بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

الدراما تنبأت بتفجيرات الإسكندرية

تنبأت الدراما المصرية العام الماضي‮ ‬بتفجيرات كنيسة القديسين بالإسكندرية وحذر صناع الدراما من أن تدني‮ ‬مستوي‮ ‬المناهج التعليمية وقلة الموارد المالية للمدرسين هو السبب الرئيسي وراء تفشي‮ ‬الأفكار المتطرفة واغتيال

مبدأ قبول الآخر لدي‮ ‬الشباب والنشء علي‮ ‬السواء،‮ ‬وذلك في‮ ‬مسلسل‮ »‬قصة حب‮« ‬وفيلم‮ »‬الثلاثة‮ ‬يشتغلونها‮«‬،‮ ‬فقد تميز مسلسل‮ »‬قصة حب‮« ‬الذي‮ ‬أذيع في‮ ‬رمضان الماضي‮ ‬عن سواه من الأعمال المصرية والعربية التي‮ ‬ناقشت التطرف الديني،‮ ‬بالطريقة الهادئة والواقعية التي‮ ‬عالج بها هذه القضية،‮ ‬بعيداً‮ ‬عن الأسلوب الوعظي‮ ‬والخطابي،‮ ‬من خلال علاقة حب ربطت بين ناظر مدرسة ليبرالي‮ ‬وأم طالب أرملة منتقبة،‮ ‬ويعتبر هذا المسلسل من أفضل المسلسلات التي‮ ‬تطرقت إلي‮ ‬موضوع التطرف الديني‮ ‬كجزء من الحياة اليومية في‮ ‬المجتمع المصري.
‬إذ‮ ‬يصورها المسلسل ضمن خط درامي‮ ‬من بين عدة خطوط درامية أخري‮ ‬تلتقي‮ ‬في‮ ‬هذا العمل المتميز،‮ ‬الذي‮ ‬نافس علي‮ ‬مكانة متقدمة بين المسلسلات التي‮ ‬تم عرضها خلال شهر رمضان الماضي،‮ ‬فقد تميز عن‮ ‬غيره من المسلسلات التي‮ ‬تطرقت إلي‮ ‬موضوع التأثير الديني‮ ‬في‮ ‬الشارع المصري‮ ‬مثل‮: »‬الجماعة‮« ‬لمحمد‮ ‬ياسين تأليف وحيد حامد،‮ ‬و»الحارة‮« ‬لسامح عبدالعزيز،‮ ‬تأليف أحمد عبدالله،‮ ‬و»أهل كايرو‮« ‬لمحمد علي،‮ ‬تأليف بلال فضل،‮ ‬بأن المعالجة جاءت مسلسلة وهادئة،‮ ‬من خلال علاقة حب تجمع المتناقضين الليبرالي‮ ‬والديني،‮ ‬فمن خلال العلاقة التي‮ ‬تبدأ بين ناظر المدرسة الإعدادية المختلطة‮ ‬ياسين الحمزاوي‮ (‬الفنان السوري‮ ‬جمال سليمان‮)‬،‮ ‬ووالدة الطالب عبدالرحمن‮ »‬الأرملة المنتقبة‮« ‬رحمة عبدالرحمن‮ (‬بسمة‮) ‬التي‮ ‬قتل زوجها من التعذيب وتعرضت للتحقيق أكثر من مرة،‮ ‬يدخل المؤلف عالم التطرف الديني‮ ‬ويناقشه كحالة اجتماعية سياسية وبطريقة مغايرة عن الخطابة والصخب المرافقين لمسلسل‮ »‬الجماعة‮« ‬وبعض المشاهد في‮ ‬المسلسلات الأخري،‮ ‬ومن خلال التواصل بين الناظر وبين أم الطالب عبر الإنترنت،‮ ‬تنشأ علاقة تتطور إلي‮ ‬إعجاب،‮ ‬ثم إلي‮ ‬مشاعر مليئة بالحب‮. ‬ومن خلال الرسائل المتبادلة بين المتناقضين‮ ‬يظهر التمايز بين التدين وبين التطرف،‮ ‬فالتدين الشعبي‮ ‬البسيط المعارض للحكومة تمثله الأم المثقفة والدراسة للفلسفة،‮ ‬رغم أنها منتقبة،‮ ‬في‮ ‬حين‮ ‬يمثل ابنها حالة من التطرف تحت تأثيرات الوسط المحيط به من رجال دين بعضهم من أصدقاء والده المتوفي‮ ‬يتصاعد
الصراع بين تيار التدين وبين تيار التطرف وخلال هذين الخطين الدراميين،‮ ‬يتم الكشف عن تناقضات الطبقة المتوسطة من خلال عائلة حمزاوي‮ ‬بتنوع العلاقات التي‮ ‬تربطها وتربط أفرادها بالواقع المحيط بهم،‮ ‬بينما‮ ‬يتم تعرية التشدد والتطرف الديني‮ ‬من خلال الخط الذي‮ ‬تمثله العلاقات التي‮ ‬يقيمها ابن بسمة في‮ ‬أوساط المتطرفين،‮ ‬فيما تكشف بسمة وخالها عن الجانب المتدين في‮ ‬حدوده المعقولة بعيداً‮ ‬عن التطرف وبذلك رصد المسلسل معاناة الأسرة المصرية المتوسطة وفوق المتوسطة‮.

‬واستطاع المؤلف بحرفية شديدة أن‮ ‬يعالج المساحات الرمادية داخل البشر،‮ ‬ليضع أمام أعيننا أزماتنا الحقيقية في‮ ‬التعليم والتربية وتراجع القيم والمثل العليا بدون خطابة،‮ ‬إضافة إلي الإشارة إلي‮ ‬الدولة البوليسية بطريقة شديدة الذكاء بحيث لم تظهر شديدة الفجاجة ليدق المسلسل ناقوس الخطر حول انتشار التطرف في‮ ‬المدارس‮.

‬وهذا‮ ‬ينعكس أيضاً‮ ‬علي‮ ‬المدارس بكل مستوياتها وصولاً‮ ‬إلي‮ ‬الجامعات،‮ ‬وظاهرة انتشار الجماعات الإسلامية المتطرفة فيها نابعة من النظام التعليمي‮ ‬أساساً‮ ‬وعدم كفاءة المدرسين وإخلاصهم لوظيفتهم وتوجههم بدلاً‮ ‬من تربية الأطفال إلي الدروس الخصوصية ويقدم المسلسل كل هذه التناقضات بنكهة الواقع الذي‮ ‬نعيشه‮.‬

وقد تميز إلي‮ ‬حد كبير جمال سليمان،‮ ‬وبسمة،‮ ‬وسامي‮ ‬مغاوري،‮ ‬وحنان سليمان،‮ ‬وخالد سرحان،‮ ‬ومني‮ ‬هلا،‮ ‬وكارولين خليل،‮ ‬وأمير كرارة ولا ننسي‮ ‬إشادة الدكتور أحمد زكي‮ ‬بدر وزير التربية والتعليم بالعمل الذي‮ ‬وصفه بأنه مسلسل من لحم ودم ونموذج إيجابي‮ ‬يتمني‮ ‬الاقتضاء به في‮ ‬جميع المدارس سواء الحكومية أو الخاصة‮.‬