بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

آخر خدمة النظام.. منصب

أحمد عز

استطاعت عائلة مبارك التي حكمت مصر‮ ‬30‮ ‬عاماً،‮ ‬أن تجمع حولها أصحاب المصالح من جميع ألوان الطيف السياسي شريطة أن يكون‮ »‬موالياً‮« ‬لنظامهم الذي فرضوه علي من حولهم ومن يستطع المنع يستطع أيضاً‮ ‬المنح‮.‬

أصبحت المناصب في الدولة تعطي للمنافقين والموالين وليس لأصحاب الكفاءات‮.‬

وتكشف السطور المقبلة من الكواليس الحقيقة التي دارت في رئاسة الجمهورية،‮ ‬طريقة،‮ ‬وتوزيع الوزارات والمناصب من خلال الخدمات التي قدمها أصحابها لصناع القرار‮.‬

الدكتور حسين كامل بهاء الدين الذي شغل منصب وزير التربية والتعليم لفترة طويلة وانتقل التعليم في عهده إلي مرحلة الاحتضار،‮ ‬إذ أدخل تطويرات علي الثانوية العامة ومنها نظام‮ »‬التحسين‮« ‬الذي حول الطلاب إلي فئران تجارب،‮ ‬ورغم فشل التعليم في عهده إلا أنه ظل قابعاً‮ ‬في المنصب لمدة‮ ‬15‮ ‬عاماً‮.‬

ولكن السر في ذلك يرجع إلي أنه كان الطبيب المعالج للابن الأصغر جمال مبارك،‮ ‬الذي كان يعاني في صغره من مرض عصبي منعه من النطق بشكل سليم،‮ ‬وهو مرض‮ »‬البأبأة‮« ‬واستطاع كامل من خلال مهارته الفائقة في طب الأطفال أن يكون سبباً‮ ‬في شفاء جمال،‮ ‬ومن يومها حاول الرئيس وقرينته رد الجميل للطبيب الماهر فكانت حقيبة التعليم الوزارية‮.‬

ولا ننسي أيضاً‮ ‬أن بهاء الدين كان الطبيب المعالج لأولاد المشير عبدالحكيم عامر ومن هنا سطع نجمه السياسي ليصبح أميناً‮ ‬للشباب في الاتحاد الاشتراكي وأول أمين للجنة المركزية لمنظمة الشباب الاشتراكي‮.‬

وقبل أن نترك وزارة التربية والتعليم نتوقف عند ابن وزير الداخلية الأسبق أحمد زكي بدر،‮ ‬الذي استطاع تحجيم طلاب جماعة الإخوان المسلمين،‮ ‬داخل جامعة عين شمس،‮ ‬الذي ترأسها لمدة عام ونصف العام،‮ ‬واستطاع أن يؤدي الدور المرسوم له بدقة،‮ ‬وهو ممارسة العنف ضد الإخوان حتي يستطيع السيطرة عليها،‮ ‬ويكتسب رضا القيادات الأمنية ولأن بدر‮ »‬الابن‮« ‬تربطه صداقة حميمية بالدكتور أحمد نظيف،‮ ‬رئيس الوزراء السابق،‮ ‬استطاع نظيف من خلال اتصالاته بـ»الهانم‮« ‬أن يقتنص له حقيبة التربية والتعليم خلفاً‮ ‬للوزير يسري الجمل،‮ ‬الذي تولي الوزارة لمدة‮ ‬5‮ ‬سنوات بتوصية أيضاً‮ ‬من‮ »‬الهانم‮« ‬عندما كانت في زيارة لمحافظة الإسكندرية لافتتاح إحدي المدارس‮ »‬التكنولوجية‮« ‬فاختارت الجمل للوزارة وكافأ الجمل أصدقاءه في الأكاديمية البحرية بأن جعلهم مستشارين له داخل الوزارة،‮ ‬وأثبتت التحقيقات تقاضيهم أموالاً‮ ‬لغير وجه حق من المنحة الأجنبية‮.‬

مكافآت العائلة للحاشية لم تقف عند حد،‮ ‬فلم ينس مبارك أن يكافئ أستاذ ابنه‮ »‬جمال‮« ‬الذي علمه ألف باء سياسة وثقفه سياسياً‮ ‬وهو علي الدين هلال،‮ ‬الذي ترك تاريخه الجامعي وراء ظهره وظل يلهث خلف بيت الرئاسة،‮ ‬وعندما أحسن هلال تدريب جمال والزج به في العمل السياسي وحرصه علي عدم الظهور معه كثيراً‮ ‬أمام الكاميرات جعل القيادة السياسية تكافئ هلال بوزارة الشباب رغم تجاوز سنه الـ50‮ ‬عاماً‮.‬

ولأن هلال لا يفقه شيئاً‮ ‬في الشباب فقد خرج من الوزارة بفضيحة كبيرة معروفة باسم‮ »‬صفر المونديال‮«‬،‮ ‬نماذج أخري من المكافآت منها‮: ‬مكافأة الدكتور مفيد شهاب المعروف بـ»رجل كل العصور‮«‬،‮ ‬الذي بدأ في الاتحاد الاشتراكي مروراً‮ ‬بعهد السادات وانتهاء بالعهد‮ »‬المباركي‮« ‬إذ استمات في الدفاع عن قوانين مبارك ومنها‮: ‬قانون الطوارئ،‮ ‬الذي قال عنه‮: ‬إنه صمام أمان للبلاد،‮ ‬فكانت مكافأته بمنصب وزير الشئون النيابية خلفاً‮ ‬للمخضرم كمال الشاذلي‮.‬

شملت أيضاً‮ ‬المكافآت الدكتور حمدي السيد،‮ ‬نقيب الأطباء،‮ ‬الذي كان الطبيب المعالج للرئيس مبارك وبسبب خدماته الصحية للرئيس ظل محتفظاً‮ ‬بمقعد مجلس الشعب بدائرة النزهة لأكثر من‮ ‬3‮ ‬دورات برلمانية‮.‬

ولم يكن اختيار عاطف عبيد لرئاسة مجلس الوزراء خلفاً‮ ‬للدكتور كمال الجنزوري بسبب الكفاءة،‮ ‬لكن بسبب أنه كان يعمل مستشاراً‮ ‬اقتصادياً‮ ‬لجمال مبارك وقد يتساءل البعض ما فائدة عبيد لأن يكون مستشاراً‮ ‬لابن رئيس الجمهورية،‮ ‬لكن الإجابة أصبحت واضحة،‮ ‬حيث تخصص جمال مبارك في شراء ديون مصر الخارجية ليعيد بيعها مرة أخري للحكومة،‮ ‬وكان يشتريها بنسبة ربح‮ ‬65٪،‮ ‬وكان عاطف عبيد ـ آنذاك ـ هو الدليل له في شراء ديون مصر،‮ ‬وعزز اختياره رئيساً‮ ‬للوزراء كونه صاحب فكرة‮ »‬الخصخصة‮« ‬التي قضت علي مصر،‮ ‬وعندما كان يشغل منصب وزير قطاع الأعمال‮.‬

ولم يختلف وضع توزيع الحقائب مع الدكتور مصطفي الفقي الذي ظل سكرتيراً‮ ‬للمعلومات للرئيس مدة تزيد علي‮ ‬16‮ ‬عاماً،‮ ‬وكان الخادم الأمين ولولا فضيحة لوسي أرتين لبقي الفقي في منصبه حتي‮ »‬خلع‮« ‬الرئيس وبعد هذه الفضيحة تم طرده من رئاسة الجمهورية،‮ ‬لكن النظام كافأه بمقعد في مجلس الشعب عن محافظة البحيرة،‮ ‬ورغم أن نجاحه كان بالتزوير،‮ ‬إلا أن النظام سانده في اقتناص المقعد من الإخواني جمال حشمت ليس كرهاً‮ ‬في الإخوان فقط،‮ ‬بل حرص من النظام أن يظل الفقي كاتماً‮ ‬للأسرار التي عرفها من داخل قصر الرئاسة‮.‬

هذه المكافآت شملت أيضاً‮ ‬محمد الدكروري الذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس الدولة،‮ ‬والذي ينزعج دائماً‮ ‬من لقب‮ »‬محامي الرئيس‮« ‬فقد كافأه النظام بانتدابه لعدة جهات ووزارات حكومية علي رأسها رئاسة الجمهورية،‮ ‬وذلك بسبب أنه تقدم بأوراق ترشيح الرئيس في انتخابات الرئاسة عام‮ ‬2005‮ ‬نيابة عن مبارك‮.‬

وفي هذا السياق لا ننسي مكافأة مبارك للمستشار ممدوح مرعي بحقيبة وزارة العدل أيضاً‮ ‬بسبب احتفاظ مرعي برمز‮ »‬الهلال‮« ‬ورقم‮ (‬1‮) ‬لمبارك في الانتخابات الرئاسة،‮ ‬رغم أن أيمن نور تقدم بأوراقه قبل أن الرئيس،‮ ‬وكان مرعي ـ آنذاك ـ يشغل منصب رئيس اللجنة العليا للانتخابات‮.‬

ورغم دخول‮ »‬مرعي‮« ‬في صراعات مع القضاة وحصاره نادي القضاة عندما كان يرأسه المستشار زكريا عبدالعزيز،‮ ‬إلا أن الرئيس لم ينس له موقفه في الانتخابات‮.‬

بدوره قام جمال مبارك بإغداق المناصب علي أصدقائه ورفقائه،‮ ‬حتي يستطيع السيطرة علي مقاليد البلاد في اللحظة‮ »‬الحاسمة‮« ‬وهي لحظة‮ »‬التوريث‮« ‬التي تبخرت‮.‬

فقد قام مبارك الابن بمكافأة أحمد عز الذي كان يشغل منصب أمين التنظيم بالحزب الوطني،‮ ‬باحتكاره للحديد حتي وصل سعر الطن إلي‮ ‬10‮ ‬آلاف جنيه،‮ ‬وذلك بسبب أن‮ »‬عز‮« ‬كان يدير‮ »‬محفظة رءوس أموال جمال وعلاء مبارك في البورصة،‮ ‬وإمعاناً‮ ‬في المحافظة عليه تم تصعيده سياسياً‮ ‬بأن أصبح عضو مجلس الشعب وترأس لجنة الخطة والموازنة به،‮ ‬تحسباً‮ ‬لمثل هذا اليوم الذي يمثل فيه لتحقيقات النيابة العامة،‮ ‬إذ تم اتهامه بالاستيلاء علي مصنع الدخيلة للصلب وتهم أخري‮.‬

التصعيد أيضاً‮ ‬كان من نصيب رشيد محمد رشيد،‮ ‬رجل الأعمال صاحب مصنع‮ »‬شوربة‮«‬،‮ ‬فاين

فودز،‮ ‬إذ كان يقوم ـ حسب ويكيليكس ـ بدفع أموال للمساعدة الاقتصادية لتحسين صورة جمال مبارك في الشارع فقد تم إعطاؤه حقيبة وزارة التجارة والصناعة‮.‬

لا يمكن أن ينسي جمال مبارك أصدقاءه الأوفياء فقد صعد علي السطح السياسي اسم الدكتور وزير الزراعة شريف والي ابن شقيق يوسف والي،‮ ‬وزير الزراعة الأسبق،‮ ‬وملك التطبيع مع إسرائيل إذ كان شريف مع‮ »‬جيمي‮« ‬منذ أن دخل العمل السياسي عام‮ ‬2004‮ ‬من خلال جمعية جيل المستقبل،‮ ‬وظل والي سكرتيراً‮ ‬لرابطة خريجي الجمعية ولعب دوراً‮ ‬خطيراً‮ ‬في حياة جمال السياسية إذ قام بتسويق جمال لدي شباب الجمعية وكانت العضوية في الجمعية تساعدهم علي أخذ فرصة في التعيين،‮ ‬بل والترقي في مناصبهم،‮ ‬فقد تمت ترقيته بأن أصبح عضواً‮ ‬في مجلس الشوري،‮ ‬وتم تصعيده مؤخراً‮ ‬بأن أصبح أمين الوطني بالجيزة‮.‬

مكافآت الوريث لأصدقائه لم تقف عند حد فقد قام بتصعيد زملائه في أمانة السياسات ومنهم‮: ‬طارق عامر الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري،‮ ‬واستطاع عامر أن يقدم خدماته للنظام ومنها سكوته علي ديون أصدقاء جمال المستحقة للبنك التي قدرت بالمليارات‮.‬

ومنها إعطاء كرسي مجلس الشعب عن دائرة مصر القديمة بالقاهرة لمجدي علام القيادي بالحزب الوطني،‮ ‬وهو بطل فضيحة التحرش بالمتظاهرات في‮ ‬2004،‮ ‬وهو شقيق الإعلامي طارق علام الذي لم يسمع صوته في التعليق علي ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير‮.‬

وإذا كان مبارك الأب والابن منحا مكافآتهما للحاشية فإن سوزان مبارك أيضاً‮ ‬ساهمت بدور كبير في إعطاء تلك المكافآت فقد قامت بإعطاء مشيرة خطاب منصب وزيرة الأسرة والسكان،‮ ‬وذلك لأفكارها التحررية تجاه المجتمع النسائي في مصر،‮ ‬ففي الوقت الذي تتبع فيه سياسة خلع الحجاب وتجريم الختان،‮ ‬قامت خطاب بتبني تلك الأفكار التي أرادت السيدة الأولي تطبيقها،‮ ‬ومن ضمن من أخذوا مكافآتهم كانت الدكتورة زينب رضوان،‮ ‬عميدة كلية دار العلوم بالفيوم،‮ ‬التي رفضت ارتداء الحجاب،‮ ‬فأخذت موقعها في‮ »‬عمادة‮« ‬الكلية وبعد ذلك تم تصعيدها لمجلس الشعب بسبب مشروع قانون‮ »‬الرؤية‮« ‬الذي تماشي مع فكر السيدة الأولي‮.‬

ولم تكف‮ »‬سوزان‮« ‬عن منح عطاياها للمخلصين،‮ ‬فقد قامت بترشيح أحمد نظيف،‮ ‬لرئاسة مجلس الوزراء،‮ ‬وذلك من أجل تدعيم ابنها جمال،‮ ‬يحسب لنظيف أنه أدخل أنظمة اتصالات متطورة خاصة برئاسة الجمهورية،‮ ‬وذلك بسبب تخصصه في قطاع الاتصالات وكانت هذه الأنظمة سبباً‮ ‬مباشراً‮ ‬في اختياره وزيراً‮ ‬للاتصالات ومن بعد ذلك رئيساً‮ ‬للوزراء‮.‬

وإمعاناً‮ ‬في اختيار أهل الثقة لا الخبرة قام نظيف بترشيح طارق كامل خلفاً‮ ‬له في وزارة الاتصالات،‮ ‬وما كان من طارق كامل إلا أن أتي بشقيقه حسام كامل رئيساً‮ ‬لجامعة القاهرة‮.‬

إن جامعة القاهرة وجامعة عين شمس حيث تولي رئاستها الدكتور ماجد الديب خلفاً‮ ‬لأحمد زكي بدر وماجد الديب ترأس الجامعة بسبب تدعيم الوزير عمر سليمان له لأنه الطبيب الخاص به،‮ ‬ومن المعروف أن الديب من أهم أطباء الجراحات الدقيقة،‮ ‬بسبب علاقته بسليمان تولي رئاسة الجامعة‮.‬

وعلي صعيد القيادات الدينية فقد تم تصعيد الدكتور أحمد الطيب،‮ ‬شيخاً‮ ‬للأزهر،‮ ‬خلفاً‮ ‬للراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي،‮ ‬مكافأة الطيب بهذا المنصب كانت بسبب تصديه لطلبة الإخوان الذين قاموا بالعرض العسكري في حرم الجامعة وهي القضية التي عرفت باسم‮ »‬ميليشيات الأزهر‮« ‬وسمح الطيب الذي كان رئيساً‮ ‬للجامعة في‮ ‬2006‮ ‬لقوات الأمن بالدخول إلي حرم الجامعة والقبض علي الطلبة وضربهم،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن الكارثة التي تم الإعلان عنها بعد توليه مشيخة الأزهر بأنه عضو في الحزب الوطني ولجنة السياسات‮.‬

وكان أيضاً‮ ‬للصحفيين والإعلاميين نصيب من هذه المكافآت،‮ ‬فقد ظل عبدالله كمال،‮ ‬رئيس تحرير‮ »‬روزاليوسف‮« ‬يمدح في صديقه‮ »‬جمال مبارك‮« ‬و»شلته‮« ‬التي خربت البلد،‮ ‬وكان كمال ملكياً‮ ‬أكثر من الملك،‮ ‬فكافأه النظام بفتح جريدة‮ »‬روزاليوسف‮« ‬اليومية وهي الصحيفة‮ »‬الملاكي‮« ‬لجمال مبارك وأحمد عز ورشيد ومحمود محيي الدين وهي الناطقة باسم لجنة السياسات،‮ ‬وتم تعيينه عضواً‮ ‬في مجلس الشوري وذلك تقليد متبع من النظام لأتباعه المخلصين‮.‬

هناك أيضاً‮ ‬الكثير من الصحفيين وعلي رأسهم ممتاز القط،‮ ‬رئيس تحرير‮ »‬أخبار اليوم‮«‬،‮ ‬الذي لم يكن يحلم يوماً‮ ‬بكرسي مصطفي أمين،‮ ‬لولا حواراته‮ »‬الملاكي‮«‬،‮ ‬مع عاطف عبيد ودفاعه المستميت عن سياسة صفوت الشريف‮.‬