بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

إنه عالم الظلمات

ويظل الثأر مرضا ينهش فى جسد مصر  ، فهو أحد الموروثات المقيتة ، التى مازال الصعيد تحديدا يعانى منها ، ولاتصلح فيها الحلول المسكنة كالجلسات العرفية ، التى يحضرها المحافظ ورجال الأمن ، لأنه سرعان ماينقض المتخاصمون العهد ، ويعودون الى ماكانوا عليه ، فالجانى حرا طليقا بفعلته ، مما يوغر الصدور،  ويدفع للإنتقام ،  ولو بعد حين  ، فيتحينون الفرصة لتصفيته

إن الجهل والفقر متلازمان ، فغابت معهما الثقافة والمدنية ، وانتشرت ثقافة الإستبداد الفكرى  ، الذى يعكس الواقع المتخلف ، فالصعيد طارد لأبنائه يدفع للهجرة والفرار 
الثأر عصا التهديد فى كل نزاع ، والعناد والخروج من المعقول الى العدوانية ، الأفكار السوداء تتسلط على العقل  ، فيندفع الإنسان الى طريق الشر فتزهق الأرواح ، وتراق الدماء وتضيع الأحلام
فى الصعيد تعد الأم طفلها منذ نعومة أظفاره ، فتملأ روحه بالحقد والإنتقام ،  فلن يصبح رجلا إلا أخذ بالثأر ، فتغتال براءته ،  وقد تجوع من أجل توفير ثمن السلاح ،  الثأر فوق الأمومة دائما
إن إطلاق الأعيرة النارية  ،أبسط وسيلة للتعبير عن الغضب ، لغة من لاعقل لهم ولاضمير  ، هذه الصراعات تنشأ فى المجتمعات التى لاتستطيع أن تعبر عن ذاتها ، حينما يتنكر لها المجتمع ، ويمتنع عن الإستجابة لإحتياجاته التنموية
فى الصعيد تعاير الأسر التى لم تأخذ بالثأر ،  فيسير أفرادها منكسى الرأس ، تطالهم الألسنة ، يلاحقهم العار الى أن يثأرون ، فيرفعون الهامة فى تحد سافر ، وفى سبيل ذلك يعدون العدة للإنتقام ،  ليس من القاتل فحسب بل ممن يرون أنه الأفضل ، قد يكون فردا متعلما وذا مركزا مرموقا ، حتى إذا ماتم التخلص منه ، كان الألم موجعا وصدمة مروعة للعائلة الأخرى
الثأر يتوارث ، فأصحاب الثأر لايؤمنون بالحوار ، جدليات عقيمة وحوار الطرشان بين الذين لايسمعون إلا أنفسهم فينفذون مايقررونه تحت أى ظرف وبأى أسلوب
فى الثأر لاتعرف رصاصات الغدر متى وأين تطلق ، على أبرياء

تحصد أرواحهم دون ذنب
الآن ينتشر السلاح بشكل غير مسبوق،  كنوع من التباهى والتفاخر وسط محيط الأسرة والجيران ، وكنوع من الدفاع عن النفس بعد ثورة يناير كنوع من الدفاع عن النفس ، خاصة أن الإنفلات الأمنى طال كل مناحى حياتنا ،
والحل فى التعليم والتعريف بمخاطر الثأر ، وغرس قيم الفضيلة والتسامح والرحمة والتواصل منذ الصغر ، وليطبق القانون فالعدل جعل للدفاع عن المظلوم وأن الله نهانا عن القتل وإزهاق الأرواح
أئمة المساجد لو خصصوا جزءا من وعظة الجمعة لتوعية الشباب بخطورة الإنسياق وراء العملية الثأرية  ، الإعلام ومايقدمه من مسلسلات عن الصعيد ، كثيرا مايصور القاتل على أنه البطل المغوار ، ويظل ملازمنا ثلاثين حلقة نطالع فيها  جبروته وهيمنته وسطوته ، وكأنه حش كاسر ونحن فى القرن الحادى والعشرين
متى القصاص من الجانى ، ليكون عبرة لغيره وذلك بسرعة إجراءات التقاضى لكل من تسول له نفسه التعدى على أرواح البشر ، وتشديد الرقابة على عمليات شراء الأسلحة أوتهريبها
وكلنا أمل فى الرئيس والحكومة الجديدة ، أن تولى إهتماما حثيثا من أجل إعادة إكتشاف الصعيد ، وإقامة نهضة حديثة وخدمات فعلية لعمل الشباب ، ومن ثم مشاركتهم ى الحياة السياسية ،  فيشعرون بقيمتهم وانخراطهم فى المجتمع بإيجابية ، من المؤكد سيتم القضاء على تلك الآفة اللعينة تدريجيا