عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

كان الله فى عون المفاوض المصرى فى أزمة سد النهضة والممثل بالأساس فى جهاز وزارة الخارجية، وعلى رأسها وزير الخارجية سامح شكرى، فهو يواجه قضية بالغة التعقيد وخصما عنيدا ربما لم يواجهه من قبل، وحساسية بالغة فى التعامل مع ملف بمثل هذه الحيوية، سواء من قبل دولته التى هى مصر أو البيئة الإقليمية والدولية.

ورغم أننا، وغيرنا كتبنا كثيرا وكثيرا جدا عن الموضوع إلا ان إبداعات الطرف الإثيوبى لا تتوقف عن المماطلة والمراوغة وإطالة أمد الأزمة حتى يحقق هدف فرض أمر واقع ربما لا يملك معه الطرف الآخر -الذى هو القاهرة بالأساس والخرطوم- سوى التسليم بما تم وقبول الحد الادنى من المعروض عليهم بشأن مستقبل إدارة مياه النيل والتى هى حتى اللحظة مياه دولية عابرة لأكثر من دولة يجب التنسيق بشأن استغلالها بين الأطراف المختلفة، دون ان تكون فى حوزة دولة واحدة هى إثيوبيا فى حالتنا تلك.

تعجز العبارات والكلمات عن الإتيان بجديد، ولأن الأزمة تطل علينا برأسها بين حين وآخر، أو بالأحرى بين عام وآخر باعتبار أن فترة الاستعداد للملء والملء ذاته تكون ذروة الحدث، فإن المسألة من الصعب أن تمر مرور الكرام. صحيح أنها من المؤكد تشغل بال الدولة وتتابعها ليل نهار، ونهارا وليلا، خريفا وربيعا، صيفا وشتاء، ولكنها بالنسبة للمواطن المهتم تتخذ الطابع الموسمى.

من المؤكد أن الشخص العادى يجد نفسه يضرب أخماسا فى أسداس فى محاولة فهم ما يجرى، وهو معذور فى ذلك باعتبار أن المياه مسألة حياة أو موت. ومن المؤكد أنه رغم ذلك ينام قرير العين باعتبار أن له دولة لا تغفل الأزمة وتضعها نصب عينها وتبذل ما فى وسعها للتوصل إلى حل بشأنها.. ولكن لسان حال الجميع، مواطنا ودولة، يردد فى الوقت ذاته أن للصبر حدودا. يمكنك أن تلمس ذلك بسهولة من التصريحات التى أدلى بها سامح شكرى منذ ايام خلال لقائه مع نظيره الكينى، فشكرى اشار بدبلوماسيته المعهودة إلى استمرار المفاوضات حول سد النهضة لحوالى 10 سنوات، فى ظل عدم وجود رغبة إثيوبية للتوصل لاتفاق حول سد النهضة، ولسان حاله ربما يريد أن يقول: «لقد زهقنا».

تستطيع اذا لم تكن ملما بالقضية أن تدرك أسباب هذا الزهق المفترض اذا استمعت لوزير الخارجية المخضرم والمحنك، وشرحه للخطوات التى اتخذتها مصر للوصول إلى حل للأزمة.. من كلامه تدرك دون جهد أن مصر سعت لحل المشكلة من خلال جميع الأطراف.. واشتكت لـ«طوب الأرض».. مع امريكا تحدثنا، ومع أوربا تكلمنا، ومع الاتحاد الأفريقى تفاوضنا، ومع روسيا جلسنا، ومع مجلس الأمن عرضنا.. حاول أن تتخيل شيئا لم تفعله مصر ولن تجد!

المشكلة أنه حينما يريد من يمثل مصر أيا كان، بدءا من الرئيس السيسى مرورا بشكرى وانتهاء بأصغر ممثل للدولة، أن يشير إلى أن الأمور لا يمكن أن تمضى هكذا وأنه اذا لم نتوصل إلى حل فإن الدولة المصرية -كما قال وزير الخارجية- سوف تدافع عن مصالح شعبها وتتخذ من الإجراءات ما يقود إلى ذلك، تبدأ أديس ابابا بالصراخ والعويل بأن مصر تهددها وأنها ترفض التلويح بأى عمل عسكرى، رغم أن فكرة مثل هذا العمل لم ترد من قريب أو بعيد على لسان أى مسئول مصرى، ولكنها محاولة لخلط الأوراق ووضع مصر فى صورة الطرف الذى يلوح بالاعتداء.

فى النهاية شاء من شاء وأبى من أبى، فإن مصر لن تعطش، ولن يسمح أبناؤها لأحد ان يصل بهم إلى هذه المرحلة، ولكنها أزمة فرضت نفسها علينا.. وإنا إن شاء الله لقادرون على التعامل معها وحلها.. حمى الله مصر من كل سوء.

[email protected]