رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحرب الدائرة الآن بين روسيا وأوكرانيا.. وذلك الدمار والتسابق نحو استخدام السلاح بكل أنواعه.. وكل ما يحدث فى العالم من اضطراب وارتباك كبير فى اقتصاديات الدول والشعوب.. وكل هذا التوعد والوعيد بين القوى العظمى.. كل ذلك يشير إلى أن الإنسان المعاصر افتقد للقيم الإنسانية التى تحكمه.. لم يعد هناك أى سند أو ملاذ يرتكن إليه العالم المعاصر.. إنه عصر الغاب والأقوياء يأكلون الضعفاء.. كل هذا كان نيتشه الفيلسوف الألمانى قد تنبأ به وأشار إليه فى فلسفته، لكن المؤسف حقًا أنه لم يعد هناك من يلتفت إلى ما يقوله الفلاسفة لأننا فى الزمن الضنين.. حتى وإن التفتوا فإنهم غالبًا لا يفهمون وحتى لو فهموا فهم غير قادرين على إحداث أى تغيير أو أى إصلاح.. تلك هى الكارثة الفعلية الآن. فى كتاب جميل بعنوان (بحث الإنسان عن نفسه) لمؤلفه: رولوماى.. ترجمة: د. أسامة القفاش.

أعلن نيتشه عن أن علم القرن 19 قد صار مصنعًا وكان يخشى أن التقدم المذهل الذى يحرزه الإنسان فى التقنيات ولا يعادله تقدم مماثل فى الأخلاق وفهم الذات سيؤدى إلى عدمية. وأطلق تحذير تنبؤى حول ما سيحدث فى نهاية القرن العشرين وكتب مقالًا حول موت الإله. قصة مرعبة عن رجل مجنون يجرى لميدان القرية صارخًا «أين الله؟» ولأن الناس من حوله لم تكن تؤمن بالرب تضاحكوا قائلين ربما ذهب الرب فى رحلة أو هاجر. عندئذ صرخ المجنون «أين الله؟» وتابع سأقول لكم لقد قتلناه – أنا وأنت – لكن كيف فعلنا هذا؟ من أعطانا إسفنجة مسحنا بها كل الأفق؟ ماذا فعلنا عندما فككنا هذه الأرض من شمسها؟ إلى أين تتجه الآن؟ بعيدًا عن كل الشموس؟ ألا نسقط بلا انقطاع؟ للخلف وللجنب ومن قدام وفى كل اتجاه؟ هل عاد هناك فوق وتحت؟ ألا نخطئ كما لو كنا فى هاوية بلا قرار؟ ألا نحس بلفحة نفس الفراغ الخاوى؟ ألم يصير الجو أكثر برودة؟ ألا يخيم الليل البهيم ويتبعه ليل آخر بلا نهاية؟.. مات الله. وسيظل الإله ميتًا! ولقد قتلناه! هنا صمت المجنون ونظر مرة أخرى لجمهوره من المستمعين وظلوا أيضاً صامتين ونظروا إليه بدورهم عندئذ قال «لقد أتيت مبكرًا جدًا هذا الحديث الهائل ما زال فى طريقه إلينا. لا يدعو نيتشه للعودة إلى الإيمان التقليدى بالرب لكنه يشير لما يحدث عندما يفقد المجتمع مركز القيم لديه. وأن نبوءته قد تحققت! فهذا ما نراه من خلال المذابح والتقتيل والطعنات فى منتصف القرن العشرين كانت الأحداث الهائلة فى طريقها حاملة معها ليل مرعب من بربرية مخيفة خيم علينا عندما دمرت كل القيم الإنسانية والعبرانية المسيحية فى عصرنا.

ما معنى ذلك.. عندما نبتعد عن الرب تضيع منا القيم والمثل.. وساعتها يصبح كل شىء مباحًا، فالإنسان المعاصر قد ابتعد عن الرب بل أنكره، ولذلك أنت ترى كل ذلك من الدمار وسفك الدماء.. لقد أصبح الإنسان عدوًا لنفسه.. السبب أنه أمات الرب.. لقد اغترب الإنسان المعاصر عن الله وتلك هى الكارثة.. أى ابتعد عن القيم.. آن لنا أن نعيد تقييم واقعنا البائس.

 

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال

أكاديمية الفنون