رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تنمية سيناء حلم يتحقق

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

«أرض الفيروز وملتقى الأديان ونقطة لقاء إيزيس وأوزوريس»، اختلفت أسماؤها ولكنها كانت دائمًا وأبدًا جزءًا غاليًا من أرض مصر، فترابها مشبع بدماء الأبطال، ومن أجلها ضحت مصر بالغالى والنفيس من أجل اقتلاع جذور الإرهاب الذى عشش فيها، حيث استغلت الجماعات الإرهابية غياب مشروعات التنمية عن هذه الأرض الطيبة، ونمت كمرض خبيث بين ثناياها حتى نجحت الدولة فى دحرهم، وسعت لتحقيق حلم التنمية الذى انتظره أهالى سيناء لسنوات طويلة، وها هى بشائر الأمل تظهر وبدأت مشروعات التنمية تؤتى ثمارها.

فمنذ عودة أرض سيناء لحضن الوطن فى 25 أبريل عام 1982 وأهلها يعانون من عدم اهتمام الدولة بهم بالصورة الكافية، حيث كانت مشروعات التنمية مقصورة على بعض المناطق فقط، إضافة إلى عدم وجود تنوع فى مجالاتها، وغياب فرص العمل ومشروعات البنية التحتية، وعدم وجود صناعات ومناطق وتجمعات سكنية وزراعية كافية فى معظم مناطق سيناء، إلا أنه بعد القضاء على الإرهاب فى سيناء بدأت الدولة معركة من نوع جديد وهى معركة التنمية.. فهى السلاح الحقيقى لمواجهة الإرهاب من ناحية، وإحداث نهضة اقتصادية من ناحية أخرى، حيث استطاعت وزارة الإسكان من خلال الجهاز المركزى للتعمير تنفيذ أكثر من 462 مشروعًا تنمويًا داخل سيناء، وتشمل مشروعات سكنية وتنموية وطرقًا وخدمات ومرافق وكهرباء، بجانب مشروع التجلى الأعظم فوق أرض السلام بمنطقة سانت كاترين، الذى يأتى على رأس المشروعات الكبرى التى تشهدها سيناء فى الوقت الحالى، وهو المشروع الأكبر الذى يجمع الديانات السماوية فى منطقة واحدة، ويتميز بموقعه الفريد، ويتضمن المشروع «تطوير النزل البيئى، مصر سيناء – النزل البيئى الجديد – ساحة السلام – فندقًا جبليًا – مركز الزوار الجديد – المجمع الإدارى الجديد – تطوير المنطقة السياحية – تطوير مركز البلدة التراثية – تطوير منطقة البيوت البدوية – المنطقة السكنية الجديدة» بجانب شبكات الطرق والمرافق وأعمال الوقاية من السيول.

كما تم تنفيذ 18.8 ألف وحدة إسكان اجتماعى بتكلفة 3.3 مليار جنيه، كما تم تنفيذ 45 مشروعاً للتجمعات البدوية بإجمالى 4100 بيت بدوي، إلى جانب إنشاء 18 تجمعاً تنموياً بمحافظتى شمال وجنوب سيناء، كما يجرى تنفيذ 17 تجمعاً تنموياً، فضلاً عن أنه تم وجار إنشاء وتطوير 6 مدن جديدة أبرزها مدينة الإسماعيلية الجديدة على مساحة 2.8 ألف فدان، ومدينة سلام على مساحة 19 ألف فدان، ومدينة بئر العبدالجديدة على مساحة 2.7 ألف فدان.

 

فرص استثمارية واعدة

وفى مايو الماضى، أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية فى تقرير لها، عن حجم المشروعات المزمع تنفيذه الذى يصل إلى 152 مشروعًا، وأن قيمة الاستثمارات العامة الموجهة لمحافظة شمال سيناء بخطة عام 21/2022 تبلغ 6.2 مليار جنيه، منها افتتاح 3 مراكز بتكلفة 206.4 مليون جنيه لخدمة أكثر من 8800 شركة، فضلاً عن إطلاق 8 مشروعات ومناطق صناعية على خريطة الاستثمار الصناعى، بالإضافة إلى تمتع سيناء ومدن القناة بـ275 فرصة استثمارية على الخريطة الاستثمارية، فضلًا عن تمويل 42.5 ألف مشروع من جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بتكلفة نحو 1.8 مليار جنيه حتى فبراير 2022، بينما تم تمويل 5428 مشروعاً من المشروع القومى للتنمية المجتمعية والبشرية والمحلية «مشروعك» بتكلفة 749 مليون جنيه، الذى يوفر 38.4 ألف فرصة عمل حتى نهاية فبراير 2022، وكذلك الموافقة على تمويل 788 مشروعاً من صندوق التنمية المحلية بإجمالى استثمارات بلغ 5.5 مليون جنيه بشمال سيناء والإسماعيلية والسويس حتى منتصف أبريل 2022.

وبشأن جهود التنمية الزراعية بسيناء ومدن القناة تم تدشين مشروع تنمية سيناء والذى تصل المساحة الإجمالية له إلى 1.1 مليون فدان، منها 239 ألف فدان مساحة مزروعة حتى نهاية مارس 2022، كما تم إنشاء 18 تجمعاً زراعياً بإجمالى مستفيدين بلغ 2122 مستفيداً.

 

مشروعات الاستزراع السمكى

 

وعن أبرز مشروعات الاستزراع السمكى، تم تنفيذ أكثر من 9900 حوض ضمن مشروعى هيئة قناة السويس والفيروز للاستزراع السمكى، وتنمية بحيرة البردويل بشمال سيناء بتكلفة 120 مليون جنيه، وجار العمل على إنشاء 8 قرى للصيادين بتكلفة 3.5 مليار جنيه.

 

منظومة الرى

وعن تطوير منظومة الرى وحماية سيناء من أخطار السيول، فقد بلغ إجمالى ما تم إنهاؤه من الأراضى الجديدة ضمن المرحلة الأولى لمنظومة الرى الحديث فى شمال سيناء والإسماعيلية والسويس 95.7 ألف فدان، بالإضافة إلى إقامة 423 منشأة حماية من السيول بشمال وجنوب سيناء حتى ديسمبر 2021، وتأهيل وتبطين 86.5 كم من الترع فى محافظتى الإسماعيلية وبورسعيد.

 

شبكة النقل والسكك الحديدية

 

وعن جهود إقامة شبكة نقل عملاقة لربط سيناء ومدن القناة بالدلتا، من خلال مشروعات الطرق والأنفاق والكبارى العائمة، تم تنفيذ ورفع كفاءة 5000 كم من الطرق والأنفاق، فضلاً عن إنشاء 5 كبارٍ عائمة أعلى القناة. 

وفيما يتعلق بمشروعات المطارات، فقد تم إنشاء مطار البردويل الدولى على مساحة 320 ألف م3، بتكلفة 718 مليون جنيه، وتم تطوير ورفع كفاءة 6 مطارات، هى الطور، وطابا، وشرم الشيخ، والعريش، وبورسعيد، وسانت كاترين.

وفيما يخص مشروعات الموانئ البحرية والجافة، تم إنشاء وتطوير ورفع كفاءة 8 موانئ بحرية، أهمها ميناء نويبع بتكلفة تطوير 475 مليون جنيه، وميناء شرق بورسعيد بتكلفة تطوير 10 مليارات جنيه، بالإضافة إلى إنشاء وتطوير 4 موانئ برية وجافة وهى بدر الجاف، وطابا البرى، ورفح البرى، والعوجة، بإجمالى تكلفة نحو 200 مليون جنيه.

الكهرباء

وفيما يتعلق بمشروعات توفير الكهرباء لأهالى سيناء ومدن القناة، فقد تم توصيل التغذية الكهربائية لـ1.5 مليون مشترك حتى مارس 2022، كما بلغت تكلفة تطوير شبكات الكهرباء وتدعيمها نحو 3.5 مليار جنيه حتى عام 2022، كما تم تنفيذ 46 محطة تموين للسيارات بالغاز الطبيعى، فضلاً عن تنفيذ 6 مراكز لتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعى، إلى جانب توصيله إلى 216 ألف وحدة سكنية و3054 منشأة تجارية، وذلك حتى مارس 2022.

 

الخدمات الصحية

وعن جهود الدولة للارتقاء بالخدمات الصحية المقدمة لأهالى سيناء ومدن القناة، فقد استفاد 175.7 ألف مواطن من العلاج على نفقة الدولة بتكلفة 1.7 مليار جنيه حتى نهاية عام 2021، فضلاً عن إنشاء 42 مستشفى و214 مركزاً ووحدة صحية وتطويرها حتى مارس 2022، إلى جانب إنشاء مجمع السويس الطبى والذى يعد أضخم مجمع بشمال مصر، ومخزن استراتيجى للأدوية فى الريسة بالعريش.

 

منظومة التعليم الجديدة وبرامج الحماية الاجتماعية

 

أما عن جهود الدولة للارتقاء بمنظومة التعليم لأهالى سيناء ومدن القناة، فقد تم إنشاء 440 مدرسة وأكثر من 2000 فصلا، فضلاً عن إنشاء 61 مدرسة صناعية و19 مدرسة زراعية و39 مدرسة تجارية و6 مدارس فندقية، كما تم إنشاء 6 مدارس يابانية لأول مرة فى سيناء ومدن القناة، بالإضافة إلى إنشاء 3 مدارس تكنولوجيا تطبيقية، كما تم بدء الدراسة فعلياً فى جامعتين أهليتين وهما جامعة الملك سلمان الدولية وجامعة الجلالة الدولية، كما يجرى إنشاء جامعتين أهليتين هما جامعة شرق بورسعيد، وجامعة قناة السويس، وجارى إنشاء جامعة تكنولوجية بشرق بورسعيد لأول مرة، بالإضافة إلى أنه تم إنشاء 18 كلية جديدة بالجامعات الحكومية، وكذلك تم إنشاء جامعة شرم الشيخ الخاصة وتضم 9 كليات 

وعن جهود توفير برامج الحماية الاجتماعية لأهالى سيناء ومدن القناة، فقد استفادت 102 ألف أسرة من برنامج تكافل وكرامة حتى مارس 2022 بقيمة سنوية تبلغ 511.6 مليون جنيه، إلى جانب استفادة 2.1 مليون مستفيد من البطاقات التموينية، و2.6 مليون مستفيد من منظومة الخبز فى مارس 2022، ويصل عدد المشروعات التنموية بالمحافظة إلى 152 مشروعًا، فيما بلغت قيمة الاستثمارات العامة الموجهة لمحافظة شمال سيناء بخطة عام 21/2022 6,2 مليار جنيه، بنسبة زيادة 47% عن خطة عام 20/2021.

 

يد تقضى على الإرهاب وأخرى تبنى أرض الفيروز

أكد الدكتور أحمد مصطفى أستاذ إدارة الأعمال والخبير الاقتصادى أن الدولة وضعت سيناء على خارطة التنمية الشاملة والمُستدامة، وذلك ضمن خطة واضحة المعالم وغير مسبوقة لتعمير تلك المنطقة التى لها مكانة خاصة لدى المصريين وجعلها منطقة جاذبة للاستثمارات وللمستثمرين وكذلك للسُكان فى ظل رغبة الدولة فى الخروج من الوادى القديم وربط سيناء بمُحافظات بمصر من الدلتا إلى الصعيد، وذلك من خلال تنمية وتطوير محافظات القناة باعتبارها هى حلقة الوصل بين سيناء وباقى محافظات الجمهورية، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تنفيذ حزمة مشروعات قومية وتنموية عملاقة باستثمارات تخطت قيمتها 700 مليار جنيه وتزيد لتنمية سيناء ومدن القناة منذ عام 2014 تضمنت إنشاء مناطق ومجمعات صناعية وزراعية وتعدينية، ومجتمعات عمرانية حديثة، ومد الطرق والجسور والأنفاق، بالإضافة إلى الاهتمام ببناء الإنسان السيناوى وتوفير كل سبل العيش الكريم له على كافة الأصعدة صحياً وتعليمياً ومعيشياً، وذلك فى وقت كانت تتم فيه معارك قوات جيشنا العظيم بالتعاون مع شُرطتنا الباسلة ضد الإرهاب الغاشم الذى كان قد تفشى فى تلك البقعة الطاهرة من أرض الوطن بعد ثورة 25 من يناير، وذلك لتحقيق الهدف المنشود بدحر الإرهاب وتنمية سيناء باعتبارها بوابة مصر الشرقية ومطمع للغُزاه عبر كُل العصور، فالأمن والسلام والإستقرار من جهة والتنمية الشاملة والمُستدامة هُما وجهان لعملة واحدة

وأوضح «مصطفى» أن خُطة الدولة الطموحة تهدف لربط شبكات الطرق التى تقوم الدولة بتنفيذها على مستوى الجمهورية بمنطقة شبه جزيرة سيناء، حيث قامت الدولة فى إطار ذلك بتنفيذ 63 مشروعًا، بالإضافة إلى أنفاق قناة السويس، بجانب تطوير كوبرى الفردان وازدواجه على قناة السويس الجديدة، ومحور 30 يونيو الذى تم تنفيذه غرب قناة السويس، ومحور جنيفة، وإنشاء مطار البردويل الدول.

واختتم كلامه قائلًا: «كل تلك الإنجازات التى وصلت بلُغة الأرقام إلى حد الإعجاز عكست للعالم أجمع مدى الاستقرار والسلام اللذين تنعم بهما مصر وقوة مؤسساتها تحت قيادة سياسية رشيدة استطاعت أن تقتلع جذور الإرهاب وهى فى ذات الوقت تبنى وتحول منطقة ظلت لعهود طويلة بلا تنمية إلى منطقة أصبحت هى قاطرة النمو الاقتصادى المصرى لعقود طويلة قادمة مما كان له أكبر الأثر فى إشادات المُجتمع الدولى بما تحقق على أرض الفيروز».

 

الوعى السلاح الأول لمواجهة الإرهاب

 

«سيناء هى الأرض المباركة التى تجلى عليها الخالق عز وجل فهى موضع قدم الأنبياء وملتقى الأديان السماوية»، هكذا بدأت الباحثة فى الإرشاد النفسى والتربوى جامعة القاهرة، ريهام أحمد عبدالرحمن، حديثها عن أهمية سيناء، وانطلاقًا من هذه الأهمية الدينية والتاريخية لها.

قالت: شهدت سيناء فى الآونة الأخيرة العديد من مشروعات التنمية ومنها على سبيل المثال: تدعيم سياسة مصر بزيادة الرقعة الزراعية والإنتاج الزراعى، والاستفادة من مياه الصرف الصحى، بالإضافة إلى مشروعات التعدين والإنتاج الزراعى، وإقامة مرافق البنية التحتية من مدارس وجامعات وطرق ومستشفيات ووحدات صحية، ومحطات مياه وكهرباء، وربط سيناء بمحافظات الوادى والدلتا لإحداث الدمج الاجتماعى والاقتصادى والسياسى التى كانت من أبرز التحديات لإحداث التنمية المستدامة بسيناء.

ولفتت «عبدالرحمن»، إلى ضرورة توعية المواطنين بأهمية مشروعات التنمية، من حيث نشر الثقافة وغرس روح الانتماء داخل نفوس المواطنين وتشجيعهم على تقدير جهود التنمية المستدامة، وذلك من خلال إقامة الندوات التوعوية والجلسات النقاشية لإبراز دور الدولة فى مواجهة الإرهاب، ونشر الوعى بالدور الذى قامت به القوات المسلحة والشرطة فى استعادة الأمن ودحر سبل الإرهاب والجريمة، من خلال التصدى لمحاولات نشر الشائعات والفتن وتدمير عقول الشباب، وذكر الإنجازات والبطولات التى قامت بها قوات الأمن بمساعدة البدو لدحر الإرهاب واستكمال جهود التنمية.

وتابعت عبدالرحمن أنه لا يجب ألا ننسى دور المنظمات المدنية فى نشر التنمية المستدامة داخل ربوع سيناء، وذلك من خلال الاهتمام بتكثيف البرامج التوعوية الخاصة بالمرأة وقضايا الصحة والسكان، وتمكين المرأة البدوية والسيناوية اجتماعيًا وسياسيًا لتكون جزءًا أساسيًا وفعالًا فى عملية اتخاذ القرارات، واستغلال الطاقات البشرية فى أعمال التنمية وإتاحة فرص عمل جديدة للشباب والمرأة المعيلة، وتنمية المهارات الفنية ورفع الوعى الثقافى للنشء من خلال إقامة الندوات والتدريبات المتطورة بجامعات سيناء، وإقامة المشروعات التنموية لمساعدة الفقراء ومحدودى الدخل وعلاج المرضى، فضلًا عن دور الإعلام المرئى والمسموع فى الاهتمام بقضايا التنمية المستدامة.

أما عن العراقيل التى واجهت الدولة فى عملية إحداث التنمية المستدامة فى سيناء والتى استطاعت الدولة مواجهتها والتصدى لها فكان أهمها: التكلفة المادية والبشرية الضخمة لتنفيذ هذه المشروعات العملاقة، وعدم وجود وعى كامل من المواطنين بأهمية التنمية نظرًا لإهمال أهالى سيناء فى العقود الماضية وعدم الاهتمام بمشكلاتهم مما جعلهم فى معزل عن الآخرين، ووقوع بعضهم فريسة للأفكار المتطرفة والإرهابية، فالتحدى الفكرى من أصعب ما واجهته عمليات التنمية فى سيناء، بالإضافة إلى مشكلة نقص المياه التى تغلبت عليها الدولة بإنشاء سحارة سرابيوم التى يبلغ طولها ٤٠٠ متر والتى تعمل على نقل المياه أسفل قناة السويس الجديدة،

أما عن تأثير التنمية على المواطنين، فأشارت إلى أنها ستتيح توفير فرص العمل والحياة الكريمة للمواطنين، وستشعر المواطن بالانتماء وتقدير الذات من خلال مناخ تسوده الحرية والاستقرار والأمن والعدالة، واستغلال الثروات الموجودة فى هذه الأرض المباركة، وتحقيق التمكين الاقتصادى القائم على المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، والارتقاء بمستوى الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية، مما يؤثر على الصحة النفسية للمواطنين بالإيجاب.

 

قضية أمن قومي

تعتبر تنمية سيناء قضية أمنًا قوميًا لا مجال للتهاون فيها، لذا تسعى الدولة لإعادة صياغة شكل وملامح وأوجه الحياة على أرض الفيروز من خلال الاستفادة من كافة المقومات التى تتمتع بها واستغلالها بالشكل الأمثل، والحصول على نتائج اقتصادية تهم جموع الشعب المصرى.

وهو ما أكده الدكتور ياسر حسين سالم، المحاضر بالجامعات الخاصة والدوليه قائلًا: «انتقلت التنمية فى سيناء من الرغبة والطموح إلى الواقع مُنفتح الأفق على شكل مشروعات انتقلت بالخطط والبرامج من الأوراق إلى مواقع التنفيذ المُعزز بأضخم مُخصصات تمويل استطاعت مصر تدبيرها ارتباطاً

ببرنامجها الشامل للإصلاح الاقتصادى 2016/2019 وما تلاه من إصلاحات هيكلية، لافتًا إلى أن سيناء عبارة عن تنوع من التضاريس الجغرافية والثروات الطبيعية ومقومات السياحة الشاطئية، فضلاً عما تمتلكه من مقومات للسياحة التاريخية، والعلاجية، وغيرها من أنواع السياحة، خاصة أن مساحة سيناء تبلغ نحو 60088 كيلو متر مربع تمثل 6% من مساحة مصر، يسكن بها نحو مليون وخمسمائة ألف مواطن بما يُمثل أقل من 1,5% من سكان مصر، بالتالى فإننا أمام بقعة من أهم بقاع الوطن تحتوى على الكثير من الثروات، وتحتاج إلى المزيد من السكان، والاستثمارات لصناعة نموذج تنمية يخلق مشروعات توفر فرص عمل تجذب السكان للإقامة بها.

 

وأشار «سالم»، إلى أن مُحرك التنمية فى سيناء يتمثل فى ضخ الدولة لاستثمارات كبيرة فى مجال البنية التحتية والخدمية لتهيئة الأرض للحياة والاستثمار، مع تقديم باقة من الحوافز والضمانات التى تُشجع المُستثمرين على التوسع فى أنشطتهم بها، والتى تتعزز بما تُقدمه الدولة من حوافز وضمانات عامة للمُستثمرين، وميكنة للجهاز الإدارى، والانخراط فى تحالفات اقتصادية إقليمية ودولية، واندماج فى الاقتصاد العالمى والذى كان من نتائجه أن أصبحت مصر الوجهة الاستثمارية الأولى أفريقيا والاقتصاد الأكثر قدرة على امتصاص الصدمات إقليمياً بما ينعكس بالإيجاب على النشاط الاقتصادى فى مصر بصفة عامة، وفى سيناء بصفة خاصة كبقعة من أغنى وأنسب مناطق الاستثمار الواعد فى مصر والمنطقة.

وأكد أن التنمية بدأت منذ عام 2014، كأحد محاور تطبيق استراتيجية 2030 للتنمية المُستدامة لكل بقاع الدولة المصرية، وكان الانطلاق مواكباً لبرنامج الإصلاح الاقتصادى (2016/2019) الذى عزز من مالية الدولة المصرية بصورة جعلتها قادرة على تمويل تنفيذ استراتيجيتها التنموية، التى من خلالها تمت إعادة تطوير مُخططات تنمية سيناء ووضعها موضع التنفيذ فى تصميم من القيادة السياسية على إنجاز نموذج تنمية مُتكامل لتلك البقعة العزيزة من بقاع الوطن، فتم إدماج مشروع تنمية سيناء، مع مشروع تنمية محور قناة السويس بحيث يتم ضخ استثمارات هائلة فى مجال البنية التحتية وخلق مُبادرات التنمية المُحفزة للقطاع الخاص ليقوم بدوره فى صناعة التنمية، حيث إن مشروعات البنية التحتية لا تعد من المشروعات الرابحة الجاذبة للقطاع الخاص، ولكنها هى الأساس القادر على خلق بيئة جاذبة للاستثمارات الوطنية والدولية.

وتابع «سالم»، أنه خلال 8 سنوات تم إنفاق نحو 650 مليار جنيه فى الفترة من 2014/2022، وما زالت عملية ضخ الاستثمارات الحكومية مُستمرة فى مشروعات شملت كافة قطاعات التنمية من خلال استراتيجية مُتكاملة المحاور تجعل من سيناء قبلة للمُستثمرين والسكان، وقد تركزت تلك الاستراتيجية على عدة محاور أهمها توفير البنية الأساسية، والموارد المائية، وتعزيز ربط سيناء بباقى المحافظات، وخلق تجمعات سكنية واستثمارية تكون جاذبة للمُستثمرين والسكان، فاستراتيجية التنمية بسيناء حالياً تدعم قطاع السياحة وتعظم من قدراته، ولكنها تنطلق لتكون أكثر شمولاً لكافة قطاعات ومحاور التنمية فى مشروعات أصبحت واقعًا يعيشه المواطن فى سيناء على الأرض بصورة تفتح الأفق لمزيد من التنمية واضحة المُستهدفات.

وعن نتائج التنمية، أشار الخبير الاقتصادى إلى أنه بعد تطوير البنية التحتية بضخ استثمارات ضخمة تجاوزت نحو 10 مليارات جنيه فى مشروعات الكهرباء، تم تحقيق فائض يتجاوز 25%، وفى مجال مياه الشرب تم إنشاء مشروع مُتكامل لتطوير منظومة مياه الشرب بمدينة العريش بتكلفة نحو 42,5 مليون دولار، وإنشاء محطة تحلية كبرى بمدينة الطور بتكلفة تبلغ 550 مليون جنيه وتنفيذ 39 محطة تحلية أخرى، بواقع 24 محطة تحلية مياه البحر، و15 محطة تحلية مياه الآبار، بينما بلغت تكلفة تنفيذ 10 مشروعات صرف صحى بسيناء نحو 1.8 مليار جنيه، فضلاً عن تنفيذ مشروع صرف صحى متكامل بمدينة طور سيناء.

وفى قطاع خدمات الاتصالات بسيناء تم ربط 549 جهة من إجمالى 703 جهات فى منظومة التحول الرقمى بالدولة بمعدل إنجاز بلغ نحو 78%، بالإضافة إلى اعتماد الإصدار الأول لتطبيق الهواتف الذكية لمحافظة جنوب سيناء فى إطار التحول الرقمى. 

وفى سبيل التنمية الصناعية تم إنشاء خمس مناطق صناعية ببئر العبد، ووسط سيناء، وأبو زنيمة، والمساعيد، والقنطرة شرق، فضلاً عن إقامة منطقة صناعية جديدة بوسط سيناء على مساحة 78.4 ألف فدان، بالإضافة إلى البدء فى تنمية وتطوير المنطقة الصناعية بأبو زنيمة، فضلاً عن المناطق الصناعية بمحور تنمية قناة السويس الذى يضم 4 مناطق صناعية فى شرق بورسعيد، وشرق الإسماعيلية، والقنطرة غرب، والعين السخنة باستثمارات تجاوزت 18 مليار دولار، وقد تم تشييد وافتتاح مشروعات صناعية كبرى لتفتح الباب أمام مزيد من جذب الاستثمارات الصناعية مثل إقامة مصنع أسمنت بالعريش بطاقة إنتاجية تبلغ 7 ملايين طن سنوياً ومصنع تصنيع وتعبئة الأسماك بالقنطرة شرق بطاقة إنتاجية تبلغ 2500 طن سنوياً، ومجمع مصانع الرخام بجفجافة على مساحة 3 ملايين م2. وفى مجال المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر الموجهة لأهالى سيناء تم تمويل 8317 مشروعًا حتى نهاية فبراير 2021 بتكلفة بلغت نحو 469.3 مليون جنيه، بالإضافة إلى تمويل 814 مشروعاً من المشروع القومى للتنمية المجتمعية والبشرية والمحلية «مشروعك» بتكلفة بلغت 130.3 مليون جنيه.

وإذا كانت السياحة هى المحور الأول لتنمية سيناء مُنذ تحريرها، فقد استمرت استراتيجية تنمية سيناء الحالية فى تطوير هذا القطاع فتم إنشاء متحف شرم الشيخ بتكلفة بلغت 812 مليون جنيه، وتطوير وإعادة تأهيل حديقة السلام النباتية بمدينة شرم الشيخ ومحميات سانت كاترين، وتطوير مسار جبل موسى، كما تم إحياء مشروع مسار العائلة المقدسة الذى يبدأ من سيناء، وإطلاق مشروع «التجلى الأعظم» بسانت كاترين الذى يهدف لإنشاء مزار روحانى على الجبال المحيطة بالوادى المقدس والعديد من المشروعات الأخرى، فضلاً عن مُساندة المشروعات التى تضررت من تداعيات فيروس كورونا.

وقد واكب كل ذلك إقرار اتفاقية جديدة للبحث عن البترول بشمال سيناء، والإعلان عن اكتشافات جديدة للبترول بمنطقة أبورديس سدرى، ووضع الفرص الاستثمارية للثروة المعدنية بسيناء على الخارطة الاستثمارية، ومن المنتظر أن ترى الكثير من تلك الفرص النور فى الفترة القادمة.

وهكذا نجد أنفسنا أمام مشروع تنمية مُتكامل المحاور بدأت نتائجها فى الظهور فى صورة فرص عمل تم خلقها بمناسبة تنفيذ مشروعات البنية التحتية والخدمات وإدارتها وصيانتها

 

المواطن أولًا.. من هنا تبدأ التنمية

تنمية سيناء تعد طفرة يسطرها التاريخ ويقاس بها المعدل التنموى لدى الدولة خاصة وأن سيناء تعتبر تحديًا كبيرًا لما تمثله من تدرج تنموى يضعها فى محل مقارنة بين ما كان وما يحدث حاليًا، فهى تشكل بعدًا استراتيجيًا وأمنًا قوميًا للدولة لا يمكن التنازل عنه، ومن هنا بدأت فكرة التنمية من خلال المواطن السيناوى أولًا.

«إجمالى مشروعات وجهود التنمية التى تمت بسيناء خلال السنوات الأخيرة ضعف ما تمت بها عبر التاريخ، والميزانية المخصصة غير مسبوقة».. هذا ما أكده الدكتور اللواء عبدالوهاب الراعى أستاذ الإدارة بجامعة الدلتا والأكاديميات الشرطية والعسكرية، قائلًا: «إن جهود التنمية تلخصت فى مواجهة الإرهاب، والإنفاق، والاستصلاح الزراعى، وإنشاء مدن جديدة، ومشروعات تعليم وصحة وإسكان وطرق وكهرباء، ومشروعات صناعية وأغذية وسياحة، فضلًا عن الدور الملموس للدولة فى التعليم بمراحله المختلفة الهادفة والبناءة، التى من شأنها العمل على بناء الإنسان والسلوك والأمن الفكرى وتبنى قضايا المجتمع وواقع البيئة الحالية والمستقبلية.

 

وأكد «الراعى» أن الدولة بذلت كافة جهودها لتحقيق الأمن والاستقرار فى سيناء، لأنها بمثابة القلب النابض لجسد تنمية الدولة فى جميع المجالات، وتحويلها من منطقة أحداث أمنية لا سيما شمالها- إلى منطقة آمنة مستقرة ذات بنية أساسية جيدة، فهو أمر داعم بقوة للاستثمار المحلى والعربى والأجنبى، ويتواكب جغرافيًا ولوجستيًا مع المشروعات التنموية الضخمة الجارية بالمنطقة، مشيرًا إلى أن سياسة الدولة المصرية فى القضاء على الإرهاب بسيناء بالتوازى مع تنفيذ مشروعات تنموية مختلفة ضخمة أمر ليس باليسير فى أعراف واستراتيجيات التنمية المستدامة للدول.

وأشار الخبير الأمنى، إلى أن المجتمع البدوى الأصيل، هو الضلع الثالث فى مثلث نجاح الجيش والشرطة فى الحرب على الإرهاب، فقد تعاونوا مع القوات الأمنية والعسكرية لتحقيق تلك الانتصارات، مشددًا على أهمية استكمال جهود صناعة الوعى والتصدى لمحاولات نشر الزيف وتدمير العقول التى مازالت قوى التضليل التى لا تريد الخير لمصر تسعى لنشرها.

وعن التحديات التى واجهت الدولة، أكد الخبير الأمنى، أن هناك تحديات دولية منها الظروف الوبائية والمواجهات العالمية الكبرى الدائرة عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا وبؤر الصراع الإقليمى الكامنة والنشطة وغيرها، بالإضافة إلى ضعف الوعى ومشكلات الجهاز الإدارى والزيادة السكانية وغيرها من الممارسات، مؤكدًا على أن جميع تلك التحديات الدولية والداخلية هى عائق ضخم على مصر وأى دولة بالعالم بمثل ظروفنا، وهو ما حدث فعليًا فى بعض الدول، مشيرًا إلى أن إجمالى أداء سلطات الدولة فى ظل تلك المعطيات يعد جيدًا ويحظى بدعم وإشادة من المنظمات الدولية المعنية والدول الشقيقة والصديقة بالمقارنة بالدول ذات الظروف المتشابهة، مختتمًا كلامًه قائلًا: إن إعمار شبه جزيرة سيناء، يعتبر أحد التحديات التى تواجه الدولة ونجاحها فيه يؤكد قدرتها على تخطى الصعاب لتبدأ عهدًا جديدًا من التنمية والتطوير.