بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

المصريون‮ ‬يثورون بسبب كرة القدم أو الدين فقط

نكتة لاذعة تناقلها الكثيرون‮... ‬أن مسئولاً‮ ‬كبيراً‮ ‬تعجب من تحمل الشعب لكل البلاوي التي تحدث له،‮ ‬ولهذا استدعي كبير مساعديه وقال له‮ »‬الشعب دا‮ ‬غريب جداً‮.. ‬مابيزعلش أبداً‮«..

‬وقبل أن‮ ‬يجيب المساعد،‮ ‬عاجله المسئول قائلاً‮: ‬نفسي أشوف مواطن واحد‮ ‬يعترض علي أي حاجة بنعملها‮«.. ‬انحني المساعد أمام المسئول وقال بصوت خائف‮ »‬حاضر‮ ‬يا افندم‮.. ‬حاضر‮ ‬يا افندم‮«..‬

خرج المساعد وتصور أن الأمر بسيط،‮ ‬ولهذا أصدر قراره بقطع الكهرباء عن عموم الدولة وقال في نفسه لابد ان‮ ‬يعترض العشرات علي قطع الكهرباء‮..‬

وبالفعل تم قطع التيار الكهربي ولكن أحداً‮ ‬لم‮ ‬يعترض‮.. ‬قطعوا المياه عن الشعب كله ولم‮ ‬يعترض أحد‮.. ‬أصدروا قراراً‮ ‬بعدم مرور السيارات في الشارع وأن‮ ‬يذهب الجميع الي عملهم سيراً‮ ‬علي الأقدام،‮ ‬ولم‮ ‬يعترض أحد‮!‬

أسقط في‮ ‬يد مساعد المسئول الكبير وذهب رئيسه معلناً‮ ‬فشله فنهره الأخير وقال‮ »‬ياأخي أصدر قانون بضرب كل اللي‮ ‬يمشي في الشارع‮«.‬

وفوراً‮ ‬صدر القانون وخرج المسئول الكبير ومساعده،‮ ‬الي الشارع ليريا مواطناً‮ ‬يعترض‮.. ‬جابا الشوارع وشاهدا كل المارة‮ ‬يُضربون ولا‮ ‬يعترضون وبعد ساعات من اللف والدوران سمعا ان مواطناً‮ ‬صرخ معترضاً‮ ‬في أحد أطراف المدينة فاصطحب المسئول الكبير موكبه وتوجه مباشرة الي حيث‮ ‬يوجد المعترض الذي تم التحفظ عليه‮.‬

وبعد دقائق وصل المسئول الكبير الي المكان المحتجز به المعترض وقال له‮ »‬تعالي‮ ‬ياابني انت معترض فقال أيوه‮.. ‬معترض‮.. ‬فشعر المسئول أن حلمه تحقق ووجد بين أفراد شعبه من‮ ‬يعترض،‮ ‬وقبل أن‮ ‬يغرق المسئول في فرحه عاد وسأل المعترض‮: ‬طيب انت معترض علي إيه‮.. ‬فرد المعترض وهو خائف‮ ‬يرتعش‮« ‬مش معقول‮ ‬يافندم‮ ‬يكون الشارع اتجاهين وميبقاش فيه الا واحد بس‮ ‬يضرب الناس علي قفاهم لازم‮ ‬يافندم‮ ‬يكونوا اثنين‮.. ‬واحد‮ ‬يضرب‮ ‬الناس المتجهة شمال والتاني‮ ‬يضرب الناس اللي متجهة للجنوب وبكده‮ ‬يافندم نضرب بسرعة ونروح شغلنا دون تعطيل‮!..‬

النكتة لاذعة ولكنها تعبر عن أن أحداً‮ ‬لا‮ ‬يعترض علي ما‮ ‬يستوجب الاعتراض عليه‮.‬

وإذا كان المصريون علي مدي تاريخهم قد ثاروا من اجل الحرية أو الاستقلال أو الحق في حياة كريمة‮.. ‬وثاروا أيضاً‮ ‬ضد الظلم وضد الطغاة وضد البغاه وتقول كتب التاريخ ان المصري القديم ثار في عهد الفراغنة بسبب سوء الأحوال الاقتصادية مسجلاً‮ ‬بذلك أول ثورة عرفتها البشرية،‮ ‬والغريب ان هؤلاء المصريين خلال الثلاثين عاماً‮ ‬الأخيرة تعرضوا لأهوال دون أن‮ ‬يثور أو‮ ‬يغضب سوي بضعة آلاف من‮ »‬80‮« ‬مليون مصري‮.‬

زيف الحزب الحاكم ارادة الزمة،‮ ‬وزور كل انتخابات فلم‮ ‬يغضب سوي بضع آلاف‮.. ‬نهب المحظوظون ثوات مصر وأغرقوا البلاد في أزمات من كل شكل

ولون‮.. ‬والتهبت أسعار كل شيء‮.. ‬وصار الحصول علي رغيف خبز‮ ‬يحتاج الي خوض معركة بالأيدي والأسلحة البيضاء والرصاص أحياناً‮.. ‬ولم‮ ‬يثور سوي بضعة آلاف‮.‬

لم‮ ‬يجد ملايين الشباب فرص عمل فكان رد فعل البعض هو الفرارمن الوطن والبعض الآخر فضل الانتحار وفريق ثالث ارتضي بأن‮ ‬يضيع زهرة شبابه في المقاهي ولم‮ ‬يفكر هؤلاء أن‮ ‬يصرخوا ويسألوا‮: ‬لماذا تحرقنا نار البطالة بينما مليارات مصر‮ ‬ينهبها الناهبون‮.‬

المشهد من الخارج‮ ‬يوحي بأن المصريين لا‮ ‬يغضبون أبداً‮ ‬ولكن خبير الاجتماع السياسي د‮. ‬محمود مرتضي‮ ‬يؤكد أن العكس هو الصحيح ويقول‮ »‬المصريون كغيرهم من الشعوب‮ ‬يغضبون‮.‬

سألته‮: ‬ولكن للغضب امارات وعلامات لا نراها في المصريين‮.‬

‮** ‬فقال‮: ‬المصري‮ ‬يتحمل اكثر من أغلب شعوب الأرض وقدرته علي كبت‮ ‬غضبه لا تعني أبداً‮ ‬انه لا‮ ‬يغضب‮.‬

‮* ‬وهل‮ ‬يمكن لشعب أن‮ ‬يكبت‮ ‬غضبه لمدة‮ »‬33‮« ‬عاماً‮ ‬حيث كانت آخر هباته هي انتفاضة‮ ‬1977؟

‮** ‬الشعب لا‮ ‬يكبت‮ ‬غضبه،‮ ‬علي العكس هو‮ ‬ينفس‮ ‬غضبه أولاً‮ ‬بأول‮.‬

‮* ‬تقصد أن المصريين‮ ‬ينفسون‮ ‬غضبهم أولاً‮ ‬بأول‮.‬

‮** ‬بالضبط‮.‬

‮* ‬وكيف‮ ‬يتم ذلك؟

‮** ‬كل‮ ‬ينفس‮ ‬غضبه فيمن هم أدني منه‮.. ‬فالموظف الكبير‮ ‬يصب كل ما لديه من‮ ‬غضب علي رؤوس مرؤوسيه والموظف الأدني‮ ‬يصب‮ ‬غضبه علي من هم دونه درجة وظيفية،‮ ‬والرجال عموماً‮ ‬ينفسون‮ ‬غضبهم علي زوجاتهم وأولادهم وهكذا‮.. ‬ولهذا انتشرت جرائم القتل لأتفه الأسباب وانتشرت أمراض الضغط والسكر والكبت النفسي‮.‬

‮* ‬معني ذلك ان المصري‮ ‬ينفس‮ ‬غضبه بشكل شخصي كل فيمن هم دونه‮.‬

‮** ‬بالاضافة الي ذلك هناك قضيتان عامتان محوريتان‮ ‬ينفس فيهما أغلب المصريين‮ ‬غضبهم‮.‬

‮* ‬وما هما؟

‮** ‬كرة القدم والدين‮.‬

‮* ‬بمعني؟

‮** ‬بمعني أن المصريين مستعدون للثورة وقتال بعضهم بعضاً‮ ‬إما بسبب الدين أو كرة القدم فقط لاغير‮.‬