بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

طرائف من النفقات الانتخابية‮ 1

أتوقف كثيرا أمام هذه النفقات الرهيبة علي الدعاية الانتخابية.. كان الرقم المحدد والرسمي والقانوني حتي الانتخابات السابقة يقف عند رقم عشرة آلاف جنيه.. الآن،. ربما بسبب التضخم وبسبب دخول رجال الأعمال.. وبسبب الصراع علي السلطة وحلم الحصانة وحلم الجلوس علي المقعد وحلم الوجاهة الاجتماعية.. وأحلام أخري عديدة، الآن حددت الدولة إجمالي ما ينفقه المرشح علي كل حملته الانتخابية برقم 200 ألف جنيه.

ورغم أن هذا الرقم كبير.. ويجعل حلم المثقفين وحلم الوطنيين البسطاء في أن يصلوا إلي مقاعد البرلمان، يجعله حلماً صعب المنال.. إلا أن هناك من يتحدث عن ملايين الجنيهات ينفقها هذا المرشح الواحد من كبار الحالمين بالمقعد.. بل إن هذا الرقم الأولي 200 ألف ليس في حوزة معظم المرشحين الذين يرون في أنفسهم القدرة علي خدمة الوطن.. والمواطنين، ويجعل الوصول إلي البرلمان مقصوراً علي القادرين.. وحدهم، وفي هذا غبن بباقي الحالمين القادرين علي أن يصبحوا صوتاً طيباً معبراً عن غالبية المواطنين..

** ولقد كان صعبا ـ في السابق ـ حصر إجمالي ما ينفقه المرشح علي العملية الانتخابية.. ولكن هذا الأمر أصبح شديد الصعوبة في الانتخابات الحالية وبشكل يزداد حدة في المدن، وما حولها من مناطق عشوائية..

والأمر يتعدي الآن حكاية اللافتات القماش، التي قد يسقطها مواطن محتاج ليصنع منها ما يستر عورات أولاده، أكثر من أن يسقطها بلطجي يعمل لحساب مرشح منافس.. ولم يعد مقصورا علي طباعة منشورات يقرؤها البعض.. ويلقي بها الأكثرية علي بعد أمتار من مركز موزعها.. خصوصاً وأن أكثرها يحمل صورة المرشح بسلامته في أفضل ما يملك من ملابس وأزهي شكل وسحنة!!

** ولكن دخلت المعركة إلي معارك تستخدم التكنولوجيا.. فهي في المدن تستخدم الكمبيوتر والنت.. والرسائل عليهما.. ومع انتشار أجهزة المحمول خصوصا ونحن في زمن يحمل لأطفال مثل هذا الجهاز، أصبحت رسائل المحمول تروح وتجيء وكله مكسب لجميع الأطراف شركات المحمول.. ومكاتب إرسال هذه الرسائل.. والمرشحين أنفسهم.. وهي في الريف ـ أو القري الكبيرة علي سبيل الحصر ـ تتركز علي الأسلاك الممتدة فوق البيوت وفي أعلي الأشجار لإرسال واستقبال الرسائل الإعلانية فيما يعرف باسم »التوصيلات« وإذا كانت »الأجهزة« يمكنها السيطرة علي الخطاطين والمطابع المحترمة.. إلا أنها تعجز عن السيطرة علي »مطابع بير السلم« تماما كما تعجز عن مطاردة وحدات هذا البث الشعبي وعلي تقطيع هذه التوصيلات لأنها سريعا ما تعود.. وبنفس القوة.. ومناطق الامتداد..

** وللأسف فإن حجم النفقات يزداد كلما اقتربنا من نقطة الصفر، نقصد من يوم التصويت الأول لمن يعمل علي حسم المعركة من المرحلة الأولي.. ناهيك عن نفقات مرحلة الإعادة التي تتجاوز أحيانا نصف

المعركة المالية والنفسية.. ويكفي أن نقول إن نفقات إعاشة مندوبي المرشح سواء في لجان التصويت أو خارجها.. ومندوبين في لجان الفرز من إعاشة وطعام وحلو ومشروب.. وربما من مزاج أيضاً.. هذه التكاليف وحدها تتعدي 10 آلاف أو حتي 20 ألف جنيه حسب عدد اللجان، التي تزيد كلما زاد عدد المصوتين في الدائرة الواحدة.

** ثم ظهور فئة المستفيدين الذين يصل الأمر بهم إلي حد ابتزاز المرشح مثل من يتقدم بفواتير أدوية.. أو روشتة علاج أو عمل نظارة.. ومنهم من يطلب لإجراء عمليات جراحية وحجته أن وراءه كتلة تصويت كبيرة، ليس فقط في أسرته ولكن في كل منطقته.. وعلي المرشح أن يدفع مادام كل ما يطلبه هو أصوات هذه الكتلة أو تلك.. ومن أطرف ما سمعت من أحد المرشحين أن تقدم له إنسان ـ وهو يبكي ـ طالباً منه تغطية نفقات جنازة عزيز عليه، توفي في نفس اليوم.. وكيف أن هذا المرشح اكتشف أن هذا الشخص »يدور« علي كل المرشحين طالباً نفس الطلب.. أي نفقات الدفن وتوابعها.. تخيلوا!!

بل وسمعت من يطلب من مرشح المساهمة في عملية تنكيس البيت الذي تقيم به 5 أسر.. في كل أسرة 5 أصوات فإذا سأل المرشح أو مندوبه المالي عن المبلغ المطلوب فوجئ بأنه بآلاف الجنيهات!! وهكذا..

** أما الجريمة الأكبر أن يخون هذا المندوب المالي للمرشح سيده المرشح »ويضرب« في جيبه الكثير مما يعطيه له السيد المرشح ولسان حاله يقول »جحا أولي بلحم توره!!« أي بالبلدي »يخنصر« منه بقدر ما يستطيع.. وأتحدي أن ينكر أي مرشح أو أي مدير مالي لحملته الانتخابية صدق ما نقول..

** الكل إذن يكسب.. فهي تجارة رائجة.. في زمن تتعالي فيه نغمة: اكسب وأسرع!! وغدا نواصل.