رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

 

 

من المؤكد أن قرارات الرئيس السيسى التى أعلنها منذ أيام، بزيادة الأجور بمعدل لا يقل عن ألف جنيه، مع حزمة إجراءات حماية أخرى شملت أصحاب المعاشات ومستفيدى تكافل وكرامة، وزيادة حدود الإعفاء على ضريبة الدخل، هى قرارات جاءت فى توقيت هام وحرج واستجابة لأنين شعبى بسبب حالة الانفلات غير المسبوقة فى الأسعار.

ورغم أن تكلفة هذه القرارات ليست قليلة بل ستزيد الضغوط على الموازنة العامة، فإن البعض يرى أنها غير كافية مع استمرار صعود مؤشر التضخم، وأن الأسعار سوف تلتهم هذه الزيادة، ولن يشعر المواطن بأثرها الإيجابى على حياته، وأن هذه المليارات التى ستتكبدها الخزانة العامة سوف تصب فى نهاية المطاف فى جيوب حفنة من التجار والشبكات الاحتكارية التى تهيمن على تداول السلع واتاحتها وتسعيرها فى الأسواق.

وقد يكون هؤلاء البعض على حق فيما يعتقدون، لاسيما وأن تجارب عديدة سابقة لزيادة الأجور لم تسفر عن تحقيق النتائج المرجوة منها، بل إن الأسعار سجلت ارتفاعات غير مسبوقة بمجرد الإعلان عن مثل هذه الزيادات وقبل أن يحصل عليها الناس، وبالتالى الأمر أعم وأشمل من مجرد زيادة الأجور فى بلد يعانى اقتصاده من تشوهات هيكلية ويستهلك أكثر مما ينتج.

نحن بصراحة أمام صراع مفتوح ومستمر بين الأجور والأسعار، وفى كل مرة تنتصر الأسعار على اية زيادات فى الأجور مهما بلغت قيمتها، والناس تتمنى تثبيت الأجور والأسعار معا أى تحجيم التضخم إلى أقل مستوى ممكن، لكن هذا لا يحدث بطبيعة الحال سوى فى الاقتصادات المستقرة، أما وأن الاقتصاد المصرى يمر حاليا بمرحلة اضطراب وتعانى العملة المحلية من تدهور متواصل فإن انجاز هذا الهدف يبقى مستحيلا.

إذًا سوف تستمر معركة الأجور والأسعار فى مصر، وسوف يواصل التضخم ارتفاعه حسبما تتوقع تقارير مؤسسات دولية، كان أحدثها التقرير الصادر عن وكالة بلومبرج العالمية، والتى ترى أن التضخم سوف يصل إلى ذروته خلال شهر مارس الجارى وتحديدا فى الفترة التى تسبق شهر رمضان باعتباره موسما سنويا للاستهلاك الكبير.

سوف تستمر معركة الأجور والأسعار فى مصر طالما استمر الخلل الحادث فى خريطة الإنتاج، وطالما لا تذهب فوائض مدخرات الشعب لتأسيس مشاريع إنتاجية جديدة فى الصناعة والزراعة، وطالما استمر التركيز الحكومى على قطاع العقارات والتشييد.

وفى الحقيقة لابد أن تقود الدولة هذا التوجه فى المرحلة القادمة، وتعطى إشارات إيجابية للقطاع الخاص باهتمامها بالزراعة والصناعة، حتى يستطيع هذا القطاع الخاص أن يتبع الدولة وهو مطمئن، وأن تكون هناك تسهيلات وتيسيرات جادة لمن يعملون فى هذين المجالين، لأنه بدون ذلك سوف تستمر الأسعار فى التهام اية زيادات فى الأجور، وسوف تستمر معاناة الناس وعجزها عن تلبية احتياجاتها الأساسية.