بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

عندما سألوا مبارك في‮ ‬إيطاليا عن الرئيس القادم أجاب الله وحده‮ ‬يعلم‮.. ‬فماذا‮ ‬يقول بعد أحداث تونس؟

تنشر الوفد هذا العدد فصلا كاملا من كتاب‮ (‬الطريق إلي‮ ‬قصر العروبة‮) ‬للكاتب الصحفي‮ ‬محمد علي‮ ‬خير‮.. ‬وفي‮ ‬هذا الفصل‮ ‬يرسم الزميل‮ (‬خير‮) ‬ثلاثة سيناريوهات متوقعة لن‮ ‬يخرج عنها

تسمية الرئيس القادم لحكم مصر السنوات الست القادمة‮.. ‬كما‮ ‬يتوقع المؤلف إجراء تعديل دستوري‮ ‬يطال إحدي المادتين‮ ‬76‮ ‬أو‮ ‬77‮ ‬ويعدد أسباب هذا التعديل الذي‮ ‬يتوقع الكتاب حدوثه خلال الأسابيع القليلة القادمة‮.. ‬كتاب الطريق إلي‮ ‬قصر العروبة تم طرحه بالمكتبات منذ أيام وقدم له المفكر الكبير المستشار طارق البشري‮ ‬الذي‮ ‬كتب في‮ ‬مقدمته بأن هذا الكتاب سوف‮ ‬يدفعنا الي‮ ‬القلق الذي‮ ‬نحن بحاجة إليه‮.. ‬والوفد تنشر هذا الفصل بالاتفاق مع دار صفصافة الناشر للكتاب‮.‬
طوال ما‮ ‬يزيد علي نصف قرن‮.. ‬لم‮ ‬يعلم الشعب شيئا عن صحة رئيسه إلا بقدر ما‮ ‬يريد الرئيس أن‮ ‬يعرفه الشعب عن حالته الصحية‮.. ‬وقد تعاملت الدولة مع الحالة الصحية لرئيس الجمهورية باعتبارها أحد الأسرار العليا للنظام‮.. ‬ولم‮ ‬يشذ عن تلك القاعدة أحد من الرؤساء الأربعة للجمهورية المصرية منذ عهد محمد نجيب وعبدالناصر مرورا بأنور السادات وانتهاء بالرئيس مبارك‮.. ‬ولأسباب متعددة فقد جرت في‮ ‬النهر مياه كثيرة اضطر معها القصر الرئاسي‮ ‬أن‮ ‬يتغاضي‮ ‬قليلا عن تلك القاعدة مؤخرا‮.. ‬بعد أن ظل ما‮ ‬يقرب من ثلاثين عاما‮ - ‬مدة حكم الرئيس مبارك‮ - ‬لا‮ ‬يقدم للمواطنين ما سوف‮ ‬يطمئنهم علي صحة رئيسهم‮.. ‬لكن حدث استثناء عام‮ ‬2004‮ ‬ربما سيكون هو القاعدة فيما بعد وذلك عندما اضطر الرئيس مبارك الي‮ ‬السفر لألمانيا لإجراء عملية جراحية لإزالة الغضروف بين الفقرتين الرابعة الخامسة من العمود الفقري‮.. ‬وقتها حرصت رئاسة الجمهورية ووزارة الصحة المصرية ورئيس الفريق الألماني‮ ‬المعالج علي‮ ‬إصدار بيان‮ ‬يومي‮ ‬عن الحالة الصحية للرئيس مبارك‮.. ‬وماجري‮ ‬عام‮ ‬2004‮ ‬تكرر مثله في‮ ‬مارس‮ ‬2010‮ ‬عندما سافر الرئيس أيضا إلي‮ ‬المانيا لاستئصال المرارة وصدرت التقارير الطبية التي‮ ‬توضح مدي‮ ‬استقرار الحالة الصحية للرئيس‮.‬

في‮ ‬تلك الأثناء تداول المصريون في‮ ‬منتدياتهم ولقاءاتهم الحالة الصحية لرئيسهم باهتمام بالغ‮.. ‬فإذا كان‮ ‬65٪‮ ‬من عدد سكان مصر أقل من‮ ‬35‮ ‬عاما فهذا‮ ‬يعني‮ ‬أن ثلثي الشعب المصري‮ ‬لايعرفون رئيسا لهم سوي‮ ‬حسني‮ ‬مبارك‮.. ‬وهو شعور‮ ‬يتجاوز في‮ ‬معناه مفهوم الرئيس في‮ ‬النظام الجمهوري‮ ‬إلي‮ ‬ثقافة أخري‮ ‬يحل فيها الرئيس مكان الأب أو الراعي‮.. ‬والذي‮ ‬كان الرئيس الراحل السادات هو أول رئيس مصري‮ ‬جسد هذا المعني‮ ‬عندما أطلق علي‮ ‬نفسه لقب كبير العائلة المصرية‮.‬

وعندما تشغل الحالة الصحية للرئيس مبارك اهتمام المواطنين‮.. ‬فإن ذلك له ما‮ ‬يبرره خاصة أن العام‮ ‬2011‮ ‬سوف‮ ‬يشهد اجراء الانتخابات الرئاسية‮.. ‬ولا أحد‮ ‬يعلم حتي‮ ‬هذه اللحظة ما اذا كان مبارك سوف‮ ‬يعيد ترشيح نفسه لولاية سادسة أم لا‮.‬

في‮ ‬تلك الأثناء وكعادة المصريين سرت كثير من الشائعات أثناء إجراء الرئيس مبارك لعملية المرارة في‮ ‬ألمانيا‮.. ‬تمثلت الشائعة الأولي‮ ‬في‮ ‬تعيين نائبين لرئيس الجمهورية هما الفريق عمر سليمان مدير المخابرات المصرية والمشير حسين طنطاوي‮ ‬وزير الدفاع‮.. ‬ولم تصمد تلك الشائعة كثيرا‮.. ‬ثم انتشرت شائعة أخري‮ ‬مفادها تنحي‮ ‬الرئيس عن الحكم لظروفه الصحية وإجراء انتخابات رئاسية علي‮ ‬أن‮ ‬يكون جمال مبارك هو مرشح الحزب الحاكم‮.. ‬المفارقة في‮ ‬كل هذه الشائعات‮ - ‬والتي‮ ‬لم تصمد كثيرا‮ - ‬أنها أثبتت أن كل شيء‮ ‬يبدأ وينتهي‮ ‬عند الرئيس مبارك‮.. ‬مثلما ذكر لي‮ ‬أحد كبار مساعديه بأن مبارك هو الرئيس ومادونه مجرد مستشارين ليس أكثر‮.. ‬لذلك‮ ‬يعرف كبار المسئولين في‮ ‬الدولة المصرية أنه لا‮ ‬يجوز إصدار قرار كبير ومؤثر داخل الدولة دون إبلاغ‮ ‬الرئيس لمعرفة رأيه‮.‬

هنا‮ ‬يجب أن نتوقف لنعرف طبيعة نظام الحكم المصري‮ ‬السلطوي‮ ‬الذي‮ ‬يتمتع فيه رئيس الدولة بأكثر من‮ ‬67٪‮ ‬من إجمالي‮ ‬السلطات التي‮ ‬يمنحها الدستور للمسئولين بالدولة‮.‬

الحالة الصحية وترشيح مبارك

حسب مصادر مطلعة بالحزب الوطني‮ ‬فإن الرئيس مبارك هو المرشح الوحيد للحزب حتي‮ ‬الآن لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة لأنه لا‮ ‬يجوز‮ - ‬أو لا‮ ‬يجرؤ‮ - ‬لأحد أعضاء الهيئة العليا للحزب في‮ ‬الترشح لمنصب الرئاسة قبل أن‮ ‬يعلن مبارك موقفه‮.. ‬وسوف تحسم الحالة الصحية للرئيس موقفه وهو الذي‮ ‬سوف‮ ‬يقررها بنفسه فإذا شعر بتمتعه بحالة صحية جيدة فسوف‮ ‬يقرر خوض الانتخابات‮.. ‬ويدفعنا الحديث عن مرشحي‮ ‬الحزب الوطني‮ ‬المحتملين للرئاسة ألا نغفل وجود جمال مبارك أمين لجنة السياسات بالحزب ونجل الرئيس وحظوظه في‮ ‬الترشيح‮.‬

يجمع كثيرون ممن التقيتهم داخل الحزب أو الحكومة والذين تعاملوا وعملوا بشكل مستمر مع جمال مبارك علي‮ ‬تمتعه بذكاء حاد وقدرته العالية علي‮ ‬الاستيعاب والإلمام بتفاصيل الموضوعات التي‮ ‬يناقشها أو‮ ‬يطرحها كما أنه لايهتم فقط بالكليات أثناء عرض القضايا بل‮ ‬يغرق في‮ ‬أدق التفاصيل‮.. ‬كما أنه تنفيذي‮ ‬من الطراز الأول وحوله عدد كبير من المساعدين والرجل لديه رغبة دؤوب في‮ ‬التعلم ومستمع جيد‮ ‬يجيد فن الإنصات‮.. ‬وإذا كان ماسبق‮ ‬يصب في‮ ‬خانة الصفات الايجابية كما ذكرتها لي‮ ‬أكثر من شخصية تعاملت مع مبارك الابن عن قرب‮.. ‬لكن علي‮ ‬الجهة المقابلة سنجد أن جمال مبارك لايتمتع بكاريزما أو ما نطلق عليه في‮ ‬لهجتنا الدارجة بـ‮ "‬الطلة‮" ‬كما أنه لم‮ ‬يعش‮ ‬يوما واحدا مثل عشرات الملايين من المصريين ويعاني‮ ‬قسوة ظروف الحياة أو مثلما قال لي‮ ‬عضو بارز بالحكومة ذات مرة‮: ‬جمال لم‮ ‬يركب‮ ‬يوما الأتوبيس كما أن أصحابه من دائرته وهم مثله‮.. ‬والأهم من ذلك أن الرجل لم‮ ‬يختبر في‮ ‬قرار مصيري‮ ‬كبير فهو‮ ‬يساعد في‮ ‬تسيير دولاب العمل الاقتصادي‮ ‬بالحكومة ومعه جيش من المساعدين‮.. ‬وعندما حاولت البحث عن فرص ترشيح جمال مبارك لخوض الانتخابات الرئاسية‮.. ‬وهو ما تم وصفه وتعريفه إعلاميا بأنه توريث للحكم‮.. ‬فإنني‮ ‬التقيت ببعض الشخصيات التي‮ ‬تعمل في‮ ‬دائرة الحكم أو خرجت منه منذ فترة قليلة‮.. ‬وقد رأوا تضاؤل فرص تصعيد جمال مبارك للترشيح لرئاسة الجمهورية لأكثر من سبب‮.. ‬منها صغر سنه وهو عنصر مهم‮ - ‬من وجهة نظرهم‮ - ‬في‮ ‬تولي‮ ‬رئاسة الجمهورية كما أنه شخصية ليست عسكرية ومن الصعب موافقة المؤسسة العسكرية علي‮ ‬أن‮ ‬يكون رئيس الجمهورية القائد الأعلي‮ ‬للقوات المسلحة‮ -‬بحكم الدستور‮- ‬رجلا‮ ‬غير عسكري‮.. ‬ثم أين‮ ‬يذهب جمال أمام ذكاء صفوت الشريف ودهاء عمر سليمان وثقل المشير طنطاوي‮.‬

يبدو أن سيناريو التوريث الذي‮ ‬شغل الرأي‮ ‬العام ووسائل الاعلام بات قضية‮ ‬غير مطروحة داخل البيت الرئاسي‮ ‬وأغلب الظن أن الرئيس مبارك سوف‮ ‬يخوض الانتخابات القادمة‮.. ‬لكن ماذا لو لم‮ ‬يرشح مبارك نفسه‮..‬تذهب آراء كثيرة الي‮ ‬أن سيناريو‮ (‬وليد اللحظة‮) ‬هو الذي‮ ‬سيسود بشرط أن‮ ‬يكون للمؤسسة الصلبة كلمتها‮.‬

لكن حتي‮ ‬تلك اللحظة فالرئيس مبارك هو المرشح الأوفر حظا خاصة أن أداء الرجل بعد عودته من ألمانيا بعد إجراء عملية المرارة‮ ‬يؤكد هذا المعني‮ ‬والذي‮ ‬ظهر‮ ‬في‮ ‬خطاب الرئيس في‮ ‬عيد العمال‮.‬

خطاب الرئيس في‮ ‬عيد العمال

كانت المرة الأولي‮ ‬التي‮ ‬يلتقي‮ ‬فيها الرئيس مبارك بالمواطنين بعد تماثله للشفاء من عملية المرارة وكان ذلك في‮ ‬خطابه بمناسبة عيد العمال‮.. ‬كان قطاع كبير من المصريين‮ ‬ينتظر أن‮ ‬يحمل الخطاب جديدا‮.. ‬ولديهم أسبابهم لذلك‮:‬

1‮- ‬هذا أول خطاب عام‮ ‬يلقيه الرئيس مبارك بعد‮ ‬غياب شهرين‮.. ‬بسبب الظروف الصحية التي‮ ‬مر بها ثم أعقبتها العملية الجراحية التي‮ ‬أجراها الرئيس‮.‬

2‮-‬هناك حالة قلق عام لدي‮ ‬الشارع المصري‮ ‬علي‮ ‬الوضع الصحي‮ ‬للرئيس‮.. ‬وعلي‮ ‬حالة مصر الحاضرة ومستقبلها الغامض‮.. ‬وكان لدي‮ ‬غالبية المواطنين شعورا عاما بأن خطاب الرئيس سيحمل جديدا‮ ‬يطمئنهم علي‮ ‬مستقبل البلد‮.‬

3‮- ‬عندما عاد الرئيس من ألمانيا فقد استقر في‮ ‬شرم الشيخ‮.. ‬وهي‮ ‬في‮ ‬الوعي‮ ‬العام مدينة سياحية جميلة هادئة‮.. ‬لايشعر المقيم فيها بما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬القاهرة وبقية محافظات مصر‮.. ‬وما تموج به البلد‮ ‬يوميا من مظاهرات ذات مطالب سياسية أو احتجاجات عمالية‮.. ‬رغب كثيرون في‮ ‬التأكد أن الرئيس قد تابع ما جري‮ - ‬ويجري‮ - ‬علي‮ ‬أرض مصر‮.‬

4‮- ‬هناك حالة من الشوق العام للتغيير في‮ ‬نفوس‮ ‬غالبية المصريين‮.. ‬حده المعقول تغيير الدستور‮.. ‬يصاحبه تغيير حقيقي‮ ‬في‮ ‬الحالة السياسية الجامدة‮.. ‬رغم حالة السراب السياسي‮ ‬التي‮ ‬قد تخدع البعض‮.. ‬فيطلقون عليها حراكا سياسيا بسبب المظاهرات والاحتجاجات‮.‬

لكل ما سبق فقد استمع المواطنون لخطاب الرئيس‮.. ‬وتوقعوا أنه سيحمل جديدا لكن الإحباط كان شعور الكثيرين‮.. ‬فقد احتوي‮ ‬الخطاب علي‮ ‬معنيين‮.. ‬الأول هو التأكيد علي‮ ‬ضمان الدولة لحقوق العمال مع تفاؤل الرئيس بالاقتصاد المصري‮.. ‬مصدره التقارير التي‮ ‬رفعتها الحكومة ووزراء‮ ‬المجموعة الاقتصادية للرئيس‮. ‬والمعني‮ ‬الثاني‮ ‬حمل التأكيد علي‮ ‬نزاهة الانتخابات القادمة التشريعية أو الرئاسية‮.. ‬دون ضمانات تقدمها الدولة‮..‬وهي‮ ‬معاني‮ ‬جميلة تمني‮ ‬المواطنون مشاركة الرئيس تفاؤله بها لكنها تبعد عن الواقع‮.. ‬فالحالة العامة لعمال مصر اليوم لا تسر أحدا‮.. ‬أما الحديث عن الحالة السياسية وانتخابات نزيهة دون اشراف قضائي‮ ‬أو آليات تضمن نزاهتها‮.. ‬فهو كلام‮ ‬ينفيه واقع الحال‮.. ‬حيث سيتم تزوير الانتخابات أيا كانت تمنيات الرئيس فالماضي‮ ‬ينفي‮ ‬هذا التفاؤل‮.. ‬وقد أثبتت انتخابات الشوري‮ - ‬ثم انتخابات مجلس الشعب‮ - ‬ذلك بعد أن شهدت عمليات الانتخاب بها تزويرا فاضحا مما‮ ‬يدلل علي‮ ‬أن الحكم لن‮ ‬يغير من طبيعته أو عقيدته في‮ ‬الممارسة السياسية وأن ما‮ ‬ينطق به قادة الحزب الوطني‮ ‬من وجود ضمانات لنزاهة العملية الانتخابية هو محض خيال‮.‬

وإذا عدنا الي‮ ‬خطاب الرئيس في‮ ‬عيد العمال فإن ما قاله الرئيس لم‮ ‬يكن هو ما‮ ‬ينتظره المصريون من خطاب الرئيس‮.. ‬بل كانوا‮ ‬يريدون منه أن‮ ‬يطمئنهم علي‮ ‬مستقبل هذا البلد‮.. ‬ومستقبل الحكم فيه‮..‬وهل‮ ‬ينوي‮ ‬الترشح لفترة رئاسية سادسة أم أنه سيرشح شخصية أخري‮ ‬من الحزب الوطني‮ ‬وهل سيكون جمال أم لا‮.. ‬بدلا من الضبابية الحالية‮.. ‬كان المصريون‮ ‬يريدون تغييرا حقيقيا في‮ ‬سياسات الدولة التي‮ ‬تميل لصالح فئة قليلة تحتكر كل شيء علي‮ ‬حساب أغلبية مطحونة‮.‬

لماذا إحباط للمواطنين

اعتقد البعض أن الرئيس بصدد اتخاذ بعض القرارات المهمة والمؤثرة في‮ ‬حياة المصريين ومستقبل الحكم‮.. ‬مثل تعديل الدستور الذي‮ ‬تطالب به مختلف القوي‮ ‬السياسية‮.. ‬ورغم نفي‮ ‬بعض رجال الحكم وجود نية حالية لتعديل الدستور‮.. ‬حتي‮ ‬أن أحدهم قد ذكر أن التعديلات الدستورية ليست علي‮ ‬أجندة الحزب الوطني‮ ‬حتي‮ ‬موعد الانتخابات الرئاسية القادمة‮.. ‬لكن تلك التصريحات لن تمنع الرئيس من اجراء أية تعديلات دستورية اذا أراد‮.‬

وأهم مادتين‮ ‬يأمل قطاع كبير من المصريين تعديلهما هما المادة‮ ‬76‮ ‬والتي‮ ‬تتعلق بشروط الترشح للانتخابات الرئاسية‮.. ‬والمادة‮ ‬77‮ ‬التي‮ ‬تتعلق بمدة الحكم حيث‮ ‬يطالب كثيرون بتحديدها بفترتين‮.‬

وتبدو احتمالية تغيير المادتين معا مستبعدة حاليا والاتجاه هو تعديل احداهما والأرجح أن تكون المادة‮ ‬77‮ ‬وليست‮ ‬76‭.‬‮. ‬والسبب هو أن تعديل‮ ‬77‮ ‬بتحديد حكم الرئيس القادم بفترتين‮.. ‬ستكون جزرة الإغراء للنخب والقوي‮ ‬السياسية‮.. ‬مما‮ ‬يسمح بتمرير مرشح الحزب الحاكم دون معارضة قوية‮..‬طالما تم تحديد حكمه بفترتين‮.. ‬ثم بعد انتهاء ولايتي‮ ‬الرئيس القادم سيكون المجتمع أكثر قدرة علي‮ ‬تعديل المادة‮ ‬76‭.‬

صفوت الشريف وتعديل الدستور

تعديل الدستور‮ ‬يكاد‮ ‬يكون المطلب المشترك بين كافة عناصر القوي‮ ‬السياسية المصرية خاصة المادة‮ ‬76‮ ‬التي‮ ‬ضيقت الخناق علي‮ ‬الترشح لمنصب رئيس الجمهورية ورغم أن ظاهر تلك المادة قد فتح الباب أمام الجميع للترشيح لكن عند الممارسة الفعلية فلن‮ ‬يصعد للترشيح إلا من‮ ‬يرضي‮ ‬عنهم النظام وتحديدا للعب أدوار الكومبارس مثلما جري‮ ‬في‮ ‬الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام‮ ‬2005‭.‬‮. ‬وخلال الشهور الماضية سرت أقاويل حول وجود نية لدي‮ ‬الحكم لاجراء تعديلات رئاسية لكن قادة الحزب الحاكم نفوا وجود مثل هذه النية‮.‬

ونذكر هنا أنه في‮ ‬صيف‮ ‬2009‮ ‬انتشرت شائعة تفيد قرب صدور قرار رئاسي‮ ‬بحل مجلس الشعب وإجراء انتخابات تشريعية جديدة‮.. ‬وحددت الشائعة موعد حل البرلمان وأسباب القرار‮.. ‬وقتها وجد قادة الحزب الوطني‮ ‬أنفسهم أمام شائعة تكاد تصبح خبرا بسبب انتشارها‮.. ‬ثم بدأت قيادات الوطني‮ ‬تنفي‮ ‬الشائعة مثل‮: ‬مفيد شهاب وفتحي‮ ‬سرور وعلي‮ ‬الدين هلال‮.‬

وقتها كتبت منتقدا بعض الأفكار التي‮ ‬ينوي‮ ‬الحزب الوطني‮ ‬الترويج لها آنذاك‮.. ‬وبعد نشر المقال اتصل بي‮ ‬الأمين العام للحزب الوطني‮ ‬صفوت الشريف‮.. ‬وبعد أن قام بالتعليق علي‮ ‬ماكتبته‮.. ‬وجدتني‮ ‬أسأله مباشرة‮: ‬هل هناك نية حاليا لحل مجلس الشعب‮.. ‬وإذا كانت لا توجد فإن مايدور مجرد شائعة‮..‬فلماذا لايتم نفيها في‮ ‬مهدها؟ أجابني‮ ‬قائلا‮: (‬نفي‮ ‬أو تأكيد الشائعة‮ ‬يحمل مصادرة علي‮ ‬حق الرئيس في‮ ‬اتخاذ مايراه‮).. ‬رأيت فيما قاله رئيس الشوري‮ ‬وجهة نظر مقبولة لمن كان في‮ ‬موقعه‮.. ‬ولصدورها علي‮ ‬لسان أحد رجالات النظام‮.. ‬وحتي‮ ‬لو اختلفت معها لكنها تعبر بعمق عن الطريقة التي‮ ‬يتصرف بها كبار رجال الدولة مع الرئيس‮.. ‬وأنهم حال إثارة قضية ما تشغل حيزا من تفكير الشارع أو نخبته‮.. ‬فإنهم لايدلون من تلقاء أنفسهم بدلوهم فيها‮.. ‬إذ ربما قالوا رأيا خالف ماسيقوله الرئيس‮.. ‬لذا فانهم‮ ‬ينتظرون رأيه أولا‮.. ‬ثم‮ ‬يخرج كلامهم بعد ذلك‮..‬تأييدا لما قاله الرئيس مع الاشادة بحكمة القرار والترويج له‮.. ‬هذا هو حدود الدور الذي‮ ‬رسموه لأنفسهم أو الذي‮ ‬رسمه لهم نظام الحكم‮.‬

ما قاله صفوت الشريف لي‮.. ‬لم‮ ‬يكن رأيا عابرا من مسئول بارز بل

هو قناعات جميع قيادات الدولة‮.. ‬فلا صوت أو رأي‮ ‬يعلو‮ (‬أو‮ ‬يسبق‮) ‬رأي‮ ‬الرئيس‮.. ‬لذا فإننا عندما نقرأ رأيا منسوبا لأحد رجال الدولة حول قضية ما‮.. ‬لم‮ ‬يسبق للرئيس أن قال رأيه فيها صراحة فيجب أن نظن أن الرئيس قال لهم رأيه فيها وهم‮ ‬ينقلون عنه‮.. ‬لرغبة الرئيس بألا‮ ‬يخرج التصريح علي‮ ‬لسانه وربما لجس نبض الرأي‮ ‬العام‮.‬

كل ما سبق دار بخاطري‮ ‬وأنا أتابع التصريحات القاطعة والحاسمة التي‮ ‬أعلنها صفوت الشريف قرب نهاية العام الماضي‮.. ‬والتي‮ ‬نفي‮ ‬فيها وجود نية لإجراء أية تعديلات دستورية‮.. ‬عندما صدرت تصريحات الشريف تساءلت‮.. ‬ألا‮ ‬يحمل ما قاله رئيس الشوري‮ ‬قدرا من المصادرة علي‮ ‬حق الرئيس في‮ ‬إجراء تعديلات دستورية‮.. ‬بل ويتعارض مع ما قاله لي‮ ‬آنفا‮.. ‬وإذا كان ذلك كذلك‮.. ‬فلماذا قاله‮.. ‬خاصة أنه أحد كوادر الحكم‮.. ‬وهو الذي‮ ‬قال لي‮ ‬بعدم جواز المصادرة علي‮ ‬حق الرئيس في‮ ‬اتخاذ القرار‮.. ‬لكني‮ ‬عدت وقلت‮.. ‬رجل مثل الشريف لن‮ ‬يقول مثل هذا الكلام إلا بعد تأكده تماما أنه لاتوجد ثمة بادرة رئاسية لتغيير الدستور‮.. ‬وأن رئيس الشوري‮ ‬لن‮ ‬يغامر بموقعه من أجل تصريح أو رأي‮ ‬لم‮ ‬يحسبه بدقة‮.. ‬وطالما قالها الشريف،‮ ‬فإن الرئيس مبارك فعلا ليس لديه النية بتاتا في‮ ‬تعديل الدستور‮.‬

لكن تري‮ ‬لو فعلها الرئيس مبارك وقرر تعديل بعض مواد الدستور‮.. ‬ماذا سيقول صفوت الشريف وقتها؟

برنامج الرئيس في‮ ‬الانتخابات القادمة

نعرف أنه حتي‮ ‬الآن لايستطيع أحد داخل الحزب الوطني‮ ‬أو خارجه التكهن بحسم مسألة خوض مبارك الانتخابات الرئاسية القادمة أم لا‮.. ‬وأن كل ما‮ ‬يقال في‮ ‬هذا المجال هو مجرد تحليلات‮.. ‬فالرئيس لم‮ ‬يعلن رسميا موقفه حتي‮ ‬الآن‮.. ‬والأصوب مثلما ذكرت لي‮ ‬مصادر قريبة من دائرة الحكم أن مسألة ترشيح الرئيس سيحسمها تقدير مبارك لحالته الصحية‮.. ‬لكن هذا لايمنع رؤية الإشارات الصادرة عن بعض قيادات الدولة والتي‮ ‬تشير الي‮ ‬أن الرئيس مبارك سوف‮ ‬يخوض انتخابات الرئاسة القادمة‮.. ‬وهذا مايتم تداوله داخل المستويات العليا بالدولة والحزب الوطني‮.. ‬لست معنيا هنا بنفي‮ ‬أو تأكيد الخبر‮.. ‬كما أنني‮ ‬لست مع أو ضد مضمون الخبر مع افتراض صحته‮.. ‬لكن القراءة المتأنية لما‮ ‬يصدر عن الدولة من قرارات بعينها‮.. ‬يجعل قناعتنا بالخبر تكاد تكون صحيحة‮.. ‬خاصة بعد التصريح الواضح الذي‮ ‬قاله صفوت الشريف ونشرته الأهرام علي‮ ‬لسانه في‮ ‬أبريل‮ ‬2010‭.‬‮. ‬بأن الرئيس مبارك هو مرشح الحزب الوطني‮ ‬في‮ ‬انتخابات الرئاسة القادمة‮.‬

إذا صحت هذه التكهنات،‮ ‬فإن السؤال الذي‮ ‬ينبغي‮ ‬توجيهه هنا هو سيكون عن‮ ‬برنامج الرئيس الانتخابي‮ ‬في‮ ‬الانتخابات الرئاسية القادمة؟

دعك طبعا من البرنامج الرئاسي‮ ‬الحالي‮ ‬الذي‮ ‬تم ابتذاله علي‮ ‬ألسنة جميع العاملين بالدولة‮.. ‬بداية من رئيس الوزراء وانتهاء بأصغر موظف في‮ ‬أقصي‮ ‬نقطة نائية في‮ ‬صعيد مصر‮.. ‬عندما نسبوا كل مايجري‮ ‬علي‮ ‬أرض مصر‮.. ‬إلي‮ ‬أنه‮ ‬يأتي‮ ‬تنفيذا للبرنامج الانتخابي‮ ‬للرئيس‮..‬ويخشي‮ ‬البعض أن‮ ‬يكون رصف الطرقات وتطهير الترع وتسهيل الخدمات قد جاء ضمن هذا البرنامج‮.‬

يبدو هنا أن الرئيس مبارك علي‮ ‬وشك حسم قراره في‮ ‬مسألة ترشيحه‮.. ‬إن لم‮ ‬يكن قد حسمه فعلا‮.. ‬وأنه‮ ‬يفكر في‮ ‬الإعلان عن مشروع قومي‮ ‬كبير‮ ‬يشغل حيزا اعلاميا كبيرا‮.. ‬وأذكر هنا ماذكره لي‮ ‬أحد كبار مسئولي‮ ‬وزارة الري‮ ‬بأن قيادات الوزارة عندما عرضت مشروع توصيل مياه النيل الي‮ ‬الطريق الصحراوي‮ ‬فإن الرئيس مبارك قال لهم‮: ‬إن هذا المشروع سوف‮ ‬ينتقل بمصر الي‮ ‬مكانة جديدة ووصفه بالمشروع القومي‮.‬

تقديري‮ ‬أن هذا المشروع ليس كغيره من المشروعـات التقليدية التي‮ ‬تنفذهـا الحكومة‮.. ‬وإنمـا هو واحد من مجموعة مشروعـات من المتوقـع أن تتكـامل فيمـا بينهـا‮.. ‬لتشكل الركيزة الأسـاسية لبرنـامج الرئيس مبـارك الانتخـابي‮ ‬عـام‮ ‬2011‮ .‬

فهذا المشروع لا‮ ‬يمكن فصله بأي‮ ‬حـال عمـا أعلنته الحكومة‮.. ‬من نيتهـا إنشـاء مدينة مليونية في‮ ‬السـاحل الشمـالي‮.. ‬وأغلب الظن أن الوصلة الجديدة للنيل ستنتهي‮ ‬عند هذه المدينة‮.. ‬مثلما‮ ‬ينتهي‮ ‬فرعا النيل الحـاليان عند مدينتي‮ ‬رشيد ودميـاط‮.. ‬كذلك لا‮ ‬يمكن فصله عن مشروع تطوير نظـام الري‮ ‬في‮ ‬الوادي‮ ‬والدلتـا والذي‮ ‬يهدف الي‮ ‬توفيـر‮ ‬9‮ ‬مليارات متر مكعب من المياه اللازمة لتغذية الوصلة الجديدة‮.‬

الخلاصة أن توقيت تسويق هذه المشروعـات إعلاميـاً‮ ‬لم‮ ‬يحن بعد من وجهة صنـاع القرار‮.. ‬وأن مـا جـاء علي‮ ‬لسـان المسئولين حول هذه المشروعـات‮.. ‬إنمـا‮ ‬يأتـي‮ ‬في‮ ‬سياق إعداد الرأي‮ ‬العـام وتهيئته للحظة التي‮ ‬سيتم فيها الإعلان عن المشروع القومي‮ ‬الجديد‮.. ‬والذي‮ ‬سيغير شكـل ونوعية الحيـاة علي‮ ‬أرض مصر‮.. ‬وهو إعلان لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يأتي‮ ‬إلا علي‮ ‬لسـان رئيس الجمهورية‮.. ‬وفي‮ ‬التوقيت الذي‮ ‬يحقق أقصي‮ ‬استفـادة سياسية من المشروع‮.. ‬أي‮ ‬في‮ ‬العـام الحالي‮ ‬2011‭.‬‮.‬عام الانتخابات‮.‬

تبدو متابعة مايصدر علي‮ ‬لسان كبار قيادات الدولة حول الإعلان عن مشروعات جديدة‮.. ‬أو تدخل الرئيس مبارك بنفسه لحسم قضايا جماهيرية بعينها‮.. ‬مثلما جري‮ ‬في‮ ‬قضية الضرائب العقارية‮.. ‬سوف تمنحنا مهارة في‮ ‬التفريق بين ما‮ ‬يتم الاعلان عنه من مشروعات‮.. ‬وهل تأتي‮ ‬في‮ ‬إطار خطة العمل العادية بالدولة‮.. ‬أم تنفيذًا للبرنامج الانتخابي‮ ‬للرئيس عام‮ ‬2005‭.‬‮. ‬أم أنه سيدخل في‮ ‬اطار البرنامج الانتخابي‮ ‬للرئيس في‮ ‬الانتخابات القادمة‮.‬

اذا لم تنجح في‮ ‬تلك العملية‮.. ‬مش مهم وكان‮ ‬غيرك أشطر‮..‬لأن الدولة والرئيس والبرنامج الانتخابي‮ - ‬السابق أو اللاحق‮ - ‬أصبحوا جميعًا كيانًا واحدًا‮.‬

الرئيس القادم ليس مجهولا

‮ ‬كانت إيطاليا هي‮ ‬أول رحلة خارجية للرئيس مبارك بعد فترة النقاهة التي‮ ‬قضاها في‮ ‬شرم الشيخ بعد العملية الجراحية التي‮ ‬أجراها في‮ ‬المرارة وأثناء المؤتمر الصحفي‮ ‬الذي‮ ‬ضم الرئيسين المصري‮ ‬والإيطالي‮ ‬سأل صحفي‮ ‬ألماني‮ ‬الرئيس مبارك عمن سيخلفه‮.. ‬فجاءت إجابة الرئيس بشكل لم‮ ‬يتوقعه كثيرون‮.. ‬عندما أرجع الأمر كله الي‮ ‬علم الله‮.. ‬ونعم بالله‮.. ‬دعك هنا من أن الرئيس قد خلط الدين بالسياسة وهو ماينهانا عنه الحكم‮..‬ودعك أيضا من أن إجابة الرئيس ليست مقبولة لدي‮ ‬الغرب‮.. ‬الذي‮ ‬لا‮ ‬يستوعب كيف لدولة‮ ‬يبلغ‮ ‬تعدادها ثمانين مليون نسمة وتعج بالمشكلات الكثيرة ولديها استحقاق للانتخابات الرئاسية بعد أشهر‮.. ‬ورغم ذلك تبدو المسألة كلها في‮ ‬علم الغيب مثلما أجاب الرئيس‮.. ‬المؤكد أن الرئيس مبارك لم‮ ‬يناور أو‮ ‬يتجمل بل إنه قال الحقيقة رغم أنها صدمت البعض‮.‬

التعامل مع إجابة الرئيس من زاوية أخري‮ ‬تبتعد عن الغيبيات‮.. ‬وتعمل العقل والمنطق وقليلاً‮ ‬من الحساب‮.. ‬تضعنا أمام ثلاثة احتمالات هي‮ ‬كالتالي‮:‬

الأول‮: ‬وهو الاحتمال الأقرب الذي‮ ‬يقتنع به‮ ‬غالبية الشعب وقيادات الحزب الوطني‮ ‬ورجال الحكم‮.. ‬ويعتمد فكرة ترشيح مبارك لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة مرشحا عن الحزب الوطني‮.. ‬لكن الرئيس مبارك حتي‮ ‬هذه اللحظة لم‮ ‬يعلن رسمياً‮ ‬قراره بخوض تلك الانتخابات‮.. ‬وأغلب الظن أنه‮ ‬يدرس القرار بطريقته المعتادة في‮ ‬التفكير الطويل‮.. ‬ثم اعتماده المفاجأة كعنصر حاسم في‮ ‬غالبية قراراته‮.‬

الاحتمال الثاني‮: ‬يتعلق بترشيح أحد أعضاء الهيئة العليا بالحزب الوطني‮ ‬لخوض الانتخابات الرئاسية‮.. ‬إذا قرر مبارك عدم خوض الانتخابات‮.. ‬وبقراءة سريعة لأسماء الهيئة العليا للحزب سيبرز اسم جمال مبارك‮.. ‬كمرشح وافر الحظوظ‮..‬وهو احتمال تقابله صعوبات سبق توضيحها في‮ ‬بدايات هذا الفصل من الكتاب‮.‬

الاحتمال الثالث‮: ‬ينبني‮ ‬علي‮ ‬إجابة السؤال التالي‮: ‬ماذا لو قرر الرئيس عدم خوض الانتخابات الرئاسية القادمة‮.. ‬وفي‮ ‬نفس الوقت رفض ترشيح نجله لخوض الانتخابات‮.. ‬إذن لابد أن‮ ‬يكون لدي‮ ‬الرئيس مرشح‮ ‬يحتفظ باسمه ولا‮ ‬يريد أن‮ ‬يعلن عنه الآن،‮ ‬والمؤكد أنه من خارج الحزب‮.. ‬لكن تظهر مشكلة‮.. ‬أن هذا المرشح‮ - ‬حال وجوده‮ - ‬يجب أن‮ ‬يكون عضوا بالهيئة العليا للحزب الوطني‮ ‬حتي‮ ‬يمكن ترشيحه‮.. ‬قبل فتح باب الترشيح للانتخابات الرئاسية بعام واحد علي‮ ‬الأقل كما حدد الدستور إذا صح هذا الاحتمال‮.. ‬يبقي‮ ‬سؤال‮: ‬من هي‮ ‬تلك الشخصية التي‮ ‬لم‮ ‬يفصح الرئيس مبارك عنها حتي‮ ‬الآن‮.. ‬ثم ماذا لو لم‮ ‬يحسم الرئيس مبارك كل التساؤلات السابقة حتي‮ ‬منتصف‮ ‬يوليو القادم‮.. ‬واستقر في‮ ‬نهاية العام الحالي‮ ‬علي‮ ‬عدم خوض الانتخابات وكذلك نجله‮.. ‬ومن ثم قام بتزكية إحدي‮ ‬الشخصيات من خارج الحزب ودائرة الحكم‮.. ‬حيث ستظهر مشكلة مفادها أن تلك الشخصية المرشحة لا‮ ‬يمكنها أن تنضم للهيئة العليا بالحزب الوطني‮.. ‬وبالتالي‮ ‬خوض الانتخابات بصفته مرشح الحزب الوطني‮ ‬وفق المواعيد التي‮ ‬حددها الدستور‮.‬

وأغلب الظن أنه إذا جري‮ ‬ذلك فإن السيناريو المتوقع في‮ ‬تلك الحالة هو أن‮ ‬يخوض هذا المرشح الانتخابات الرئاسية مستقلاً‮.. ‬وسيأمر الرئيس مبارك كافة أعضاء حزبه بجميع المجالس المحلية والنيابية بمنح أصواتهم لهذا المرشح‮.. ‬حتي‮ ‬يحقق النص الدستوري‮ ‬كمرشح مستقل‮.. ‬وبعدها سوف‮ ‬يسميه الحزب مرشحًا له‮.. ‬وبعد نجاحه سيصبح رئيسا للحزب الوطني‮.. ‬لكن ماذا عن مبارك ووضعه حال تنفيذ السيناريو الأخير‮.. ‬ثم ما هو الاحتمال الأقرب للحدوث من بين الاحتمالات الثلاثة السابقة‮.. ‬الإجابة مثلما قال الرئيس في‮ ‬إيطاليا‮.. ‬الله وحده‮ ‬يعلم‮.‬