بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

زكريا عزمي‮.. ‬حوت أراضي‮ ‬لسان الوزراء


زكريا عزمي‮ ‬رئيس ديوان الرئيس المخلوع والمختفي‮ ‬عن الأنظار والملاحقة حتي‮ ‬الآن وراءه علامات استفهام كثيرة‮.. ‬كان موضوعا لاتهام ورد في‮ ‬بلاغ‮ ‬جديد للنائب العام حول استيلاء عدد من الوزراء والمسئولين في‮ ‬عهد مبارك علي‮ ‬واحدة من أغلي‮ ‬أراضي‮ ‬الإسماعيلية في‮ ‬أبو سلطان والمعروفة باسم لسان الوزراء‮.‬ هذا اللسان الذي‮ ‬خرج علي‮ ‬الشعب المصري‮ ‬ولم‮ ‬يجد من‮ ‬يقطعه منذ ثلاثة عقود بفعل الجدار الحديدي‮ ‬الذي‮ ‬فرضه مبارك طوال عهده لحماية رجاله وخاصته‮.‬
الدكتور محمد عزت معروف رئيس الاتحاد العربي‮ ‬لصناعات الحديد والصلب سابقا،‮ ‬هو صاحب البلاغ‮ ‬رقم‮ ‬697‮ ‬الذي‮ ‬تلقاه النائب العام‮ ‬يوم‮ ‬13‮ ‬فبراير الجاري‮ ‬ضد زكريا عزمي‮ ‬وزوجته بهية حلاوة ووزير الشباب الأسبق عبدالمنعم عمارة فضلا عن مصطفي‮ ‬كامل مدير مباحث أمن الدولة الأسبق‮ ‬يتهمهم فيه صراحة بسرقة أرضه،‮ ‬وضمها إلي‮ ‬حيازتهم بمستندات مزورة ليكونوا إلي‮ ‬جانب أسماء بارزة في‮ ‬الفساد والحكم احتلت المنطقة المعروفة باسم لسان الوزراء قبل نهاية العقد الأول من عهد مبارك‮.. ‬منها إقبال محمد عطية حرم صفوت الشريف وزينب محمد الفولي‮ ‬حرم أحمد فتحي‮ ‬سرور ونجد محمد خميس حرم عاطف عبيد،‮ ‬وكمال الجنزوري‮ ‬رئيس وزراء مصر الأسبق وحرمه وكريمته،‮ ‬وزكي‮ ‬بدر وزير الداخلية الأسبق،‮ ‬ومحمد عبدالوهاب وزير الصناعة الأسبق وخالد وحازم نجلا محمد راغب دويدار وزير الصحة الأسبق،‮ ‬واللواء جمال الدين عبدالعزيز سكرتير رئيس الجمهورية السابق،‮ ‬ومحمد ونعمة الله نجلا ماهر أباظة وزير الكهرباء الأسبق،‮ ‬والدكتور أحمد عواد،‮ ‬ومني‮ ‬صلاح ادين الميزي‮ ‬حرم محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان الأسبق،‮ ‬والمستشار عبدالقادر أحمد علي‮ ‬المدعي‮ ‬الاشتراكي‮ ‬الأسبق،‮ ‬والمحافظ محمد نور الدين عفيفي،‮ ‬وعبدالقادر عبدالوهاب بهيئة الرقابة الإدارية،‮ ‬وحسن عبدون رئيس اتحاد الكرة السابق،‮ ‬وعلي‮ ‬سعدة شقيق إبراهيم سعدة رئيس تحرير أخبار اليوم السابق،‮ ‬وغيرهم من كبار الوزراء المسئولين والمحظوظين الذين حرروا عقود الأرض بأسماء زوجاتهم وأبنائهم ظنا منهم أن هذا‮ ‬يعفيهم من تهمة الاستيلاء علي‮ ‬أراضي‮ ‬الدولة واستغلال النفوذ‮.‬
ويروي‮ »‬معروف‮« ‬في‮ ‬بلاغه أنه تقدم في‮ ‬ابريل عام‮ ‬1988‮ ‬بطلب للدكتور عبدالمنعم عمارة محافظ الإسماعيلية في‮ ‬ذلك الوقت بصفته رئيس جهاز تنمية البحيرات المرة لتخصيص قطعة أرض بمنطقة لسان الدفرسوار‮ »‬الوزراء فيما بعد‮« ‬كان‮ ‬يضع‮ ‬يده عليها،‮ ‬وقدم شهادة من الضرائب العقارية ببناء شاليه عليها برقم‮ ‬234‮ ‬بناحية أبوسلطان بتكلفة زادت علي‮ ‬90‮ ‬ألف جنيه‮.. ‬إلا أنه سافر في‮ ‬مأمورية عمل خارج مصر لمدة شهرين وبعد عودته فوجئ بهدم الشاليه وتخصيص الأرض للدكتور زكريا عزمي‮ ‬باسم زوجته بهية سليمان حلاوة واللواء مصطفي‮ ‬كامل مدير مباحث أمن الدولة فقام بتحرير محضر شرطة برقم‮ ‬70‮ ‬لسنة‮ ‬1988،‮ ‬فقرر اللجوء للقضاء بإقامة الدعوي‮ ‬رقم‮ ‬2604‮ ‬لسنة‮ ‬11‮ ‬ق،‮ ‬أكد خلالها تقرير الخبراء أن المدعي‮ ‬عليهما زكريا عزمي‮ ‬ومصطفي‮ ‬كامل لم‮ ‬يكن لهما ربط لأي‮ ‬جزء من عين النزاع‮.. ‬في‮ ‬حين قام‮ »‬عمارة‮« ‬بتسجيل الأرض باسميهما في‮ ‬وقت قياسي‮ »‬شهرين‮« ‬دون أي‮ ‬مستندات كما جاء في‮ ‬عقد التسجيل ليسد الطريق تماما علي‮ ‬صاحب الدعوي‮ ‬لاستعادة أرضه‮.‬
»‬معروف‮« ‬اتهم في‮ ‬بلاغه عبدالمنعم عمارة وموظفيه في‮ ‬ذلك الوقت بمجاملة عزمي‮ ‬وكامل،‮ ‬إلا أن خطأ قانونيا حدث،‮ ‬حيث نص قرار رئيس الجمهورية رقم‮ ‬465‮ ‬لسنة‮ ‬1983‮ ‬باعتبار هذه الأرض المحيطة بشواطئ البحرين الأبيض والأحمر والبحيرات المرة حتي‮ ‬مسافة‮ ‬200‮ ‬متر مخصصة للنفع العام،‮ ‬ما‮ ‬يعني‮ ‬أن تسجيل الأرض للمسئولين باطل،‮ ‬الأمر الذي‮ ‬دفع عمارة لمطالبة زكريا عزمي‮ ‬باستصدار قرار من الرئيس مبارك باستثناء الأرض الواقع عليها مخصصات الوزراء من قراره الأول،‮ ‬وبالفعل صدر القرار الجمهوري‮ ‬رقم‮ ‬448‮ ‬لسنة‮ ‬1991‮ ‬باعتبار الأرض المذكورة من أملاك الدولة الخاصة ويطبق بشأنها القوانين المختصة بهذا الشأن‮.‬
ورغم هذا ظل القرار مشوبا بخطأ دستوري‮ ‬أكبر حيث إن المادة‮ ‬158‮ ‬من الدستور تحرم علي‮ ‬الوزراء شراء شئ من أموال الدولة أثناء توليهم مناصبهم كما أنه مخالف للقانون رقم‮ ‬34‮ ‬لسنة‮ ‬1984‮ ‬حيث تنص المادة رقم‮ ‬115‮ ‬مكرر علي‮ ‬أن‮ »‬كل موظف عام تعدي‮ ‬علي‮ ‬أراض زراعية أو فضاء أو مبان مملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيري‮ ‬أو شغلها أو انتفع بها بأي‮ ‬صورة من الصور‮ ‬يعاقب بالحبس أو‮ ‬غرامة لا تتجاوز ألفي‮ ‬جنيه،‮ ‬ويحكم علي‮ ‬الجاني‮ ‬برد العقار المكتسب بما‮ ‬يقوم عليه من مبان أو‮ ‬غرس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء علي‮ ‬نفقته فضلا عن رد ما عاد عليه من منفعة نتيجة وضع اليد‮ ‬غير القانوني‮«.‬
الطريف في‮ ‬مذكرة دفاع الحكومة في‮ ‬دعوي‮ ‬معروف‮- ‬حسب البلاغ‮- ‬ذكره ان القرار‮ »‬يسهل تصريف أمور الدولة وتنفيذ سياستها أثناء إجازات السادة الوزراء والمسئولين بأجهزة الدولة المختلفة،‮ ‬حيث‮ ‬يمكن لرئيس الوزراء الاجتماع بوزرائه علي‮ ‬هذا اللسان إذا تعذر الاجتماع بهم في‮ ‬مقر مجلس الوزراء بالقاهرة،‮ ‬وان الدولة بصفتها المالكة للمساحة محل النزاع من حقها التصرف بمنحها لمن تشاء من الأشخاص وأن لها حرية انتقاء واختيار الأشخاص الذين‮ ‬يتم لهم التصرف والتخصيص من أملاكها‮«.. ‬ثم مضي‮ ‬دفاع الحكومة

في‮ ‬صلفه قائلا‮ »‬لا‮ ‬يسوغ‮ ‬للمدعي‮ ‬أن‮ ‬يطالب بحشره في‮ ‬زمرة من تم التخصيص لهم من الوزراء طالما أنه ليس منهم وأن عليه أن‮ ‬ينتظر دوره بين عامة أبناء الشعب‮«.!‬
ولتقنين التحايل قام‮ ‬يوسف والي‮ ‬بتمويل لسان الوزراء من ميزانية الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية وفق قرار رئيس الجمهورية رقم‮ ‬465‮ ‬لسنة‮ ‬1983‮ ‬باعتبار الأرض ملكية عامة تابعة لوزارة الزراعة وفق القرار الوزاري‮ ‬رقم‮ ‬1235‮ ‬لسنة‮ ‬1986،‮ ‬قبل أن‮ ‬يصدر القرار الوزاري‮ ‬رقم‮ ‬113‮ ‬لسنة‮ ‬88‮ ‬بتحويل المنطقة المذكورة من ملكية عامة تابعة لوزارة الزراعة إلي‮ ‬ملكية خاصة،‮ ‬مفوضا مدير زراعة الإسماعيلية في‮ ‬التوقيع كطرف أول علي‮ ‬عقود التخصيص‮.‬
وقد تم تخصيص هذه الأرض للوزراء والمسئولين بثمن بخس بلغ‮ ‬35‮ ‬جنيها للمتر أسوة بالمشروعات السياحية بنفس المنطقة،‮ ‬رغم أن هذه المنطقة لا‮ ‬يوجد بها مشروعات سياحية ليكون الوزراء وكبار القوم علي‮ ‬راحتهم تماما‮- ‬حيث إن أقرب منطقة سياحية وهي‮ ‬منطقة أبو سلطان كان متوسط سعر المتر وقتها ألف جنيه‮.!‬
ولم‮ ‬يكتف الوزراء والمسئولون بالاستيلاء علي‮ ‬هذه الأرض وتخصيصها بثمن بخس بل هناك من المخاطبات التي‮ ‬تريد الاستيلاء علي‮ ‬كل قرش للدولة‮.. ‬ومن ذلك خطاب من الدكتور كمال الجنزوري‮ »‬مرفق في‮ ‬البلاغ‮« ‬إلي‮ ‬محافظ الإسماعيلية‮ ‬يشير فيه إلي‮ ‬قطة الأرض التي‮ ‬يضع‮ ‬يده عليها بمنطقة لسان الوزراء،‮ ‬لتكون باسم زوجته رأفت أبوالدهب فرغلي‮ ‬وسوزان ومني‮ ‬كمال أحمد الجنزوري‮ ‬مع طلب الموافقة علي‮ ‬إعفائه من سداد الإيجار المتأخر خلال الفترة من تاريخ التسجيل حتي‮ ‬تقديم الطلب‮.‬
أما طلب الشراء الموقع باسم بهية عبدالمنعم سليمان حلاوة‮ »‬زوجة زكريا عزمي‮« ‬فهو‮ ‬غير مؤرخ وهو أمر عجيب في‮ ‬طلبات الشراء الرسمية أو حتي‮ ‬غير الرسمية بهدف التضليل،‮ ‬والطريف أن تاريخ ميلادها المدون في‮ ‬طلب الشراء هو‮ ‬1947‭/‬5‭/‬11‮ ‬يختلف عن تاريخ ميلاد‮ »‬حلاوة‮« ‬التي‮ ‬دونته في‮ ‬إقرار الشراء وهو‮ ‬1938‭/‬6‭/‬26‭.‬‮. ‬ورغم الثمن البخس للأرض تم عمل أوكازيون بخصم‮ ‬10٪‮ ‬لزوجة زكريا عزمي‮ ‬ليصبح سعر الأرض‮ ‬3819‮ ‬جنيها و375‮ ‬مليما‮.‬
أما أرض الدكتور عاطف عبيد فقد تمكن من الحصول عليها في‮ ‬واقع الأمر مجانا إذ حصل علي‮ ‬قطعة أرض وضع‮ ‬يد ثم تنازل عنها وأخذ مبلغا من المحافظة ثم قام بشراء قطعة أخري‮ ‬بحجة أنها تحت‮ ‬يده‮.‬
علما بأن وضع اليد لا‮ ‬يجيز التعدي‮ ‬علي‮ ‬الأملاك الخاصة المملوكة للدولة،‮ ‬وفي‮ ‬حالة التعدي‮ ‬فإن الوزير المختص له حق إزالة التعدي‮ ‬إداريا،‮ ‬كما لا‮ ‬يجوز تملكها بالتقادم وفق المادة‮ ‬970‮ ‬من القانون المدني‮ ‬المعدلة بالقانون رقم‮ ‬55‮ ‬لسنة‮ ‬1970‮ ‬فضلا عن مخالفة المادة‮ ‬158‮ ‬من الدستور التي‮ ‬تحرم علي‮ ‬الموظف العام أثناء توليه منصبه أن‮ ‬يشتري‮ ‬أو‮ ‬يبيع شيئا من أملاك الدولة‮.‬
أما العقد الموقع بين اللواء مصطفي‮ ‬كامل مدير مباحث أمن الدولة وشركة المقاولون العرب فقد تقرر فيه قيام الشركة ببناء شاليه علي‮ ‬الأرض‮ »‬تسليم مفتاح‮« ‬أي‮ ‬مشطبة تماما‮.. ‬أما سعر المتر تسليم المفتاح كما‮ ‬يذكر البند الثاني‮ ‬بالعقد فهو‮ ‬180‮ ‬جنيها وقد ذكر البلاغ‮ ‬أن سعر متر التشطيب وقتذاك لم‮ ‬يقل عن‮ ‬2500‮ ‬جنيه كما‮ ‬يوجد بجانب هذا الأوكازيون خطاب من شركة المقاولون العرب بإنهاء تراخيص البناء ودفع الرسوم المقررة وتوصيل الكهرباء‮.. ‬والمياه‮.. ‬والتسهيلات الحرام حتي‮ ‬ركب أراجوز النظام الذي‮ ‬كان‮ ‬يملأ الدنيا ضجيجا تحت قبة البرلمان عن فساد‮ »‬المحليات‮« ‬الذي‮ ‬وصل للركب‮.‬