بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

مجلس الشعب‮ .. ‬باطل بالثلاثة‮!‬

مفاجأة من العيار الثقيل فجرتها الدكتورة آمال عثمان،‮ ‬رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب‮ ‬،‮ ‬منذ أيام قليلة،‮ ‬حينما أعلنت أن عدد‮ ‬الطعون المقدمة ضد أعضاء المجلس ـ بعد أقل من شهرين من الانتخابات‮ ‬يقدر بـ‮ ‬1527‮ ‬طعناً‮ ‬ضد‮ ‬486‮ ‬نائباً‮ ‬من بين‮ ‬518‮ ‬نائباً‮ ‬هم عدد أعضاء المجلس‮ ‬،

‮ ‬أي‮ ‬أن نصيب كل نائب حوالي‮ ‬3‮ ‬طعون،‮ ‬ولم‮ ‬ينج من سهام هذه الطعون سوي‮ ‬22‮ ‬نائبا فقط،‮ ‬بالاضافة إلي‮ ‬الـ‮ ‬10‮ ‬أعضاء المعينين‮. ‬

ويعد هذا العدد من الطعون،‮ ‬الأكبر في‮ ‬تاريخ البرلمان المصري،‮ ‬وهو دليل علي‮ ‬مدي‮ ‬التزوير الذي‮ ‬شهدته الانتخابات الماضية وبالتالي‮ ‬يهدد المجلس بالبطلان والحل إذا التزم المجلس ولو مرة واحدة ـ بتنفيذ أحكام القانون وتخلي‮ ‬عن مبدأ‮ »‬سيد قراره‮« ‬الطعون المقدمة في‮ ‬صحة عضوية نواب مجلس الشعب،‮ ‬ظاهرة ملازمة للبرلمان المصري،‮ ‬طوال دوراته الماضية،‮ ‬ففي‮ ‬كل دورة تقدم الطعون ويحيلها المجلس إلي‮ ‬المحكمة النقض وبعد عودتها من المحكمة إلي‮ ‬المجلس ويلجأ لقاعدة‮ »‬سيد قراره‮« ‬ولا‮ ‬ينفذها،‮ ‬وفي‮ ‬كل منها كان عدد الطعون في‮ ‬تزايد مستمر‮. ‬ففي‮ ‬برلمان‮ ‬2000‮ ‬شهد المجلس‮ ‬850‮ ‬طعناً،‮ ‬وفي‮ ‬برلمان‮ ‬2005‮ ‬بلغ‮ ‬عدد الطعون‮ ‬900‮ ‬طعن،‮ ‬أما في‮ ‬البرلمان الحالي‮ ‬فقد بلغ‮ ‬عدد الطعون‮ ‬1527‮ ‬طعناً‮ ‬،‮ ‬مقدمة ضد‮ ‬486‮ ‬نائبا أي‮ ‬أن‮ ‬90٪‮ ‬من أعضاء البرلمان مطعون في‮ ‬صحة عضويتهم،‮ ‬وبالفعل فقد أحال المجلس هذه الطعون إلي‮ ‬محكمة النقض،‮ ‬التي‮ ‬خولها الدستور في‮ ‬النظر في‮ ‬هذه الطعون،‮ ‬واصدار تقارير بشأنها‮. ‬فوفقاً‮ ‬لنص المادة رقم‮ »‬93‮« ‬من الدستور‮ : »‬يختص المجلس بالفصل في‮ ‬صحة عضوية أعضائه وتختص محكمة النقض بالنظر في‮ ‬صحة الطعون المحالة إليها من المجلس،‮ ‬ويجب إحالة الطعن إلي‮ ‬محكمة النقص خلال‮ ‬15‮ ‬يوما من تاريخ علم المجلس به،‮ ‬ويجب الانتهاء من‮ ‬التحقيق خلال‮ ‬90‮ ‬يوما من تاريخ إحالة الطعن إلي‮ ‬محكمة النقض‮. ‬

صحة العضوية

الفقيه الدستوري‮ ‬الدكتور إبراهيم درويش ـ أكد أن المادة السابقة من الدستور ـ رقم‮ ‬93‮ ‬ـ حددت مدة واختصاص كل من مجلس الشعب ومحكمة النقض في‮ ‬النظر في‮ ‬هذه الطعون،‮ ‬حيث إن نصوص القانون أخضعت جميع مراحل العملية الأنتاابية بدءاً‮ ‬من الترشيح وانتهاء بإعلان النتيجة لسلطة القضاء الإداري‮ ‬حيث إنه‮ ‬يجوز الطعن علي‮ ‬هذه المراحل أمام محاكم القضاء الإداري،‮ ‬وبالفعل فقد أصدرت هذه المحاكم‮ ‬900‮ ‬حكماً،‮ ‬ببطلان مراحل العملية الانتخابية ورغم انها احكام واجبة النفاذ إلا انها لم تنفذ‮.‬

أما الطعون التي‮ ‬تقدم ضد النواب بعد حلف اليمين‮ ‬،‮ ‬فقد جعلتها المادة‮ »‬رقم‮ ‬93‮« ‬من الدستور خاضعة لسلطة مجلس الشعب،‮ ‬الذي‮ ‬يتوجب عليه إحالة لمحكمة النقض،‮ ‬خلال‮ ‬15‮ ‬يوما من تاريخ علم المجلس بها أي‮ ‬إرسالها إليه،‮ ‬وعلي‮ ‬محكمة النقض إصدار قرار فيها خلال‮ ‬90‮ ‬يوما،‮ ‬من إرسالها للمحكمة،‮ ‬ثم بعد ذلك تعرض نتيجة التحقيق ورأي‮ ‬المحكمة في‮ ‬هذه الطعون،‮ ‬علي‮ ‬المجلس للفصل في‮ ‬صحة عضوية الاعضاء‮ ‬،‮ ‬ويعتبر عضوية النائب باطلة،‮ ‬بصدور قرار من المجلس بأغلبية ثلثي‮ ‬الأعضاء‮. ‬

وأضاف أن مثل هذه النصوص‮ ‬يتم التحايل عليها،‮ ‬بحجة عدم علم المجلس،‮ ‬حيث تختفي‮ ‬هذه الطعون في‮ ‬الأدراج ولا ترسل للمحكمة إلا بعد سنوات،‮ ‬وإلي‮ ‬أن تفصل فيها المحكمة ثم تعود للمجلس مرة أخري‮ ‬قد تكون الدورة البرلمانية قد انتهت‮ ‬،‮ ‬وإذا تم ورود التقرير للمجلس تتحايل الأغلبية المطلقة للحزب الوطني‮ ‬وتمتنع عن التصويت أو ترفض قرار المحكمة وبالتالي‮ ‬لا تنفذ هذه القرارات بحجة أن المجلس سيد قراره،‮ ‬بذلك أصبحت المادة‮ »‬رقم‮ ‬93‮« ‬من الدستور معطلة من الناحية القانونية والسياسية أيضا‮.‬

 

سيد قراره‮ .. ‬فعلاً

الدكتور ثروت بدوي‮ ‬ـ أستاذ القانون الدستوري‮ ‬بكلية الحقوق جامعة القاهرة ـ‮ ‬يفرق بين ثلاثة أمور‮ .. ‬أولها‮ : ‬

أن عبارة‮ »‬المجلس سيد قراره‮« ‬عبارة صحيحة‮ ‬100٪‮ ‬ولكنها تعني‮ ‬ان المجلس حر في‮ ‬اتخاذ ما‮ ‬يراه محققاً‮ ‬للمصلحة العامة،‮ ‬من وجهة نظر كل عضو من أعضاء المجلس،‮ ‬بمعني‮ ‬أنه لا وصاية علي‮ ‬حق وواجب اعضاء المجلس في‮ ‬إبداء آرائهم،‮ ‬فقرار المجلس‮ ‬يجب أن‮ ‬يصدر بإرادة أعضاء المجلس،‮ ‬ولكن لا‮ ‬يوجد حق بدون ضوابط،‮ ‬فالضابط الأول الذي‮ ‬يقع علي‮ ‬المجلس وأعضائه‮ ‬،‮ ‬هو أن‮ ‬يكون القرار لتحقيق المصلحة العامة،‮ ‬وليس لتحقيق مصالح شخصية أو حزبية،‮ ‬أو طائفية،‮ ‬فيجب أن تكون جميع قرارات المجلس هادفة للصالح العام،‮ ‬الذي‮ ‬يحققه القانون والدستور،‮ ‬فإذا اصدر القانون أو الدستور إطاراً‮ ‬معيناً‮ ‬لما‮ ‬يتخذه المجلس أو‮ ‬غيره من قرارات فيجب الالتزام بهذا الإطار ومن ثم لا‮ ‬يكون أبدا الاحتجاج بقاعدة أن المجلس‮ »‬سيد قراره‮« ‬في‮ ‬الخروج علي‮ ‬أحكام القانون أو الدستور أو الامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء‮. ‬

وثانياً‮: ‬القضاء هو حامي‮ ‬حمي‮ ‬القانون والنظام والمواطنين في‮ ‬أي‮ ‬مجتمع‮ ‬،‮ ‬ومن ثم‮ ‬يجب أن‮ ‬يلتزم الجميع باحترام أحكام القضاء وتقديمها والالتزام بكل ما تنص به أحكام

القضاء،‮ ‬ولذلك فإن الدستور المصري‮ ‬القائم علي‮ ‬الرغم فيه من عورات وسوءات فإنه قد قرر في‮ ‬نصوص صريحة وعبارات واضحة تجريم الامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء،‮ ‬أو تعويض هذا التنفيذ،‮ ‬كما قرر قانون العقوبات،‮ ‬أن كل من‮ ‬يعطل تنفيذ أحكام القضاء من المسئولين‮ ‬يعاقب بالفصل من‮ ‬الوظيفة والحبس‮.‬

‮..‬وثالثاً‮: ‬نص الدستور علي‮ ‬اختصاص مجلس الدولة بالفصل في‮ ‬جميع المنازعات الإدارية وهذا‮ ‬يعني‮ ‬أن كل ما‮ ‬يتعلق بشئون الانتخابات سواء كانت تشريعية أو رئاسية كلها تخضع لرقابة القضاء الإداري‮ ‬في‮ ‬مجلس الدولة،‮ ‬وحده بدون شريك،‮ ‬ومن ثم فإن كل ما‮ ‬يتصل بالانتخابات،‮ ‬بدءاً‮ ‬من تحرير كشوف أسماء الناخبين وتقسيم الدوائر الانتخابية والإعلان عن بدء الترشيح للانتخابات وإجراءات الاقتراع،‮ ‬وإعلان النتيجة كلها تعتبر قرارات إدارية‮ ‬يختص بنظرها مجلس الدولة وحده‮.‬

وقال إن موضوع‮ »‬سيد قراره‮« ‬فإن مجاله‮ ‬،‮ ‬حددته المادة‮ »‬رقم ‮٩٣« ‬من الدستور التي‮ ‬تقرر اختصاص مجلس الشعب بتقرير صحة عضوية أعضائه‮ ‬،‮ ‬هذه المادة هي‮ ‬التي‮ ‬خلفت فرصة لمحاولات الخروج علي‮ ‬أحكام القانون والدستور،‮ ‬والامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء،‮ ‬الخاصة بالطعون الانتخابية،‮ ‬بيد أن هذه المادة تقرر أن مجلس الشعب‮ ‬يستقل بشئون أعضائه أخذاً‮ ‬بمبدأ فصل السلطات واستقلال كل سلطة‮. ‬بشئون أعضائها،‮ ‬فالسلطة القضائية لا تكون مستقلة إلا إذا كانت مستقلة في‮ ‬شئون أعضائها من تعيين وندب وترقية وفصل من الوظيفة ومع ذلك فإن هذا الاستقلال لايمنع خضوع كل سلطة من السلطات لرقابة القضاء،‮ ‬حتي‮ ‬بالنسبة للقرارات المتصلة بشـئون الأعضاء،‮ ‬فهي‮ ‬قرارات إدارية تخضع لرقابة القضاء‮.‬

ولذلك كان‮ ‬يجب علي‮ ‬المفسرين والمنفذين والمستشارين القانونيين أن‮ ‬يتبينوا الفرق الكبير بين سلطات مجلس الشعب في‮ ‬تقرير صحة العضوية،‮ ‬وسلطات القضاء الإداري‮ ‬في‮ ‬تقرير صحة أو عدم صحة جميع القرارات المتصلة بالانتخابات،‮ ‬وكان‮ ‬يجب أن‮ ‬يدرك الجميع،‮ ‬أن اختصاص مجلس الشعب‮ »‬سيد قراره‮« ‬محصور في‮ ‬التأكد من صحة عضوية الأعضاء الذين تم انتخابهم وحق إجراءات سليمة لم‮ ‬يصدر بشأنها أحكام قضائية،‮ ‬حيث إن إجراء الانتخابات أمر من اختصاص القضاء،‮ ‬أما التأكد من صحة عضوية الاعضاء فهو مسئولية المجلس،‮ ‬ويستوي‮ ‬في‮ ‬ذلك الأعضاء الذين قدمت ضدهم طعون،‮ ‬ومن لم تقدم ضدهم طعون أيضا‮.‬

وأضاف أن هذه الطعون التي‮ ‬بلغت‮ ‬1527‮ ‬طعناً،‮ ‬والتي‮ ‬شككت في‮ ‬صحة انتخابات‮ ‬غالبية أعضاء المجلس،‮ ‬تضع الدولة في‮ ‬مأزق وتضع التزاماً‮ ‬علي‮ ‬عاتق النظام،‮ ‬بضرورة حل المجلس وإعادة النظر في‮ ‬نظام الانتخابات بأكمله رفعا لهذا التضارب والتعارض بين أحكام القضاء وقرارات مجلس الشعب‮.‬

مجلس باطل

عبدالغفار شكر ـ عضو المكتب السياسي‮ ‬لحزب التجمع ـ أكد ان الأخطر من هذه الطعون،‮ ‬هو الاحكام الصادرة ببطلان الانتخابات في‮ ٩٨ ‬دائرة وهي‮ ‬احكام نهائية صادرة من المحكمة الإدارية العليا ببطلان الانتخابات،‮ ‬أي‮ ‬أن هناك ‮١٩٦ ‬نائباً‮ ‬صدرت ضدهم أحكام نهائية ببطلان عضويتهم في‮ ‬المجلس،‮ ‬ولكن المجلس‮ ‬يرفض تنفيذها‮.‬

واضاف أن كل هذا العدد من الطعون جاء بمثابه ضربة في‮ ‬مقتل للبرلمان المطعون في‮ ‬شرعيته من الاساس وشكوك في‮ ‬تمثيله للشعب المصري،‮ ‬حيث إن‮ ‬90٪‮ ‬من أعضائه‮ ‬ينتمون للحزب الحاكم سواء انتماء فعلياً‮ ‬أو مستقلين علي‮ ‬مبادئ الحزب الحاكم،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فإن هذا المجلس‮ ‬يشوبه البطلان حتي‮ ‬لو جاءت تقارير المحكمة إلي‮ ‬المجلس الذي‮ ‬سيرفض تنفيذها كالمعتاد‮.‬