وسقط الراهب فى معبده
ليس فقط أحد أكبر أساتذة الفلسفة الإسلامية في مصر والعالم العربي لكنه بحق أحد رهبان الفكر الذين ضحوا بحياتهم الشخصية فرفض الزواج والاستقرار طوال حياته واختار أن يكون خادما أمينا للفلسفة قدم للمكتبة العربية عشرات الكتب النقدية الرائعة قضيته الانسان وحقه في التعبير عن رأيه بحرية كاملة وذنبه - إن صح التعبير- الصراحة الكاملة التي لم تبق له صديقا.
الدكتور عاطف العراقي، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة موسوعة علمية، شغل العديد من المناصب وحصد العشرات من شهادات التقدير وقام بتأليف وتحقيق وترجمة مئات الكتب، وأشرف علي بعض الكتب التذكارية لأعلام الفكر والثقافة، كما أشرف علي مجموعة كبيرة من الرسائل العلمية، وشارك في العديد من المؤتمرات ببحوث قيمة، وقام بالتدريس في معظم جامعات مصر وبعض جامعات الدول العربية الشقيقة، ونشر العديد من المقالات داخل مصر وخارجها، وأعدت مجموعة رسائل علمية عن فكره، وهناك ثلاث جوائز تحمل اسمه تمنح لأوائل أقسام الفلسفة في جامعتي القاهرة وعين شمس، و(العراقي) عاش مهموما بالفكر العربي وقضاياه، عاشقا لابن رشد وفلسفته، ومات فى محراب العلم رافضا نصيحة أطباء مستشفى قصر العينى له بالراحة نظرا لحالته الصحية ومصمما على أداء رسالته العلمية التى كرس حياته من أجلها ليسقط فى أشرف مكان فى ساحة العلم وبين طلابه فى معهد الدراسات الاسلامية ضاربا المثل فى الاخلاص والتفانى فى العمل ومعطيا القدوة الحسنة للأجيال القادمة التى ربما نسيت هذه المعاني.
و(العراقى) خاض معركة فكرية حول حقيقة فلسفة ابن رشد قادته للوقوف أمام محكمة جنايات المنصورة عام 1995 ليكون بذلك أول أستاذ فلسفة في تاريخ مصر تتم محاكمته جنائياً، ومع ذلك ظل عاشقا لابن رشد وفلسفته-لانها مسألة مبدأ-، وكان له آراء صادمة في واقعنا المعاصرلا يخشى أن يرددها دائما، مؤمن بالعدالة والديمقراطية، يعتز بالوفد، ويري أن حكومة النحاس أفضل حكومة ولو كتب لها
[email protected]