة بديننا أو عقيدتنا أو وطنيتنا .
علينا جميعاً أن نرفض شراء الأصوات أيا ما كان شكل هذا الشراء ومهما كان الثمن ، علينا أن نواجه عمليات تزييف الإراده ، بحفنة من المال أو بعض من السلع اليومية .
علينا جميعاً أن نجابه تشويه الإختيار ، وأن نعمل على تنقية القرار من أى شوائب تعكر صفوه ، وتنال من إرادته وكرامته .
ليس هذا فحسب بل علينا ان نساعد ذوينا على كل ذلك .
إن غداً يوم الفصل للشعب المصرى ــ حتى
أدِ ما عليك ، وإحرص على المشاركة ، وإختر بإرادة حرة ، ولا تقبل أى تدخل فى قرارك ، ولا تخضع لأى تأثير على إرادتك ، إذهب وأنت حاسم أمرك ، إقضِ على ترددك ، وإحسم أمرك ، وإعلم يقيناً أن صوتك يصنع الفارق ، وأن إختيارك يساهم فى صنع المستقبل .
علينا جميعا أن نفعل ذلك ، ولكن الأهم هو قبول النتائج أياً ما كانت ، فعلينا جميعا أن نقبل إختيار الشعب ، وليأتِ من يأتى ،من أى إتجاه ، ومن أى فكر وتوجه ، فطالما كان هو إختيار الشعب فعلينا قبوله وإحترامه ، وأتمنى أن أرى بقية المرشحين هم أول المهنئين للفائز ، وأتمنى أن تلتف الإتجاهات المختلفة حول الإتجاه الذى يختاره الشعب ، وأتمنى أن أرى الفائز وهو يعتمد على أصحاب الخبرات والكفاءات من التيارات الأخرى ، ولعل ذلك كله لايقف عند حد الأمانى .
إن الرئيس القادم هو أول رئيس مصرى مُنتخَب إنتخاباً حراً وبإرادة شعبية مطلقة ، لذا يجب علينا جميعاً إحترام تلك الإرادة ، وتقدير نتائج ذلك الإنتخاب ، ولتكن تلك هى أولى خطواتنا على طريق المرحلة الجديدة من عمر هذا الوطن الغالى .