بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

15‮ ‬ألف شاب‮ .. ‬انتحروا في‮ ‬4‮ ‬سنوات

‮»‬الموت أفضل من البطالة‮ « .. ‬شعار رفعه ما‮ ‬يقرب من‮ ‬12‮ ‬ألف شاب خلال السنوات الماضية حيث لجأوا إما للانتحار عمداً‮ ‬أو‮ ‬غرقاً‮ ‬في‮ ‬مياه البحر بسبب الهجرة‮ ‬غير الشرعية هرباً‮ ‬من كابوس البطالة الذي‮ ‬يؤرقهم ليل نهار‮. ‬فقد تحولت حياة شباب مصر إلي‮ ‬جحيم بسبب شبح البطالة الذي‮ ‬يخيم عليها،‮ ‬فقد اكتشف هؤلاء الشباب أنهم أفنوا أعمارهم في‮ ‬التعليم ثم خرجوا إلي‮ ‬سوق العمل ليكتشفوا أن البطالة في‮ ‬انتظارهم فتحطمت أحلامهم علي‮ ‬صخرة البطالة،‮ ‬فلم‮ ‬يصبح لدي‮ ‬بعضهم سوي‮ ‬الانتحار،‮ ‬ليخلصهم من هذه المصير المظلم‮. ‬كل‮ ‬يوم تطالعنا الصحف بخبر عن انتحار شاب بسبب البطالة،‮ ‬آلاف الشباب راحوا ضحايا هذا الشبح الذي‮ ‬يهدد مستقبلهم‮. ‬واصبح‮ ‬يهدد حياتهم أيضا‮. ‬فقد تقدم الدكتور جمال زهران عضو مجلس الشعب السابق،‮ ‬باستجواب للمجلس في‮ ‬العام الماضي،‮ ‬كشف فيه عن أن هناك‮ ‬12‮ ‬ألف شاب انتحروا خلال‮ ‬4‮ ‬أعوام‮ »‬من عام‮ ‬2005‮ ‬وحتي‮ ‬2008‮« ‬بسبب البطالة وكان الاستجواب مقدما للدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء،‮ ‬ووزراء التجارة والصناعة والقوي‮ ‬العاملة والاستثمار والتنمية الإدارية‮. ‬حيث شهد عام‮ ‬2005‮ ‬انتحار‮ ‬1160‮ ‬شابا،‮ ‬وارتفع هذا العدد في‮ ‬عام‮ ‬2006‮ ‬إلي‮ ‬2355‮ ‬ثم إلي‮ ‬3700‮ ‬حالة عام‮ ‬2007،‮ ‬ثم تضاعف الرقم إلي‮ ‬6015‮ ‬شابا عام‮ ‬2008،‮ ‬لتصبح بذلك المحصلة النهائية إلي‮ ‬12‮ ‬ألف شاب،‮ ‬وأغلب حالات الانتحار كانت بسبب البطالة‮. ‬بينما كشفت إحصائية مركز الاحصاء والتعبئة التابع المجلس الوزراء،‮ ‬أن عدد المنتحرين من الشباب وصل إلي‮ ‬15‮ ‬ألف حالة خلال السنوات من‮ ‬2005‮ ‬وحتي‮ ‬2008،‮ ‬بخلاف عدد من انتحروا حتي‮ ‬نهائية عام2010‭.‬

انتحار‮ .. ‬عمداً

ظاهرة انتحار الشباب بسبب البطالة لم تكن وليدة السنوات الماضية فقط،‮ ‬وإنما شهد عام‮ ‬2003‮ ‬انتحار حوالي‮ ‬3‮ ‬آلاف شاب،‮ ‬وفقاً‮ ‬لإحصاءات وزارة الداخلية‮ ‬،‮ ‬معظمهم‮ ‬،‮ ‬يتجاوز عمره الـ‮ ‬40‮ ‬عاما،‮ ‬ومعظهم من العاطلين الذين لم‮ ‬يجدوا فرصة عمل،‮ ‬أو بسبب الفقر والعجز عن تلبية متطلبات الحياة‮. ‬وأشارت التقارير إلي‮ ‬أن ظاهرة الانتحار اصبحت منتشرة بين شباب مصر،‮ ‬سواء في‮ ‬المناطق الشعبية والفقيرة وحتي‮ ‬في‮ ‬المناطق الراقية،‮ ‬وأغلب هذه الحالات وقعت إما بالحرق،‮ ‬أو الغرق في‮ ‬مياه نهر النيل،‮ ‬أو بإلقاء أنفسهم من شرف منازلهم‮ .‬

ضحايا من الجنسين

إحصاءات المركز القوي‮ ‬للسموم التابع لجامعة القاهرة كشفت عن تزايد أعداد الشباب المنتحرين بسبب البطالة والعنوسة والفشل في‮ ‬تحقيق الأحلام‮ ‬،‮ ‬حيث أقدم‮ ‬2700‮ ‬فتاة علي‮ ‬الانتحار عام‮ ‬2007،‮ ‬بسبب العنوسة من بين‮ ‬3708‮ ‬حالات انتحار سجلها المركز،‮ ‬وأن عدد المنتحرات من الإناث جاء بنسبة‮ ‬68٪‮ ‬مقابل‮ ‬32٪‮ ‬للذكور،‮ ‬حيث تفضل الفتيات الانتحار بالسم أو تناول العقاقير مقابل الحرق للشباب من الذكور‮. ‬

القاهرة‮ .. ‬الأولي‮ ‬

محافظة القاهرة،‮ ‬تأتي‮ ‬في‮ ‬المركز الأول بين المحافظات التي‮ ‬ينتحر شبابها،‮ ‬حيث تمثل‮ ‬24٪‮ ‬من نسبة المنتحرين‮ ‬،‮ ‬تليها محافظة القليوبية،‮ ‬بنسبة‮ ‬19‭.‬5٪‮ ‬والجيزة بنسبة‮ ‬12٪‮ ‬بينما تساوت معها محافظة السويس في‮ ‬هذه النسبة‮.‬

أما أقل محافظات الجمهورية في‮ ‬حوادث الانتحار فكانت محافظتي‮ ‬أسيوط وسوهاج‮. ‬وبوجه عام أكدت الاحصاءات ارتفاع نسب الانتحار بين الذكور‮ ‬54٪‮ ‬مقابل‮ ‬46٪‮ ‬للإناث‮. ‬وأوضح التقرير أن أعمار المنتحرين تترواح بين‮ ‬22‮ ‬إلي‮ ‬35‮ ‬عاما النسبة‮ ‬60٪‮ ‬،‮ ‬أما الفئة العمرية فهي‮ ‬ما بين‮ ‬35‮ ‬و50عاماً‮. ‬

مآسي‮ ‬المنتحرين‮ ‬

حكايات المنتحرين قصص تدمي‮ ‬القلوب،‮ ‬أشهرها قصة الشاب‮ »‬أحمد‮« ‬الذي‮ ‬تقدم بأوراق التحاقه للعمل بوزارة الخارجية‮ ‬،‮ ‬ورغم أنه مستوفي‮ ‬كافة الشروط للعمل ويحمل مؤهلات عليا إلاّ‮ ‬أن طلبة قوبل بالرفض‮ ‬،‮ ‬لأنه‮ ‬ينتمي‮ ‬لأسرة إلي‮ ‬أسرة فقيرة،‮ ‬ونتيجة لفشله في‮ ‬تحقيق حلمه والبطالة التي‮ ‬يعاني‮ ‬منها رغم شهاداته المتعددة،‮ ‬ولم‮ ‬يجد أمامه سوي‮ ‬الانتحار شنقا ليتخلص من هذه الحياة‮. ‬واقعة أخري‮ ‬للشاب وليد سيد‮ ‬ـ‮ ‬38‮ ‬عاما ـ أب لفتاة عمرها‮ ‬3‮ ‬أعوام،‮

‬كان‮ ‬يعمل بإحدي‮ ‬الشركات التي‮ ‬قامت بفصله ضمن مجموعة من العاملين الذين تم فصلهم جماعياً،‮ ‬وزادت الخلافات بينه وبين زوجته،‮ ‬أمام مطالب الحياة وفشله في‮ ‬تدبير ثمن فستان العيد لابنته تناول الأب سم الفئران ليموت ويترك ابنته وزوجته وحيدتين تعانيان الفقر والمرض‮. ‬وعلي‮ ‬كوبري‮ ‬قصر النيل بالقاهرة قام الشاب عمرو موسي‮ ‬عبداللطيف ـ‮ ‬31‮ ‬سنة ـ بالانتحار شنقاً،‮ ‬حيث وجد رجال الشرطة جسده‮ ‬يتدلي‮ ‬أسفل الكوبري‮ ‬بسبب فشله في‮ ‬الحصول علي‮ ‬فرصة عمل تؤمن له الزواج من محبوبته التي‮ ‬عاش‮ ‬يحلم بالزواج منها،‮ ‬وبعدما فشل في‮ ‬الحصول علي‮ ‬فرصة عمل،‮ ‬لم‮ ‬يجد أمامه سوي‮ ‬الانتحار تاركا لها رسالة في‮ ‬جيبه‮. ‬أكد فيها أنه‮ ‬يفضل ترك الحياة علي‮ ‬أن‮ ‬يحيا هذه الحياة التعيسة بدون عمل أوحب‮. ‬وفي‮ ‬منطقة العجوزة بالقاهرة ألقي‮ ‬الشاب شريف محمود‮ ‬يوسف ـ‮ ‬34‮ ‬سنة ـ بنفسه من شرفة منزل بالدور الخامس،‮ ‬بسبب فشله في‮ ‬الحصول علي‮ ‬فرصة عمل رغم أنه خريج الجامعة الأمريكية وظل لمدة‮ ‬5‮ ‬سنوات كاملة،‮ ‬يبحث عن فرصة عمل،‮ ‬لم‮ ‬يجد أمامه سوي‮ ‬الانتحار هرباً‮ ‬من البطالة‮. ‬

انتحار جماعي

إذا كانت هذه الحالات حالات انتحار فردية‮ ‬،‮ ‬فضل اصحابها الموت علي‮ ‬العيش بدون عمل ولا أمل‮ ‬،‮ ‬فهناك حالات أشبه بالانتحار الجماعي،‮ ‬وهي‮ ‬تلك الحالات التي‮ ‬يتوجه فيها عشرات الشباب للبحر،‮ ‬أملاً‮ ‬في‮ ‬الوصول إلي‮ ‬شواطئ إيطاليا بحثاً‮ ‬عن فرصة عمل فيما‮ ‬يعرف بظاهرة الهجرة‮ ‬غير الشرعية ورغم أن هذا النوع من الانتحار،‮ ‬غير متعمد،‮ ‬إلا أن المخاطرة التي‮ ‬يلقي‮ ‬هؤلاء الشباب بأنفسهم فيها تجعلها أقرب لحالات الانتحار الجماعي،‮ ‬حيث‮ ‬يهرب هؤلاء الشباب في‮ ‬مراكب‮ ‬غير مؤهلة لحمل عدد من الشباب،‮ ‬وليس معهم أوراق ثبوتية وغالبا ما‮ ‬ينتهي‮ ‬الحال بهم إلي‮ ‬الموت‮ ‬غرقاً‮ ‬في‮ ‬البحر دون الوصول إلي‮ ‬الشواطئ الإيطالية‮. ‬ورغم أنه لا توجد إحصائية دقيقة بعدد من ماتوا في‮ ‬مياه البحر المتوسط،‮ ‬إلا أن الأرقام تؤكد أنهم كثيرون ويكفي‮ ‬أن تذكر‮ ‬غرق مركب واحدة وعلي‮ ‬متنها‮ ‬93‮ ‬شابا مصريا عام‮ ‬2008،‮ ‬ومصرع‮ ‬50‮ ‬شابا آخرين إثر‮ ‬غرق مركبهم قبالة السواحل الليبية في‮ ‬العام الماضي،‮ ‬وإنقاذ‮ ‬43‮ ‬من الغرق في‮ ‬عرض البحر‮. ‬

الغريب في‮ ‬الأمر أن بعضهم‮ ‬يلجأ للانتحار إذا تم ترحيله من إيطاليا،‮ ‬وهو أقدم عليه شاب مصري‮ ‬عاد بصحبة‮ ‬47‮ ‬شابا مرحلين من إيطاليا حيث تم ترحيلة وزملائه بسبب الهجرة‮ ‬غير الشرعية وفقد الشاب تحويشة العمر،‮ ‬فما كان منه إلا أن فكر في‮ ‬الإنتحار‮.‬